أبرز أحداث المعركة الأولى لفكري أباظة في معقل الحريات

خاض فكرى أباظة العديد من المعارك الفكرية والصحفية؛ وكان له دور كبير في تأسيس مجلس نقابة الصحفيين، وهو ما رواه الكاتب الصحفي حافظ محمود.
ويقول حافظ محمود: “فنجان القهوة هو السبب المباشر في اكتشاف الحب الكبير بيني وبين فكرى أباظة، والقصة من أولها أن المرسوم الملكي، الذي صدر في 31 مارس سنة 1941 بإنشاء نقابة الصحفيين قد ألحق به قرار بتعيين مجلس نقابة يتألف من أثنى عشر عضوا مهمته التحضير لفتح “جداول” النقابة وتشكيل جمعيتها العامة التي تنتخب مجلسًا لها قبل مضى عام واحد، وكان أعضاء المجلس المعين، قد اختيروا من باشوات وبكوات الصحافة، ومنهم فكرى أباظة، وقد أضيف إليهم صحفى صغير يمثل شباب الصحفيين الذين اصطلحنا فيما بعد على تسميتهم “الصحفيين تحت التمرين”، وكان هذا المضاف الصغير هو كاتب هذه المقالة.وتابع “محمود”، في مقاله المنشور تحت عنوان “ذكريات مع فكرى أباظة” بمجلة “الهلال” في مستهل شهر نوفمبر 1976، قائلًا: “انعقد مجلس النقابة لأول مرة مرة في الثامن من شهر أبريل سنة 1941 بمكتب المرحوم تقلا باشا، صاحب جريدة الاهرام وعضو المجلس المعين وكان شهر رمضان قد انتصف تقريبا، والاجتماع كان قبل الظهر، لكن تقلا كان لا بد له أن يحيي ضيوفه، طلب اثنى عشر فنجانا من القهوة، ولم يعترض أحد من الحاضرين بأنه صائم، ولما كنت أرى هؤلاء الصحفيين الكبار عن قرب لأول مرة فقد منعني الحياء من أن انفرد – أنا وحدي – بإعلان صيامي، فلم اعترض على الساقي حين وضع أمامي فنجان القهوة لكنني لم اقربه أبدًا، وأخذت اختلس النظرات إلى أولئك الكبار الذين يحتسون القهوة بكل هذه الصراحة في رمضان، وقد علمت أن فيهم مرضى لكنني لاحظت أن واحدا منهم فقط لم يمسس فنجانه مثلى وكان هذا الواحد هو فكرى أباظة.وتحت عنوان “أولى المعارك” يروى الكاتب الصحفي حافظ محمود، أبرز المعارك التي خاضها فكرى أباظة في قلعة الحريات نقابة الصحفيين؛ قائلًا: “كانت أولى معارك الصحفيين في سنة 1941 هي معركة (عقد الاستخدام) ذلك أن قانون سنة 1941 كان قد نص على أن من مهام مجلس النقابة أن يضع لائحة استخدام الصحفيين، فاجتمع باشوات الصحافة في لجنة ووضعوا مشروع لائحة تعتبر أن الصحفيين جميعا قد بدأوا أعمالهم سنة 1941 وأن على الصحفي أن يمضى في خدمة صحيفته عشر سنين تالية قبل أن تترتب له أي حقوق أو التزامات له عليها، وقامت الثورة الأولى للصحفيين على هذه اللائحة، فاجتمع فكرى أباظة بأستاذنا المرحوم ابراهيم عبد القادر المازني، ووضعنا مشروع لائحة مضادة، وهي اللائحة المطبقة قانونا الآن على الصحفيين، وقليل منهم من يعلم أن على كل مادة فيها بصمة لفكرى أباظة.كانت لهذه المعركة ذيول منها أننا وضعنا مشروعنا الثلاثي، موضع الاختبار للمرشحين الذين دخلوا أول انتخابات في تاريخ النقابة في ديسمبر سنة 1942، ومن أيد مشروعنا أيدناه، ومن عارضه عارضناه، فقام أصحاب الرأسمالية الصحفية بحركة مضادة هي امتناع مندوبهم في لجنة الجدول، من قبول قيد أي صحفي في جدول الصحفيين إذا لم يكن يحمل مؤهلا عاليا، لقد كان منظر هذا الشرط وجيها، ظاهره الارتفاع بمستوى المشتغلين بمهنة الصحافة، لكن في سنة 1941 كان ثلاثة أرباع الصحفيين العاملين لا يحملون المؤهلات العالية، وكان المقصود بهذا الشرط أن تقوم النقابة بعدد قليل يمكن لأصحاب الرأسمالية الصحفية اجتذابهم في انتخابات النقابة فماذا نعمل؟، طالبنا بالاستغناء عن خدمات أنطون الجميل باشا ممثل الصحافة في لجنة الجدول وإحلال فكرى أباظة محله، وذهب فكرى أباظة إلى لجنة الجدول فوجد أعضاءها – وكانوا من كبار رجال القضاء مبهورين مقتنعين بوجهة نظر أصحاب الصحف التي كان يمثلها انطون الجميل، فاذا به يطرح عليهم السؤال الآتي: إذا كنا سنترك ثلاثة أرباع العاملين في الحقل الصحفي خارج جدول النقابة، فكيف نحاسبهم أن أخطأوا ما دام قانون النقابة لا يسرى عليهم ؟.. وبهذه الحجة البسيطة البارعة أقنع فكرى أباظة القضاة، وقبلت اللجنة كل المرفوضين سابقا، وخسر أصحاب الصحف المعركة”.