عاجل.. تطورات مرتقبة.. ما الجديد في مفاوضات “وقف إطلاق النار في غزة”؟

فى الوقت الذى تدخل فيه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الـ٢١، تتحرك عجلة المفاوضات بوتيرة غير مسبوقة للوصول إلى هدنة قد تشكل بداية لانفراجة كبرى.وخلال الأيام الماضية، بدأت جولة مفاوضات جديدة، عبر وساطة مصرية قطرية أمريكية، بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، فى الدوحة، من أجل سد الفجوات وتقريب وجهات النظر حول بنود الاتفاق المطروح لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وصولًا لإنهاء الحرب بشكل كامل. يأتى ذلك بالتزامن مع زيارة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، إلى واشنطن التى التقى خلالها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مرتين، خلال أقل من ٢٤ ساعة.وقال «ترامب»، فى تصريحات بالبيت الأبيض: «علينا حل هذه المسألة.. غزة مأساة ونتنياهو يريد حلها، وأنا أيضًا، وأعتقد أن الطرف الآخر يريد حلها كذلك».وبحث ترامب ونتنياهو، خلال اللقاء، الخطوط العريضة لاتفاق الهدنة المحتملة فى غزة، والذى تضمن: إطلاق سراح عشر رهائن إسرائيليين أحياء على مرحلتين، وإعادة جثامين ١٨ رهينة إسرائيليًا، والإفراج عن عدد غير محدد من الأسرى الفلسطينيين، وإدخال مساعدات إنسانية إضافية إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى مسألة وجود ضمان من ترامب بمحادثات تهدف لإنهاء الحرب بالكامل بعد مدة الهدنة التى تصل إلى ٦٠ يومًا.وكشف مسئولون رفيعو المستوى من أمريكا وإسرائيل وقطر عن أنه تم عقد اجتماع سرى فى البيت الأبيض الثلاثاء الماضى، ركز على نقاط الخلاف الأساسية التى تعوق التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، وذلك حسبما نشر موقع «والا» الإسرائيلى. وحسب الموقع العبرى، فقد شارك فى الاجتماع كل من: ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكى، ورون ديرمر المستشار المقرب من نتنياهو، ومسئول قطرى رفيع، وتم التوصل خلاله إلى تفاهمات فى ٣ من أصل ٤ نقاط خلافية، لكن النقطة المتبقية والأكثر حساسية تتعلق بخطوط انسحاب قوات الجيش الإسرائيلى خلال الهدنة، التى يفترض أن تمتد لـ٦٠ يومًا.وأشار «والا» إلى أن المبعوث الأمريكى والمسئول القطرى قالا بوضوح إن خريطة إعادة الانتشار التى طرحتها إسرائيل، والتى تقضى بانسحاب محدود جدًا مقارنة بالهدنة السابقة، مرفوضة بالكامل، وقد تؤدى لانهيار المفاوضات.ونوه إلى أن ويتكوف قال إن الخطة الإسرائيلية الحالية تشبه ما يُعرف بـ«خطة سموتريتش»، وزير المالية اليمينى المتطرف فى الحكومة الإسرائيلية، والتى تدعو لبقاء الجيش الإسرائيلى فى أجزاء واسعة من قطاع غزة، وهو أمر غير مقبول لدى إدارة «ترامب».وردًا على ذلك، أوضح ديرمر، وفقًا للموقع العبرى، أن نتنياهو يواجه ضغوطًا شديدة من شركائه فى الائتلاف الحاكم تمنعه من تقديم تنازلات كبيرة، مؤكدًا أن أى قرار من هذا النوع يتطلب موافقة مجلس الوزراء، وليس قرارًا فرديًا من رئيس الحكومة.وأضاف «والا» أن إسرائيل قدمت بعد الاجتماع خريطة معدلة تتضمن انسحابًا أوسع لقواتها، مشيرًا إلى أن المراقبين اعتبروا ذلك تقدّمًا كبيرًا فى المفاوضات. من جانبها، أعلنت حركة حماس عن أنها مستمرة فى جهودها لإنجاح جولة المفاوضات الجارية، سعيًا للتوصل إلى اتفاق شامل ينهى الحرب فى غزة ويؤمّن دخول المساعدات الإنسانية. وأكدت، فى تصريحات مختلفة، أنها وافقت على إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين، مشيرة إلى أن النقاط الجوهرية التى بقيت قيد التفاوض، هى: تدفق المساعدات، وانسحاب الاحتلال من أراضى القطاع، وتوفير ضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار. فيما أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أنه رغم ما بدا من توافق فى بعض النقاط، فإن نقطة محورية ظلت محل خلاف جوهرى بين إسرائيل وحماس، وتتعلق بـ«محور موراج»، والذى يعرف كذلك بـ«محور فيلادلفيا الثانى»، ويفصل مدينة رفح عن باقى القطاع.