نقل مهاجرين في حاويات.. الإدارة الأمريكية تستمر في إثارة الجدل حول سياستها في ملف الهجرة

في وقت سابق من يوليو الجاري، استكملت الولايات المتحدة عملية ترحيل ثمانية مهاجرين إلى جنوب السودان، الدولة التي تعاني من اضطرابات سياسية عميقة وأزمات إنسانية متفاقمة، أبرزها الجوع والنزوح. الرحلة لم تكن مباشرة، بل سبقتها مرحلة احتجاز طويلة في قاعدة عسكرية أمريكية في جيبوتي، حيث تم إيداع المرحّلين في حاوية شحن معدّلة لفترة غير محددة، ما أثار انتقادات حقوقية بشأن ظروف الاحتجاز القاسية.وحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية، لا تقتصر هذه السياسات على جنوب السودان، إذ تتّبع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ عودته للبيت الأبيض في يناير 2025، سياسة متشددة تجاه المهاجرين غير النظاميين، تضمنت ترحيلاً جماعياً للعديد من الجنسيات إلى دول تعاني أوضاعاً أمنية هشّة.
وفي هذا السياق، لا يزال أكثر من 200 فنزويلي رُحّلوا إلى السلفادور قابعين في سجن “سيكوت”، المعروف بظروفه السيئة، حيث أفاد محتجزون بتعرضهم لأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة. اللافت أن معظم هؤلاء المرحّلين لا يمتلكون سجلاً جنائياً في الولايات المتحدة، بحسب تقارير استقصائية، ما يثير تساؤلات حول المعايير القانونية والأخلاقية التي تستند إليها قرارات الترحيل.من جهة أخرى، يبقى الغموض يحيط بالتفاصيل الدقيقة لاتفاقات الترحيل التي تبرمها واشنطن مع الدول المضيفة. ففي حالة إسواتيني، التي وافقت مؤخرًا على استقبال عدد من المرحّلين، رفض المتحدث باسم الحكومة الإفصاح عن بنود الاتفاق، مكتفيًا بالقول إن “شروط الاتفاق لا تزال سرية”.وأشارت مصادر إلى أن الاتفاق جاء ثمرة مفاوضات استمرت شهورًا، في حين لم يصدر عن جنوب السودان أي تصريح رسمي يوضح طبيعة التفاهمات التي تم بموجبها استقبال المرحّلين الثمانية، كما لم يتم الكشف عن مواقع احتجازهم.ووفقا لما أورده التقرير هذه السياسات المثيرة للجدل تعكس تحولًا لافتًا في نهج الإدارة الأمريكية تجاه ملفات الهجرة واللجوء، وسط انتقادات من منظمات حقوق الإنسان، التي ترى أن عمليات الترحيل تنتهك القوانين الدولية، خصوصًا حين يتم إرسال أفراد إلى دول غير آمنة أو حيث يواجهون خطر التعذيب أو سوء المعاملة.وفي ظل استمرار هذه الممارسات، يتعاظم الضغط على مؤسسات المجتمع المدني والإعلام والمنظمات الدولية لكشف تداعياتها الإنسانية والقانونية، في وقت تُبقي فيه الإدارة الأمريكية على كثير من تفاصيل عمليات الترحيل في دائرة السرية، بما في ذلك هويات المرحّلين وأوضاعهم الصحية والقانونية، مما يعمّق المخاوف من تفاقم الانتهاكات بعيدًا عن الرقابة الدولية.