كيف أثر طه حسين على توجه سهير القلماوي نحو بعيدًا عن دراسة الطب؟

كيف أثر طه حسين على توجه سهير القلماوي نحو بعيدًا عن دراسة الطب؟

أول فتاة شابة ترتاد جامعة القاهرة وأول امرأة بين أربعين رجل تدرس الأدب العربي، إنها سهير القلماوي (20 يوليو 1911 – 4 مايو 1997)، الأديبة والأستاذة الجامعية ولاحقًا رئيسة قسم اللغة العربية بين عامي 1958-1967؛ وأبرز من شكلت الكتابة والثقافة العربية من خلال كتابتها والحركة النسوية والمناصرة.

كيف تسبب طه حسين في صرف نظر سهير القلماوي عن دراسة الطب ؟

وتروى الدكتورة سهير القلماوى، في مقالها المعنون بـ “أستاذي طه حسين” والمنشور بمجلة الهلال في الأول من فبراير 1966، حيث تقول: “أسبوع فاصل في حياتي مازلت أذكر أحداثه وأستعيد الإحساسات التي مرت بي فيه، فأحسها وكأن دوافعها وأسبابها مازالت قائمة، كان ذلك الأسبوع في شهر سبتمبر عام 1936 وكنت قد قدمت أوراقي وعانيت كثيرا في جمعها وترتيبها وسلمتها لمسجل كلية العلوم في الجامعة المصرية – كما كانت تسمى آنذاك – وكنت كلما سألت عما تم في شأنها يقال لي: إن العميد الأستاذ بانجهام لم يعد بعد من إجازته ليفصل في أمرها”.وتابعت القلماوي: “وفي أوائل الأسبوع المشهود علمت بوصول عميد الكلية الذي كان سيقبلني في السنة الأولى أو الإعدادية لكلية الطب أو لا يقبلني، كان بيده فيما كنت أتصور أن يفتح أمامي أبواب مستقبل أحلام ظلت تداعبني منذ استطعت أن اتطلع إلى المستقبل حالة مؤملة – ولكن الأستاذ الإنجليزي – سامحه الله – عاد وقرر عدم قبولي طالبة في الكلية، واستنجدت بناظرة مدرستي الثانوية وطلبت من العميد موعدا وكانت مقابلة تاريخية في حياتي دار فيها الحديث على هذا النحو: “اعقد لي امتحانا فاذا لم أنجح بثمانين في المائة على الأقل لا تقبلني، فكان الرد ليس من سلطتی عقد امتحانات على -هذا النحو -.

هن | في ذكرى ميلادها.. كيف ساهم طه حسين في التحاق سهير القلماوي بجامعة القاهرة؟

واستطردت سهير القلماوي: “اقبلني تحت التجربة فإذا لم أنجح آخر العام بهذه النسبة فافصلني، آسف.. ليس في القوانين ما يخول لي ذلك، يا آنسة باختصار كل ما – أقدمه لك في حدود القانون أستطيع أن استقبلك في معامل الكلية باحثة حرة هاوية !..وانتهت المقابلة.. وقالت ناظرتی: ليس أمامك إلا السفر  للخارج.. قلت: لن يسمح لي والدي بالسفر وأنا في السابعة عشرة من عمري.. ومر يوم ويومان وطرقت كل باب، وجاء قريب لنا كنت أخاطبه بخالي لأنه أخ لخالتي في الرضاع وقال: كل مجلس الجامعة كان يعطف على طلبك ولكن العميد الإنجليزي هدد بالاستقالة إذا قبلت طالبة في كلية الطب وقبل أن أضيع في عالم اليأس والحزن قال: ما رأيك.. نزور الدكتور طه حسين في بيته فهو صديقي ونسأله المشورة؟.. قلت له: أي شىء إلا أن أمكث في البيت وأزوج برجل لا أراه إلا بعد كتابة العقد كما فعلوا بأختى.وتابعت الدكتورة سهير القلماوي: “ذهبت إلى منزل طه حسين في مصر الجديدة، قرب دير للراهبات هناك، وأحسست بالخشية والخوف وزاد خوف لما وجدت في غرفة الاستقبال زوارًا  لا أعرفهم، ولكن خالی همس يشجعني وما أن خلت الغرفة قليلا حتى بسط لطه حسین قصتي فإذا هو يعرفها ويقول: ماذا عليك، أنا أقبلك في كلية الآداب وفي قسم اللغة العربية وستجدين بقيتك من التشريح في شعر جرير الفرزدق، وضحك ولم أفهم شيئا، ماذا قسم اللغة العربية: إنه انتحار لأني قطعا سأرسب”. واختتمت: “ما شاء الله، قال: ماذا؟ ألا يعجبك أن أدرس لك، والتفت وأنا كمن خرج من بئر عميقة وقلت في تلعثم: أبدا.. هذا شرف.. شرف كبير وضحك في حنان عجيب وأحسست من وراء ضحكه روحًا حلوة وقارنته بسرعة بأبي فإذا فيه الكثير منه.. ورنت كلماته: غدًا في كلية الآداب الساعة العاشرة موعدنا.. اتفقنا. منذ ذلك اليوم ولطه حسين في حياتي منزلة الأب الروحي بكل معاني الكلمة”.