وأوضحت الصحيفة العبرية أن إسرائيل تصر على الاحتفاظ بوجود عسكرى على طول المحور لأسباب أمنية واستراتيجية، فيما تطالب حماس بانسحاب إسرائيلى كامل من المنطقة، معتبرة أن أى بقاء يعنى استمرار الاحتلال.ونقلت عن مصادر إسرائيلية مطلعة قولها إن إسرائيل قدمت خريطة جديدة تقترح وجودًا جزئيًا للجيش فى المحور، إلا أن حركة حماس رفضت هذا الطرح حتى الآن.وفى الإطار نفسه، أوضح مسئول إسرائيلى كبير، فى تصريحات لوكالة «رويترز»، أن وقف إطلاق النار ممكن تحقيقه خلال أسبوع أو أسبوعين.وأضاف أن الاتفاق يشمل هدنة لمدة ٦٠ يومًا، ستستغلها إسرائيل للترويج لوقف إطلاق نار دائم «مشروط بنزع سلاح حركة حماس»، محذرًا من أنه إذا رفضت حماس ذلك، فـ«سنمضى قدمًا فى العمل العسكرى». من ناحية أخرى، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلى جيش الاحتلال بإعداد خطة لإنشاء ما أسماه بـ«مدينة إنسانية» على أنقاض رفح، وذلك ضمن مخرجات اجتماعات المجلس الوزارى المصغر فى إسرائيل «الكابينت».وتهدف الخطة إلى تجميع مئات الآلاف من النازحين فى مجمع محصن جنوب «محور موراج»، يتم من خلاله: فصل السكان المدنيين عن عناصر حماس، مع إخضاع السكان للفحص الأمنى قبل إدخالهم، ومنع المغادرة من المدينة إلا بإذن أمنى.وكشف يسرائيل كاتس، وزير الجيش الإسرائيلى، عن تفاصيل المشروع، موضحًا أن الهدف منه هو إدخال نحو ٦٠٠ ألف فلسطينى، معظمهم من منطقة المواصى، إلى المجمع السكنى، وسيتم تفتيشهم ولن يُسمح لهم بالمغادرة.لكنّ مسئولين أمنيين إسرائيليين أشاروا إلى أن الجيش يواجه صعوبات منهجية فى تنفيذ الخطة، منها تعقيدات قانونية تتعلق بمسئولية إسرائيل المباشرة عن حياة المدنيين فى المجمع، بما يشمل توفير الغذاء والرعاية الصحية والتعليم وكل الاحتياجات الأساسية، بموجب القانون الدولى، وذلك حسبما نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية. ونقلت عن إيال زامير، رئيس الأركان الإسرائيلى، قوله إن الجيش «لا يجبر السكان على التنقل داخل القطاع»، وإن الخطة «تتناقض مع الأمر العسكرى الخاص بعملية «عربات جدعون» الذى نص بوضوح على هدف «تجميع السكان».وذكرت «هآرتس» أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أنه تم تجميد خطة نقل سكان غزة إلى الخارج، التى كانت قد طرحتها إدارة ترامب، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة عن انسحابها من دعم الخطة نتيجة رفض الدول العربية، وعلى رأسها مصر والأردن، واستقبال اللاجئين الفلسطينيين من القطاع. وأكدت أن مصر شددت على موقفها الذى يطالب بانسحاب كامل لإسرائيل من قطاع غزة دون شروط، مع معارضة ما يسمى بـ«المدينة الإنسانية» فى رفح. ومن ناحية نفاذ المساعدات، وافقت إسرائيل مبدئيًا على السماح لقطر ودول أخرى بضخ موارد مالية لإعادة إعمار القطاع خلال فترة الهدنة، حال سريانها، وهو ما تعتبره حماس بندًا أساسيًا فى أى اتفاق لضمان جدية إسرائيل، وترى فيه إشارة ضمنية للرأى العام الفلسطينى بأن الحرب تقترب من نهايتها، خاصة أن دولًا عربية كبرى رفضت الالتزام بأى دعم لإعادة الإعمار ما لم تتعهد إسرائيل بإنهاء الحرب.وفى ذات السياق، توصل الاتحاد الأوروبى وإسرائيل إلى اتفاق شفهى يسمح بإدخال مساعدات إضافية إلى قطاع غزة، ويشمل إعادة فتح معابر كانت مغلقة، واستئناف عمل المخابز ومراكز توزيع الطعام، وضخ الوقود لتشغيل المستشفيات، وتجديد إمدادات الكهرباء لمحطات تحلية المياه.وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى كايا كلاس إن الاتفاق تم بوساطة المبعوث الأوروبى الجديد كريستوف بيجو، وإنه لا يتضمن أى ضمانات إسرائيلية ملزمة، لكنه خطوة فى سبيل تخفيف الوضع الإنسانى.ونشرت وكالة «بلومبرج» الأمريكية، تفاصيل ذلك الاتفاق، الذى يهدف، من وجهة نظر إسرائيل، إلى تفادى عقوبات محتملة من الاتحاد الأوروبى بسبب الانتهاكات المستمرة فى غزة والضفة.كان الاتحاد الأوروبى قد ناقش، فى اجتماعه الوزارى الأخير، إمكانية فرض عقوبات على وزراء فى الحكومة الإسرائيلية وتقييد العلاقات التجارية، وفرض قيود على منتجات المستوطنات، لكن القرار النهائى بشأن العقوبات تم تأجيله، فى انتظار ما ستسفر عنه التطورات فى قطاع غزة.