إسرائيل تعزز أنشطتها العسكرية في جنوب سوريا: حماية للدروز أم مبرر للتوسع؟

وسط التصعيد العسكري الإسرائيلي غير المسبوق في سوريا، والذي بلغ ذروته مؤخرًا مع ضربات قرب القصر الرئاسي في دمشق ومواقع عسكرية مركزية، برزت لافتة جديدة في خطاب تل أبيب: “حماية الدروز”.ولكن خلف هذا العنوان، يتساءل كثيرون إن كانت إسرائيل تستخدم الطائفة الدرزية كورقة سياسية لتبرير توسّع عسكري وأمني في الجنوب السوري، في وقت بالغ الحساسية.
خطاب غير مألوف في توقيت حساس
ومنذ بداية تدخلها العسكري في الساحة السورية، ركّزت إسرائيل على استهداف التموضع الإيراني، ومواقع حزب الله، ومخازن الأسلحة النوعية، ولكن في الأسبوع الأخير، ومع تصاعد التوتر في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، بدأ الخطاب الإسرائيلي يتغيّر، وظهر بشكل لافت في بيانات الجيش ووزير الدفاع.فقد صرّح يسرائيل كاتس أن “زمن التلميحات إلى دمشق قد انتهى”، متوعدًا بضربات “مؤلمة” ضد من يستهدف الدروز، كما أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيانه أن عملياته في السويداء تأتي في إطار “التحالف العميق مع إخوتنا الدروز”، وهو ما وصفه مراقبون بأنه خطاب تبريري جديد يحمل بعدًا طائفيًا لم يكن مألوفًا في البيانات الإسرائيلية السابقة.
ما الذي يحدث في السويداء؟
تشهد محافظة السويداء منذ أشهر حراكًا شعبيًا غير مسبوق ضد السلطة المركزية في دمشق، احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية وانهيار الخدمات، وتزامن هذا الحراك مع تقارير عن مواجهات بين مسلحين محليين وقوات موالية للنظام السوري.في هذا السياق، تدخلت إسرائيل بهجمات جوية طالت مواقع للنظام قرب السويداء، ثم اتسعت لتشمل دمشق ومواقع عسكرية سيادية، هذا التسلسل الزمني يُشير إلى أن إسرائيل تحاول ربط التدخل العسكري بمظلّة “حماية الدروز”، ما يمنحها، بحسب رؤيتها، غطاءً أخلاقيًا وتحالفًا محتملًا مع السكان المحليين، ولو ضمنيًا.يرى كثير من المراقبون للأوضاع أن الحديث الإسرائيلي عن حماية الدروز ليس هدفًا إنسانيًا بقدر ما هو توظيف سياسي، حيث أن “إسرائيل لم تكن في أي مرحلة حامية لطائفة أو مكوّن ديني، بل توظّف ما يخدم أمنها واستراتيجيتها. والحديث عن حماية الدروز هدفه خلق شرعية محلية لأي تدخل مستقبلي في الجنوب السوري، وربما التمهيد لشبكات تنسيق ميداني على غرار ما حدث سابقًا في جنوب لبنان.”وتشكل السويداء بموقعها الاستراتيجي وجغرافيتها الجبلية نقطة توازن حرجة، ليس فقط بين النظام والمعارضة، بل بين إسرائيل وإيران، وهنا يبدو أن تل أبيب تسعى إلى تثبيت واقع جديد على الأرض عبر تكثيف الضربات واستخدام خطاب “الحماية” كغطاء مشروع.