محللون سوريون: حكومة الشرع تتعرض لضعف السيطرة (خاص)

حذر خبراء ومحللون سياسيون سوريون من تأثير عدم الاستقرار في مدينة السويداء وغيرها من المدن على الاستقرار الداخلي لسوريا، مشيرين لعدم تمكن السلطة السورية من السيطرة على جميع أراضي الدولة.وأعلنت الرئاسة السورية، اليوم السبت، وقفا فوريا وشاملا لإطلاق النار في السويداء وبدء انتشار قوات الأمن في المحافظة، وذلك بعد ساعات من إعلان المبعوث الأميركي توم براك عن اتفاق بهذا الشأن بين سوريا وإسرائيل.وقالت الرئاسة السورية في بيان، إن قوات الأمن بدأت الانتشار في عدد من المناطق لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار.وحذرت من أي خرق لوقف إطلاق النار، وقالت إنها ستعده انتهاكا للسيادة.وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، شنت يوم الأربعاء الماضي ضربات جوية طالت مبنى وزارة الدفاع السورية في العاصمة دمشق، متخذة من أعمال العنف التي اندلعت في السويداء بين الأغلبية الدرزية وقبائل أخرى في المدينة ذريعة لانتهاك السيادة السورية بحسب ما يرى محللون تحدثوا لـ”الدستور”.وندد المبعوث الأممي إلى سوريا بالتصعيد في السويداء ودعا إلى وقف الانتهاكات، ووصف وزير الخارجي الإيراني عباس عراقجي الضربات الإسرائيلية بأنها عدوان سافر، ودعا لتكاتف عربي ودولي لوقفها، ودانت جامعة الدول العربية ومنظمات دولية الأعمال الإسرائيلية التي أسفرت عن 3 قتلى بوصفها انتهاكا لسيادة سوريا.
العلي: سوريا لا تملك وسائل الرد
وقال أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة باريس رامي الخليفة العلي، إنه ليس من المتوقع أن يكون هنالك رد عسكري على العدوان الإسرائيلي على سوريا؛ باعتبار أن الحكومة الجديدة لا تملك الوسائل والإمكانيات للقيام بذلك، متابعا أن موازين القوة تميل بشدة لصالح الجانب الإسرائيلي، كما أن إسرائيل عقدت الوضع فى السويداء التي كانت تدعى أنها السبب المباشر للعدوان. وأضاف العلي في تصريح لـ”الدستور”، أن الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية يمكن أن تقوم بدور هام في هذه الأزمة، باعتبار أنها قادرة على نقل وجهات النظر السورية إلى الأطراف الدولية الفاعلة على المستوى الدولي، لذلك يعتقد أن هناك دور سياسي يمكن أن تقوم به هذه الدول ويمكن أن يؤدي إلى التهدئة.وتابع بقوله، إن الأهم من ذلك هو ما سوف يحدث في سوريا وخصوصا مدينة السويداء بعد وقف إطلاق النار، حيث خرجت الأمور عن السيطرة، ووصلت إلى حد كبير من التوتر، وأن هناك أطرافا تستفيد من تأجيج الأوضاع في السويداء.وأوضح العلي، أن عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 أحدثت تغيرات كبيرة في الشرق الأوسط، وأطلقت يد إسرائيل في المنطقة، وللوصول إلى تسوية إقليمية كبرى تعيد التوازن من الناحية السياسية، لكن نحن أمام حكومة يمينية تقصف كل الاتجاهات، لافتا إلى أن المنطقة تعيش وضعا صعبا بسبب الصلف الإسرائيلي.
شحادة: الدول العربية بعيدة عن دمشق
من ناحيته، قال البرلماني السوري السابق شريف شحادة، إنه لن يكون هناك رد سوري؛ لأن الحكومة السورية منذ زمن تقول إنها تتعامل مع إسرائيل كدولة صديقة، فلن يكون هناك رد عسكري ولا سياسي، فلا الجيش السوري ولا الحكومة السورية مؤهلة لهذا الرد.وأضاف شحادة في تصريح لـ”الدستور”، أن الدول العربية بحالة بعيدة عن سوريا ولديها مشاكلها، لذلك لا نتوقع أن يكون هناك ردا عربيا على العمليات التي قامت بها إسرائيل، أو ستقوم بها، ولكن نستثني بعض الدول.وتابع أنه لمنع هذه الضربات عن سوريا في المستقبل يجب أن يكون هناك تفاهمات ومفاوضات، وأن تلتزم إسرائيل بهذه المفاوضات؛ لأن إسرائيل هى الأكثر قدرة على خلق المشاكل، ويجب أن يكون هناك تفاهم، حتى لا تستغل إسرائيل هذا الوضع وتشن الحرب على سوريا.
