علماء الوراثة في “المعهد القومي للبحوث”: 40% من الزيجات المصرية داخل الأقارب تسبب في زيادة انتشار الأمراض الوراثية المعقدة.

أجمعت نخبة من علماء الوراثة بالمركز القومى للبحوث على ضرورة الحد من زواج الأقارب، مشيرين إلى أن نسبته تصل إلى نحو ٤٠٪ على مستوى الجمهورية، بينما تصل فى بعض المناطق، مثل النوبة والواحات، إلى نسبة ١٠٠٪، ما يؤدى إلى تفشى الأمراض الوراثية بشكل كبير، خاصة أن كثيرًا من هذه الأمراض لا يتم تشخيصها إلا بعد مرور سنوات طويلة، ما يصعّب من علاجها ويضاعف الأعباء الصحية والنفسية والمادية على الأسر بسبب ارتفاع تكاليف العلاج.جاء ذلك، خلال فعاليات الصالون العلمى الخامس الذى نظمه المركز القومى للبحوث اتساقًا مع المبادرة الرئاسية للكشف عن الأمراض الوراثية للأطفال حديثى الولادة، وهى مبادرة صحية نوعية تستهدف الكشف المبكر عن ١٩ مرضًا وراثيًا قد تصيب الطفل منذ لحظة ولادته، بما يتيح التدخل المبكر، ويحسن من جودة حياته.وأشاد العلماء بمشروع الجينوم المرجعى للمصريين الذى تنفذه الدولة حاليًا، مؤكدين أنه يمثل قاعدة بيانات وطنية دقيقة لفهم الجينات المصرية، ويعد من أكبر المشروعات التى تدعم جهود التشخيص والعلاج الوراثى، موضحين أن التغيرات المناخية قد تسهم فى انتقال بعض الأمراض بسبب موجات النزوح والهجرة، إلا أن الأمراض الوراثية تبقى فى المقام الأول أمراضًا جينية لا تنتقل إلا عبر الوراثة المباشرة.وقالت الدكتورة نجوى عبدالمجيد، عالمة الوراثة بالمركز، إن نحو ١٠٪ من المجتمع المصرى من ذوى الاحتياجات الخاصة، مشيرة إلى أن المركز نجح فى إنتاج ألبان خاصة بالأطفال المصابين بالتوحد، وأظهرت هذه الألبان تحسنًا ملحوظًا فى الحالة الصحية والتطور اللغوى للأطفال، ويجرى حاليًا العمل على تسويق المنتج لتوفيره على نطاق أوسع.ونوهت بمرض هشاشة الكروموسوم إكس، وهو مرض وراثى ينتقل من الأم إلى الذكور، مؤكدة ضرورة تقديم الدعم النفسى للأمهات اللواتى يحملن الجين المسئول عن المرض، لأنهن كثيرًا ما يتعرضن للوصم واللوم، فى حين أنهن أنفسهن فى حاجة إلى احتواء نفسى واجتماعى.وشددت الدكتورة إكرام فطين، أستاذ الوراثة البيوكيميائية بالمركز، على أهمية الاكتشاف المبكر للأمراض الوراثية، خاصة خلال الأسبوع الأول من عمر المولود، مشيرة إلى خطورة مرض «بى كيه يو» الذى يؤدى إلى تدمير مستمر لخلايا المخ أسبوعًا بعد أسبوع بعد الولادة، ما ينعكس على معدل الذكاء بشكل كبير.وأكدت أن زواج الأقارب من أبرز مسببات الأمراض الوراثية، ومن بينها مرض «إم بى إس» الذى عالج المركز منه حتى الآن بين خمسين وستين حالة عبر تقديم الإنزيم التعويضى اللازم.وأشارت الدكتورة غادة الحسينى، رئيس قسم الوراثة الإكلينيكية بالمركز، إلى أن المركز تابع نحو ٤٠ ألف حالة إصابة بأمراض وراثية على مدار ٥٥ عامًا، مسلطة الضوء على مرض «صغر حجم الرأس» الوراثى، الذى يمكن اكتشافه من خلال قياس محيط رأس الطفل، داعية وزارة الصحة إلى تضمين قياس الرأس إلى جانب الوزن فى كراسة الطفل الصحية، على أن يتم القياس ثلاث مرات فى السنة الأولى، ومرتين فى السنة الثانية.