38 عامًا على رحيل توفيق الحكيم.. إليكم أهم أعماله الأدبية

38 عاما مرت على وفاة الأديب توفيق الحكيم، الذي رحل عن عالمنا في 26 يوليو لعام 1987 بالقاهرة، ويعد أحد أبرز رواد الرواية والكتابة المسرحية في الأدب العربي الحديث.وعلى مدار عقود من الإبداع، ترك الحكيم إرثًا أدبيًا وفنيًا شكل وجدان أجيال من القراء والمثقفين، ومثّل نقطة تحول في تطور الكتابة المسرحية والروائية في العالم العربي.
نشأة توفيق الحكيم
وُلد توفيق إسماعيل الحكيم عام 1898 بمدينة الإسكندرية، وينتمي لأسرة تجمع بين الجذور الريفية من ناحية الأب، والأصول التركية الأرستقراطية من ناحية الأم، وقد انعكست هذه الخلفية الاجتماعية المركبة على تكوينه النفسي والثقافي.عانى الحكيم في طفولته من العزلة التي فرضتها والدته، مما دفعه إلى الانغماس في عالمه الداخلي وتنمية خياله مبكرًا، وتلقى تعليمه في دمنهور والقاهرة، ودرس الحقوق، قبل أن يُبتعث إلى باريس لمتابعة دراساته العليا، وهناك انجذب إلى عالم المسرح والفنون أكثر من القانون.
الوظيفة والعمل العام
عاد الحكيم إلى مصر دون إتمام الدكتوراه، لكنه التحق بالعمل القضائي وبدأ حياته المهنية وكيلًا للنائب العام، ثم انتقل بين عدد من المناصب الإدارية المهمة، منها: مدير إدارة الموسيقى والمسرح بوزارة المعارف، مدير مصلحة الإرشاد الاجتماعي، مدير دار الكتب، ومندوب مصر في منظمة اليونسكو، كما شغل عضوية مجمع اللغة العربية، والمجلس الأعلى للفنون والآداب، وترأس المركز المصري للهيئة الدولية للمسرح.
ميلاده الأدبي.. من باريس إلى أهل الكهف
وبدأ الحكيم حياته الأدبية في سنوات دراسته، وكتب عدة مسرحيات مبكرة، ولكن الانطلاقة الكبرى جاءت عام 1933 مع نشر مسرحية “أهل الكهف”، والتي مثّلت تحولًا حاسمًا في المسرح العربي بمزجها بين الرمزية والواقعية، واستلهامها قصة دينية في قالب درامي حديث.وتواصل تألق الحكيم بعد ذلك في مسرحيات مثل “شهرزاد” و”براكسا” و”السلطان الحائر”، وغيرها، بالإضافة إلى رواياته الشهيرة مثل “عودة الروح” و”عصفور من الشرق” و”يوميات نائب في الأرياف”.
أسلوب توفيق الحكيم
امتاز أسلوب توفيق الحكيم بمزج الرمزية بالواقعية في إطار فلسفي يتسم بالبساطة والعمق في آن واحد، ولم يكن رمزه غامضًا، بل واضحًا وموحيًا، كما تميز أسلوبه بالدقة والتكثيف، وقدرته الفائقة على التصوير النفسي والاجتماعي، وتعدد مستويات الحوار بما يتلاءم مع شخصياته المختلفة.ومرت تجربة الحكيم الإبداعية بثلاث مراحل واضحة؛ “الأولى” كتب فيها أعماله الأولى مثل “أهل الكهف” و”عصفور من الشرق” و”عودة الروح”، وكانت عباراته فيها غير ناضجة تمامًا، لكنها حملت بذور أسلوبه الخاص.و”الثانية” شهدت تطورًا في اللغة والتعبير، وظهرت خلالها مسرحيات مثل “شهرزاد”، و”الخروج من الجنة”، و”رصاصة في القلب”، أما المرحلة الثالثة: بلغ فيها قمة النضج الفني، وكتب خلالها “نهر الجنون”، و”براكسا”، و”سلطان الظلام”، ومسرحيات أخرى تنم عن عمق فكري وفني.
أبرز مؤلفات توفيق الحكيم
وتنوعت أعمال توفيق الحكيم بين الرواية والمسرح والمقال والدراسات الفكرية والسير الذاتية، مما جعله أحد أكثر الكُتّاب العرب إنتاجًا وتأثيرًا، وقد شكّلت مؤلفاته علامات فارقة في تطور الأدب العربي الحديث، وامتازت بقدرتها على المزج بين العمق الفكري والأسلوب الفني الراقي.الروايات
كتب الحكيم عددًا من الروايات التي لا تزال تحظى بمكانة مرموقة في المكتبة العربية، أبرزها رواية “عودة الروح” (1933) التي عدّها كثيرون بمثابة شرارة مهّدت لثورة 1919، و”عصفور من الشرق” (1938) التي عكست تجربته الثقافية في باريس وصراعه النفسي بين الشرق والغرب، و”حمار الحكيم” (1940) التي قدّم فيها سردًا ساخرًا وحكيمًا عن الحياة، كما كتب أيضًا “يوميات نائب في الأرياف” (1937)، وهي رواية توثق تجربته العملية في السلك القضائي، و”الرباط المقدس” (1944) التي ناقشت قضايا الزواج والخيانة بأسلوب درامي رصين.المسرحيات
ويعد توفيق الحكيم الأب الروحي للمسرح العربي، ومن أبرز أعماله المسرحية: “أهل الكهف” (1933) التي شكّلت تحولًا في شكل المسرح العربي نحو الرمزية، و”شهرزاد” (1934)، و”السلطان الحائر” (1960) التي تناولت صراع السلطة والضمير، و”يا طالع الشجرة” (1962) التي جمعت بين الواقعية والفلسفة، و”مصير صرصار” (1966) التي تعد من أبرز نماذج مسرح العبث، إلى جانب مسرحية “الحمير” (1975)، كما كتب أيضًا أعمالًا أخرى مثل “إيزيس”، و”الصفقة”، و”لعبة الموت”، و”براكسا”، و”سليمان الحكيم”، و”الملك أوديب”، وغيرها، التي جسّدت اهتمامه بالفكر والأسطورة والتاريخ.القصص والمقالات والدراسات
امتدت كتاباته إلى المقال والقصة القصيرة والدراسات الفكرية، حيث نشر مقالات متميزة في كتب مثل “تحت شمس الفكر”، و”حماري قال لي”، و”فن الأدب”، كما قدم رؤاه الفكرية في كتب مثل “التعادلية” (1955) التي دعا فيها إلى التوازن بين الفرد والمجتمع، و”حديث مع الكوكب” (1974)، و”الأحاديث الأربعة” (1983) التي تطرّق فيها إلى قضايا الإنسان والوجود والفكر الديني.السير الذاتية والذكريات
وسجل الحكيم تجربته الشخصية في عدد من السير الذاتية التي عكست مراحله الحياتية والفكرية المختلفة، منها “زهرة العمر” (1943) و”سجن العمر” (1964) اللتان وثقتا جوانب من شبابه وتجربته في باريس، و”عودة الوعي” (1974) و”في طريق عودة الوعي” (1975) و”مصر بين عهدين” (1983) التي جاءت ضمن مراجعاته السياسية وتقييمه لفترة ما بعد ثورة يوليو، مما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية آنذاك.