من “رد قلبي” إلى “ناصر 56”.. كيف جسّدت السينما أحداث ثورة يوليو؟

على مدار أكثر من 7 عقود، ظلت ثورة 23 يوليو 1952 حدثًا مفصليًا في تاريخ مصر الحديث، وقد وجدت طريقها إلى الشاشة الكبيرة في العديد من الأعمال السينمائية التي سعت إلى توثيق أحداثها، ورصد تداعياتها الاجتماعية والسياسية. لم تكن ثورة يوليو مجرد محطة سياسية فحسب، بل كانت تحوّلًا ثقافيًا ومجتمعيًا انعكس على فنون عديدة، على رأسها السينما، التي لعبت دورًا بارزًا في صياغة وعي الجمهور تجاه ما حدث في تلك الليلة الفارقة من عمر الوطن.
أفلام جسّدت ثورة يوليو 1952 في السينما المصرية
واحدة من أولى التجارب التي تناولت ثورة يوليو بشكل مباشر كانت فيلم “الله معنا“ عام 1955، الذي أخرجه أحمد بدرخان. ورغم الرقابة الشديدة حينها، فإن العمل تمكّن من تسليط الضوء على كواليس تحركات الضباط الأحرار، وطرح لأول مرة اسم “جمال عبد الناصر” في عمل درامي. وقد لعبت فاتن حمامة وعماد حمدي وعمر الشريف أدوارًا محورية في هذا الفيلم، الذي يُعد من علامات السينما الثورية في مصر.
فيلم رد قلبي
بعد ذلك بعامين، جاء فيلم “رد قلبي“ (1957) للمخرج عز الدين ذو الفقار، ليحمل رمزية الثورة الاجتماعية. استند الفيلم إلى رواية يوسف السباعي، وروى قصة حب بين ابن جنايني وابنة باشا، في تجسيد حقيقي للصراع الطبقي الذي كان أحد دوافع الثورة. لم يكن الفيلم مجرد قصة رومانسية، بل كان انعكاسًا لرغبة الشعب في المساواة والعدالة الاجتماعية، وهي من المبادئ الأساسية التي نادت بها الثورة.
فيلم في بيتنا رجل
ومن الأفلام التي عبّرت عن أجواء ما قبل الثورة وعن تهيئة المسرح الشعبي لحدوثها، جاء فيلم “في بيتنا رجل“ (1961)، من إخراج هنري بركات وبطولة عمر الشريف وزبيدة ثروت. رغم أن أحداثه تدور في فترة ما قبل 1952، فإن الفيلم أشار بوضوح إلى حالة الغضب الشعبي من الاحتلال البريطاني والفساد السياسي، مما جعله أحد الأعمال القليلة التي جمعت بين الحكي الشعبي والطرح الثوري.
فيلم القاهرة 30
في عام 1966 أنتج فيلم “القاهرة 30″، وهو من من الأعمال السينمائية الهامة التي تناولت فترة ما قبل ثورة 23 يوليو، وكشفت عن الفساد الاجتماعي والسياسي الذي كان سائدًا في تلك الحقبة، العمل من إخراج صلاح أبو سيف، ويستند إلى رواية الأديب العالمي نجيب محفوظ “القاهرة الجديدة”، من بطولة سعاد حسني، أحمد مظهر، حمدي أحمد، وعبد المنعم إبراهيم.تدور أحداث الفيلم في ثلاثينيات القرن العشرين، ويركز على قصة الشاب الفقير “محجوب عبد الدايم” (حمدي أحمد) الذي يأتي من الصعيد إلى القاهرة بحثًا عن فرصة عمل، ويلتقي بابن قريته “سالم” الذي يعرض عليه وظيفة مرموقة مقابل أن يتزوج من “إحسان” (سعاد حسني)، عشيقة “قاسم بك “(أحمد مظهر)، أحد كبار المسؤولين الفاسدين، على أن يزورها “قاسم بك” مرة كل أسبوع، وتكشف هذه الصفقة عن مدى الانحطاط الأخلاقي والفساد الذي كان يضرب أطنابه في المجتمع المصري قبل الثورة.
فيلم ناصر 56
أما فيلم “ناصر 56“ (1996) للمخرج محمد فاضل، فقدّم معالجة مغايرة من خلال تناول مرحلة تأميم قناة السويس، التي تُعد من أبرز إنجازات ثورة يوليو. في هذا العمل، جسد أحمد زكي شخصية جمال عبد الناصر ببراعة، وقدّم صورة درامية غنية عن الزعيم الثائر الذي ناضل من أجل الاستقلال الوطني والكرامة العربية