مخاوف أوروبية بشأن الاتفاق التجاري المنتظر مع الولايات المتحدة الأمريكية

توشك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على التوصل إلى اتفاق تجاري هو الأوسع منذ أكثر من عقد، يتضمن فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على معظم الواردات من الكتلة الأوروبية، في خطوة أثارت قلقًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية داخل أوروبا، خاصة مع احتفاظ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحق النقض النهائي للاتفاق.
تقارب مع اتفاق طوكيو
بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، فإن التعريفة الجمركية الجديدة تعكس إلى حد بعيد الاتفاق الأخير بين واشنطن وطوكيو، إذ ستُطبَّق على معظم السلع، مع استثناءات محدودة تشمل الطائرات والأجهزة الطبية.
كما أبدى الاتحاد الأوروبي مرونة إضافية بهدف إتمام الصفقة، إذ عرض خفض “معدل الدولة الأكثر رعاية” (MFN) البالغ حاليًا 4.8% إلى الصفر لبعض المنتجات المختارة.
بريطانيا تتفوق وألمانيا تتضرر
وإذا ما تم اعتماد الاتفاق، فسيُنظر إليه على أنه صفقة أقل تفضيلًا من تلك التي حصلت عليها المملكة المتحدة، والتي أقرت تعريفة أساسية بنسبة 10% فقط، والقطاع الأكثر تضررًا سيكون صناعة السيارات الألمانية، التي تواجه انتقالًا من تعريفات 2.75% إلى 15%، رغم أنها تُعدّ أقل من التعريفة المرتفعة البالغة 27.5% التي كانت مطبقة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.في سياق آخر، تجري مناقشات حول استثناءات أو تخفيضات إضافية على الرسوم المفروضة على المشروبات الروحية، في خطوة قد يستفيد منها مصدرو الكونياك الأوروبيون والبوربون الأميركيون على حد سواء.وأشارت المصادر إلى أن التعريفة الجمركية الجديدة ستشمل معدل “MFN” ولن تُضاف إليه، ما يطمئن قطاعات عدة إلى عدم مضاعفة الأعباء الجمركية.وفي حال رفض ترامب التوقيع على الاتفاق، يبدو أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتوجيه ضربة اقتصادية مضادة.
وهدد بفرض رسوم بقيمة 100 مليار يورو على منتجات أميركية تشمل طائرات بوينغ والويسكي، وهو ما يعادل معدل التعريفة البالغة 30% التي لوّح بها ترامب قبل عشرة أيام.
وقد يُقر هذا الإجراء رسميًا في اجتماع لجنة الحواجز التجارية بمجلس الاتحاد الأوروبي غدًا الخميس.بجانب ذلك، ناقش دبلوماسيون أوروبيون إمكانية تفعيل قانون جديد يُعرف باسم “أداة مكافحة الإكراه”، يسمح للاتحاد بفرض قيود على التجارة والخدمات، بما يشمل حظر خدمات التكنولوجيا الأميركية، في ما وصف بأنه “الردع النووي الاقتصادي”.
ورغم أن تنفيذ هذا القانون قد يستغرق عامًا، إلا أن فرنسا طالبت بتطبيقه الفوري، في محاولة لإظهار موقف حازم أمام واشنطن.وفي بيان صدر الأربعاء، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها تعمل على دمج قائمتين من المنتجات الأميركية تم إعدادهما سلفًا ضمن حزمة الرد الانتقامي، ما يعكس تصعيدًا تحضيريًا لمواجهة محتملة في حال فشل الصفقة.بين التصعيد التجاري والبحث عن توازن جديد في العلاقات عبر الأطلسي، تجد أوروبا نفسها أمام خيارين: صفقة تُجنّبها الأسوأ لكنها أقل من التطلعات، أو مواجهة مفتوحة مع إدارة ترامب قد تدفع الاقتصاد الأوروبي إلى دوامة جديدة من المواجهات الجمركية المعقدة.