تمران: الدروز ذريعة إسرائيل للعدوان
وقال ماهر التمران، ممثل التحالف السوري الوطني، إن السبب المباشر المعلن الذي دفع إسرائيل لضرب سوريا، هو حماية المجتمع الدرزي في السويداء، خاصة أن إسرائيل تربط نفسها بعلاقات تاريخية وطائفية مع الدروز في سوريا، أما السبب الحقيقي العملي فهو أن إسرائيل تسعى لمنع الجيش السوري من فرض سيطرة كاملة على الجنوب، لأن ذلك يهدد التفاهمات الأمنية القائمة منذ سنوات بين دمشق وتل أبيب عبر الحدود.وأضاف التمران في تصريحات لـ”الدستور”، أن إسرائيل تسعى لإضعاف قدرات الجيش السوري عبر منعه من التمركز في الجنوب أو استخدام سلاح البحرية، لافتا إلى أن وجود عدد كبير من الدروز في الجيش الإسرائيلي يدفع القيادة السياسية والأمنية في تل أبيب إلى التعامل مع ملف السويداء باعتباره قضية داخلية، خصوصا أن هؤلاء الدروز يضغطون لمنع سقوط إخوتهم في سوريا ضحية لأي عمليات عسكرية أو صراعات محلية.وأوضح أن السلطات في دمشق تسيطر اليوم على 65% فقط من الأراضي السورية والطرق الحيوية، لكنها لا تسيطر على مدينة السويداء، كما أن هناك فصائل محلية مسلحة تدير مناطقها بشكل مستقل إلى حد كبير عن الدولة، رغم وجود تفاهمات جزئية.وأكد التمران، أن حالة عدم الاستقرار في السويداء، تضر استقرار الدولة السورية بسبب فشل الحكومة في فرض الأمن في مناطق بحجم السويداء، فتقل هيبتها أمام باقي المحافظات، محذرا من أن استمرار الفوضى في الجنوب يجعل إسرائيل تبرر تدخلها العسكري بحجة حماية المدنيين أو الحفاظ على التوازن، وتوسيع ظاهرة التسلح الأهلى.
وعيسى: الأقليات تعاني مع السلطة الجديدة
من جهته، قال المحلل السياسي السوري محمد عيسي، إن إسرائيل ضربت سوريا لأنها تريد أن تحمي أهل السويداء الدروز من خطر الدبابات على أمنهم، موضحا أن هذا الإجراء جاء تنفيذا لتعهدات إسرائيلية سابقة بالدفاع عن الأقليات السورية، وخاصة الدروز.وأضاف عيسى في تصريحات لـ”الدستور”، أن السلطة الحاكمة الآن في دمشق لا تملك القدرة للسيطرة على الأراضي السورية، فهي منذ اللحظة الأولى لتوليها المسؤولية، تعكس رؤية طائفية للواقع السوري، وتقيل الموظفين العلويين والمسيحيين والأكراد والدروز من جميع المفاصل المهمة بالدولة والجيش.وتابع بقوله إن الأمن الإسرائيلي يتأثر بأي خلل يصيب التوازن في السويداء ذات الغالبية الدرزية، خاصة أن التجارب السابقة والتي حصلت في سوريا مع الأقليات بعد سقوط نظام بشار الأسد، أكدت بنظر جميع الأقليات، تواطؤ حكومة الشرع مع الفصائل الجهادية المتطرفة، وفشلها حتى الآن في تقديم الدليل على حيادها تجاه المكونات والأقليات السورية.وأشار إلى أن الجيش السوري يكاد ينحصر، ليس بالطائفة السنية فقط، بل بالمتطرفين الإسلاميين والأجانب الشيشان والأويغور وغيرهم، حتى أن التمييز لا يتوقف على المناصب، بل يطال الرواتب أيضا، بحيث أن الرواتب في عاصمة الإسلاميين إدلب تتجاوز بكثير مثيلاتها في غيرها.وشدد عيسى على أن عدم الاستقرار ليس محصورا في السويداء فقط، بل في جميع المدن والقرى السورية، حيث الجرائم والقتل والاختطاف والسرقة والتجويع والتمييز الطائفي هو سيد الموقف، منوها بأن فشل حكومة الشرع في تقديم تقرير اللجنة التي شكلتها للتحقيق في مجازر الساحل بعد انتهاء عملها أشعل المخاوف حول نوايا حكومة الشرع المنحازة إلى الأجندات الإسلامية الخالصة.واختتم المحلل السياسي السوري بالقول إن إمعان السلطة في طرد الموظفين المنحدرين من الأقليات من وظائفهم، ليضافوا إلى عشرات الألوف الذين كانوا في المؤسسة العسكرية، وصاروا بلا رواتب وأي مصادر دخل منذ سبعة أشهر، يجعل المجتمع السوري كله يعيش حالة قلق وخوف وجوع.