سمير الفيل لـ “الدستور”: الفتنة الكبرى كانت ضربة مؤلمة للمسلمين

تحدث الكاتب سمير الفيل حول أثر الفتنة الكبرى، والذي امتد حتى زمننا الراهن، مشيرًا إلى أنها كانت وبالا على المسلمين، وأدت إلى ظهور كثير من الفرق والطوائف المنشقة.
الفتنة الكبرى.. فتنة المال والسلطة واصطياد الثروة
وقال الفيل، في حديثه لـ”الدستور”: “ما حدث في العام 35 هجريا من قتل عثمان بن عفان، هو خطيئة بشرية وفعل طائش ليس له ما يبرره، فقد اشتدت المعارضة في العديد من الولايات التي ولى عليها عثمان أقارب له، لم تكن لديهم الخبرة الكافية للتعامل مع أصحاب الأرض”.وأوضح: “تكاثر الناس وقدموا إلى المدينة ليصححوا ما يرون أنه قد فسد، تجمع المعارضون في العام 34 هـ وراجعوا الخليفة في سياسته، وتم تكليف الإمام علي بن أبي طالب كي يحاوره ويقنعه بوجه نظر المعارضين (الثوار في أدبيات معينة)”.جاء رد عثمان عنيفا فراح ينذرهم ويحذرهم وبقي على موقفه، عندها بدأت نذر المواجهة رغم أن علي ابن أبي طالب أبقى ولديه الحسن والحسين ليحرسا الخليفة.وتابع: “في عام 35 هـ ثار أهل الكوفة على حاكمهم وطلبوا أن يولى عليهم أبو موسى الأشعري، وظهر للناس بأن الثورة هي الطريق الوحيد لتنفيذ مطالبهم التي يرونها عادلة، أرسل المصريون وفدًا إلى المدينة يطلبون فيه من عثمان كف عماله عن التسلط على رقاب المسلمين، وإذلالهم عن عمد، فوعدهم أن ينفذ مطالبهم، وقدم وفد منهم إلى عثمان في داخل المدينة، فخطب بهم وأثنى عليهم وأعطى التوبة، وبكى وبكى الناس ورضوا بما قطعه عثمان على نفسه من عهود، وغادر وفد المصريين المدينة عائدين إلى ديارهم”.ما إن عادت وفود المصريين إلى مصر حتى تلقاهم عبد الله بن أبي سرح، فضرب رجلا منهم فقتله فتواعد المصريون مع أهل الكوفة والبصرة للقدوم إلى المدينة بعد أن استيأسوا من وفاء الخليفة بعهوده.وأضاف “الفيل”: انتهى الأمر بعزل ابن أبي سرح، وتولية محمد بن أبي بكر، فأرسله إلى مصر ومعه جمع من الصحابة، وعندما كان محمد بن أبي بكر ومن معه في الطريق إلى مصر، قابلوا بالمصادفة رجلا يركب بعيرًا فأوقفوه، وظهر أنه مبعوث من عثمان إلى والي مصر، يحمل معه كتابًا له، فيه أمر من الخليفة إلى عبد الله بن أبي سرح يدعوه فيه إلى قتل المعارضين الذين قدموا إلى المدينة.عندها أرسل المصريون إلى أهل العراق الذين تفرقوا عنهم يرجعوهم إلى المدينة، ودخلوا المدينة فذهبوا إلى عثمان وعاتبوه لما بدر منه.كتب عثمان إلى عماله كتابًا يدعوهم فيه إلى إرسال محاربين حتى ينصروه على الثوار، فعلم الثوار بأمر الكتاب فبدأ الحصار، فخرج عثمان على المنبر يلعن الثوار فتشاجر القوم بالأيدي، حتى ضُرِب عثمان وفرض الثوار حصارًا على بيته ومنعوه من الخروج منه.قُتل أحد الثوار وهو «نيار الأسلمي» عندما رمى أحدُ المحاصَرين من داخل دار عثمان سهمًا نحوه. فقالوا لعثمان عند ذلك: ادفع إلينا قاتل نيار بن عياض فلنقتله به فرفض، فاقتحم الثائرون الدار، ودخلوا على عثمان فقتلو،. في يوم الجمعة 18 من ذي الحجة سنة 35هـ، حيث دفن بـالبقيع.
الفتنة الكبرى كانت وبالا على المسلمين
وشدد “الفيل” علي: هناك عدة دروس نأخذها من الفتنة الكبرى: أن السلطة إن لم تكن عادلة فسوف يظهر من يتصدى لذلك بالثورة.إن إعطاء الولاية للأقارب والأهل بداية للفساد والظلم والزيغ، إن عدم وضع قوانين ولوائح للحكم تسفر عن هذه المشاكل المزمنة. وصول أهل قريش للمال والثروة قيد فعلهم، وربطهم بالسلطة دون تدبر أو حكمة، إن هذه الفتنة كانت وبالا على المسلمين، وأدت إلى ظهور كثير من الفرق والطوائف المنشقة عن تيار الدين الصحيح، الأمر الذي مازلنا نعاني منه حتى يومنا هذا.