معهد التخطيط: 1.3 مليون مسنّ يعملون دون حماية… والنساء هن الأكثر تعرضاً للخطر

حذرت الدكتورة هويدا عدلي، أستاذ زائر بمعهد التخطيط القومي، من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي قد تترتب على دخول مصر طور الشيخوخة السكانية، مؤكدة أن البلاد تواجه تحديات متراكمة تستدعي استجابة سياسية عاجلة وشاملة تضمن الحماية والرعاية والتمكين لكبار السن.
الحماية الاجتماعية لكبار السن
جاء ذلك في إطار مناقشة معهد التخطيط القومي لسياسات الحماية الاجتماعية لكبار السن، ضمن حلقة جديدة من حلقات “سلسلة أوراق السياسات”، والتي تناولت التحديات المرتبطة بتسارع التغيرات السكانية، والحاجة إلى تطوير سياسات متكاملة لرعاية كبار السن صحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.وقالت د. هويدا، إن من أبرز مظاهر هذه التحديات ارتفاع نسب الإعالة الصغرى والكبرى، حيث زادت نسبة الإعالة الصغرى (السكان أقل من 15 سنة إلى السكان في سن العمل 15-64 عامًا) من 51% عام 2011 إلى 55% عام 2021، كما ارتفعت نسبة الإعالة الكبرى (السكان 65 عامًا فأكثر إلى السكان في سن العمل) من 6% إلى 8% خلال الفترة ذاتها، وفقًا للاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023.
تحديات اندماج المسنين
أشارت د. هويدا أيضًا إلى أن ارتفاع معدلات الأمية بين كبار السن يمثل عائقًا خطيرًا أمام إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي، موضحة أن شخصين من كل ثلاثة مسنين في مصر يعانون من الأمية، وفقًا لبيانات الإسكوا المستندة إلى تعداد 2017، بينما تنخفض نسبة المتعلمات بين النساء الريفيات المسنات إلى 10% فقط.وأضافت أن الأمية لا تحد من فرص كبار السن في الحصول على خدمات الرعاية الصحية والدعم الاجتماعي فحسب، بل تعوق أيضًا قدرتهم على الوصول للتكنولوجيا أو المشاركة في سوق العمل أو حتى الانخراط في أنشطة تطوعية، ما يحولهم من طاقة منتجة إلى عبء متزايد.
هشاشة أوضاع المسنين
ولفتت الخبيرة الاجتماعية إلى أن اتساع القطاع غير الرسمي في مصر فاقم من هشاشة أوضاع كبار السن، إذ ارتفعت نسبة العمالة غير الرسمية من 55.9% عام 2012 إلى 66.7% عام 2020، وتتركز هذه الظاهرة بين الشباب (15-24 عامًا) وكبار السن فوق 65 عامًا، ما يعزز احتمالات الفقر في هذه الفئات.وأضافت أن عدد المسنين المشتغلين ممن تبلغ أعمارهم 60 عامًا فأكثر بلغ نحو 1.3 مليون في عام 2023، بنسبة 14.6% من إجمالي كبار السن، يتركز نحو 46.1% منهم في القطاع الزراعي، ويعمل معظمهم دون أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، كما تبلغ نسبة الحاصلين منهم على مؤهل جامعي فأعلى 10.5% فقط، بينهم 14% من الذكور و6.8% من الإناث، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
هشاشة مضاعفة للنساء
وأكدت د. هويدا أن النساء يعانين من هشاشة اقتصادية مضاعفة نتيجة تدني المشاركة في سوق العمل، حيث بلغت نسبة مشاركة النساء في قوة العمل عام 2023 نحو 15.9% فقط، مقابل 69.6% للذكور، بينما بلغ معدل تشغيل الإناث 13.1% فقط مقابل 66.3% للذكور، مما يجعلهن أكثر عرضة للفقر والحرمان في مرحلة الشيخوخة.
تغطية تأمينية غير كافية
كما سلطت د. هويدا الضوء على أوجه القصور في منظومة التأمينات الاجتماعية، موضحة أن هناك فجوة واسعة في التغطية التأمينية، خاصة في القطاع غير الرسمي، حيث لا يحصل كثير من العاملين فيه على تأمينات اجتماعية أو معاشات ضمانية، بسبب استمرارهم في العمل حتى سن متأخرة، ما يجعلهم ضمن ما تسميه الإسكوا “الوسط المفقود”.في سياق متصل، أوضحت أن عدد المؤمن عليهم بلغ حتى مارس 2024 نحو 13.4 مليون شخص، بينما بلغ عدد أصحاب المعاشات والمستفيدين 11.2 مليون شخص، أي أن نسبة تغطية المشتغلين لا تتجاوز 48.2% من إجمالي المشتغلين البالغ عددهم نحو 27.9 مليون، و44.7% من إجمالي قوة العمل البالغة 30.1 مليون نسمة، ما يشير إلى فجوة تأمينية تتجاوز نصف قوة العمل في مصر.واستعرضت د. هويدا ما كشفه التعداد الاقتصادي الأخير، والذي أشار إلى وجود مليوني منشأة تعمل في القطاع غير الرسمي، تمثل نحو 53% من إجمالي المنشآت في مصر، مضيفة أن 51% من الفقراء يعملون في هذا القطاع، بحسب بحث الدخل والإنفاق لعام 2019-2020.ودعت إلى ضرورة دمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي من خلال حوافز مرنة تناسب التنوع الهيكلي لهذا القطاع، مع الإسراع في تفعيل مواد قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019 الخاصة بالعمالة غير المنتظمة.