في الذكرى الثالثة عشرة لوفاته.. تعرف على مؤلف رواية “الجوع” محمد البساطي

تمر اليوم الذكرى الـ13 لرحيل الكاتب الروائي والقاص محمد البساطي، الذي رحل في مثل هذا اليوم الموافق 14 يوليو 2012. يُعد البساطي أحد أبرز الكُتاب في جيله، وامتدت مسيرته الأدبية لأكثر من أربعة عقود من الإبداع ما بين القصة والرواية، ترك خلالها بصمته الخاصة على السرد العربي عبر لغة مقتصدة، وأسلوب شفاف، وقصص تنبع من قلب الريف المصري وتتشظى نحو الأسئلة الكبرى عن الإنسان والهامش والمصير.في السطور التالية نتعرف على سيرة القاص محمد البساطي:
البساطي.. السارد الهادئ الذي فضح الهامش
ظل المنجز الأدبي للقاص محمد البساطي أحد أبرز المراجع التي تُشير إلى تطور القصة القصيرة والرواية المصرية بعد الستينيات. فقد شكّل مع جيل الستينيات – الذي ضم صنع الله إبراهيم، بهاء طاهر، يحيى الطاهر عبد الله، وإبراهيم أصلان – موجة سردية جديدة تنتمي إلى الواقع، لكنها تبتعد عن الشعارات، وتؤمن بقوة التفاصيل الصغيرة في قول الأشياء الكبيرة.
من البحيرة إلى الكتابة: بداية الحكاية
وُلد محمد إبراهيم البساطي في عام 1937 بمدينة بيلا في محافظة كفر الشيخ، ونشأ في ريف دلتا النيل، حيث تفتحت عيناه على تفاصيل القرية المصرية: البؤس، والفقر، والتحولات الاجتماعية. وقد ظلت هذه البيئة محورًا ثابتًا في معظم أعماله، حتى أن البعض وصفه بـ “كاتب الريف الحزين”.درس الاقتصاد في جامعة القاهرة، وتخرج منها عام 1960. عمل موظفًا في الجهاز المركزي للمحاسبات، وهي وظيفة رتيبة لكنها وفرت له مساحة من الهدوء ليكتب بعيدًا عن صخب المؤسسات الثقافية. لم يكن من هواة الأضواء، ولم يسعَ يومًا ليكون نجمًا في المشهد الأدبي، لكنه كان نجمًا على طريقته: بصمت وإخلاص للكلمة.بدأ البساطي الكتابة في أوائل الستينيات، ونُشرت أولى قصصه القصيرة في مجلة “القصة” التي كان يشرف عليها الكاتب الكبير يوسف إدريس. وأصدر أول مجموعة قصصية بعنوان “الكبار والصغار” عام 1967. ومنذ ذلك الحين، توالت أعماله الأدبية التي بلغت نحو 17 رواية ومجموعة قصصية، تنقلت كلها بين شجن الريف، وصراعات النفس، وتمزقات الطبقات المهمشة.
همس السرد.. لا شعارات ولا صراخ
تميز أسلوبه بالسلاسة والإيجاز، والقدرة على التقاط اللحظات الإنسانية الهاربة. لم يكن يصرخ في وجوهنا، بل يهمس في آذاننا. لم تكن أعمال البساطي صرخة سياسية مباشرة، لكنه كان “كاتب مقاومة صامتة”، يكشف التهميش والفقر والخذلان بطرق سردية ناعمة.وفي روايته “جوع”، يصوّر الحياة اليومية لعائلة تعيش على حافة الموت البطيء، من دون أن يرفع شعارات أو يدين أحدًا. كان يؤمن أن الأدب لا يغيّر العالم، لكنه يمكن أن يجعله أكثر فهمًا وإنسانية.قال عنه الناقد جابر عصفور: “محمد البساطي يكتب كأنما يتنفس، بلا تكلف، وبلا زينة لغوية، لكنه يمسك بروح اللحظة بدقة لا يجيدها سواه.