مبادرة روسية للحد من التوتر حول “اليورانيوم” الإيراني.. هل ستحظى بقبول واشنطن؟

طرحت روسيا مبادرة دبلوماسية تهدف إلى احتواء التصعيد الإقليمي والدولي بشأن تخصيب اليورانيوم، عبر اقتراح تحويل فائض اليورانيوم الإيراني المخصب إلى منتج تجاري يخضع لرقابة دولية صارمة. وحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية، فإن المقترح الذي وصفته موسكو بأنه “واقعي وقابل للتطبيق”، لقي اهتمامًا واضحًا من كل من واشنطن وطهران، حسب ما أعلنت وزارة الخارجية الروسية اليوم.
مخرج دبلوماسي من عنق الأزمة
وفي خضم التوتر المتصاعد بعد الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية الشهر الماضي، جاء المقترح الروسي كنافذة بديلة تهدف إلى تجنيب المنطقة المزيد من التصعيد.ووفقا لما جاء في التقرير، فبدلًا من الإصرار على وقف التخصيب أو فرض عقوبات إضافية، تقترح موسكو تسويق اليورانيوم المخصب في إطار قانوني وتجاري، يُشرف عليه المجتمع الدولي، وتستفيد منه طهران دون تهديد الاستقرار النووي في المنطقة.ووفق بيان الخارجية الروسية، فإن “الاقتراح يراعي حق إيران في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، وفي الوقت ذاته يُطمئن المجتمع الدولي بأن لا انحراف نحو تصنيع السلاح النووي”. وهذا الطرح يحمل في طياته مقاربة مزدوجة لا تمسّ بالسيادة الإيرانية، ولا تُغفل الهواجس الغربية.
استجابة مشروطة من واشنطن وطهران
المفاجئ في هذه المبادرة ليس فقط مضمونها، بل سرعة تفاعل الأطراف المعنية معها، فأشارت موسكو إلى أن “واشنطن وطهران أخذتا المقترح على محمل الجد”، ما يعكس رغبة متبادلة – وربما ضغوطًا خلف الكواليس – لاحتواء التصعيد بعد أن بات الملف النووي على شفا الانفجار.بالرغم من ذلك، لم تُبدِ أي من الدولتين موقفًا نهائيًا، ما يشير إلى أن المبادرة ما زالت في طور جس النبض، لكنها فتحت بابًا لحوار بنّاء قد يعيد الملف إلى الطاولة الدبلوماسية، بدلًا من المسار العسكري.من جهتها، شددت إيران عبر القنوات الدبلوماسية على تمسكها بحقها السيادي في تخصيب اليورانيوم، وهو حق تكفله الاتفاقيات الدولية الخاصة بالطاقة النووية السلمية، ولكنها لم تغلق الباب أمام المقترح الروسي، بل أبدت استعدادًا لمناقشة الأطر التنظيمية التي تجعل من فائض التخصيب مادة تجارية قابلة للتصدير أو الاستخدام في أغراض غير عسكرية.وحسب التقرير فإن هذا الانفتاح الإيراني ربما يرتبط بالتداعيات الأخيرة للهجمات الأميركية، والتي تسببت بحسب تقارير استخباراتية في تدمير أجزاء من المخزون النووي الإيراني، ما فرض على طهران إعادة التفكير في إدارة هذا الملف المعقد.كما أن المقترح الروسي يتمثل في نقله الملف النووي الإيراني من خانة “التهديد الأمني” إلى خانة “المنتج القابل للتداول”، تحت رقابة المنظمات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبهذا يصبح اليورانيوم الإيراني عنصرًا في سوق الطاقة، وليس ورقة ضغط جيوسياسي تُشعل الأزمات.إذا تم تبني هذه المبادرة، فإنها ستشكل سابقة في إدارة النزاعات النووية بالطرق الاقتصادية، وستمنح طهران فرصة لتثبيت موقعها كدولة نووية مدنية دون الخضوع للمزيد من العقوبات أو التهديدات العسكرية.