نصير شمه ينعى زياد الرحباني: “ستدمع الموسيقى، لكنها ستواصل المسيرة”

نصير شمه ينعى زياد الرحباني: “ستدمع الموسيقى، لكنها ستواصل المسيرة”

فقدت الأوساط الفنية والثقافية في لبنان والدول العربية، في الساعات الأولى من صباح اليوم، الفنان زياد الرحباني، أحد أبرز الوجوه الفنية والثقافية والسياسية في لبنان والعالم العربي.حالة من الحزن خلفها نبأ رحيل الرحباني، صباح اليوم، عن عمر ناهز التاسعة والستين، ترجمتها كلمات الرثاء والنعي، ومن بينها نعي الموسيقار العراقي نصير شمه، والذي نعى زياد الرحباني عبر حسابه الشخصي بـ”فيس بوك”، استهله بـ: “وداعًا زياد … وسط هذا الموت الكبير”.

زياد الرحباني كان يشبه هذا الشرق المتعب

وتابع “شمه”: رحل زياد، وفي القلب شيءٌ لا يُحتمل. كان صديقي، بل أكثر من ذلك: رفيق لحنٍ، ونقاشٍ، وضحكةٍ خافتة، ولحظات صمتٍ طويلة نعرف فيها كيف تتكلم الموسيقى حين تصمت الكلمات.زياد لم يكن فنانًا عاديًا، كان حالة فكرية، موسيقية، وجودية، كان يشبه هذا الشرق المتعب: يضحك وهو ينزف، يسخر وهو يحترق، يعزف وهو يختنق بصوته الداخلي. وفي آخر لقاء لنا، في بيت العود في أبو ظبي، كنت أشعر وكأن الزمن يوشك أن يتوقف قليلًا ليصغي إلى كل ذلك الإرهاق المختبئ خلف صوته، وإلى ما لم يقله، وهو كثير.واستطرد “شمه”: “رحيله الآن، في هذا التوقيت بالذات، ليس مجرد مصادفة، إنه صوت يغادرنا وسط الضجيج اليومي للموت في غزة، وفي فلسطين، وفي خرائطنا التي تآكلت بالخذلان، كأن الأرض العربية تمارس حزنًا جماعيًا لا يتوقف، وكأن زياد الذي لطالما عبّر عن سخطه وغضبه وأمله وألمه أراد أن يرحل في عزّ هذا الصمت الدولي، ليُكمل صرخته بطريقة أبدية. 

زياد الرحباني من القلائل الذين جدّدوا الأغنية اللبنانية المعاصرة

وأكد “شمه”: “زياد كان من القلائل الذين جدّدوا الأغنية اللبنانية المعاصرة، لا بمجرّد التوزيع الموسيقي أو الكلمة، بل بروحه المتمرّدة، بعينه الحادّة، بتلك المسافة الذكية التي وقف فيها دائمًا،لا على طرف السلطة، ولا على طرف الإنكار… بل في منتصف النزف. وله في مسيرة السيدة فيروز مقام لا يُمّحى لا فقط لأنه ابنها في الموسيقى، بل لأنه كان أحد الذين عبّروا عن وجدانها المعاصر، وجعلوا الصوت الفيروزي يتنفس أسئلة جديدة، حارقة، وحقيقية”.زياد الرحباني لم يكن غريبًا عن كل هذا الوجع، لكنّه هذه المرة غاب عنه، غاب جسده، أما صوته، فسيبقى مثل نغمة غير مكتملة، تسألنا كل يوم، لماذا ماتت قلوبنا قبل أن نموت؟.واختتم: “وداعًا يا صديقي.. الموسيقى ستبكيك، لكنها ستكمل الدرب، لأنك كنت دومًا مؤمنًا بأن اللحن لا يموت، حتى لو مات العالم من حوله”.