رئيس جامعة الأزهر يساهم في افتتاح مؤتمر حول مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا

رئيس جامعة الأزهر يساهم في افتتاح مؤتمر حول مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا

شارك د.سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، نائبًا عن الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في فعاليات المؤتمر الدولي لمكافحة كراهية الإسلام الذي عقد في جامعة الدول العربية تحت شعار: “الإسلاموفوبيا: المفهوم والممارسة في ظل الأوضاع العالمية الحالية” بحضور الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشئون الوافدين، والدكتور خالد عباس، عميد كلية اللغات والترجمة، والدكتورة أنوار عثمان، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر.ونقل رئيس جامعة الأزهر للحضور تحيات الإمام الأكبر وأشار إلى أن الإسلاموفوبيا تعني خوف البعض من الإسلام وكراهيته، وهو خوف على غير أساس؛ نتج عنه ممارسات بالتمييز والإقصاء، ويطوي وراءه أيضًا إدانةَ الإسلام وتاريخه، وإنكارَ وجودِ المعتدلين من المسلمين مع أنهم هم الأغلبية، والتعصبَ الأعمى ضد الإسلام والمسلمين؛ ونتج عنه أيضا التصدي للصراعات التي يكون المسلمون طرفا فيها على أنهم السبب في هذا الصراع، ونتج عنه شن الحرب ضد المسلمين.وبيَّن رئيس جامعة الأزهر أن بداية استخدام هذا المصطلح كان في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن العشرين، لكنه كثر وشاع بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن من أهم وسائل مكافحة الإسلاموفوبيا دمج المسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها بحيث يكونون أفرادًا فيها ويشعرون أنهم مواطنون لهم ما لأهل البلاد التي يعيشون فيها وعليهم ما عليهم، وليسوا أقليات منبوذة، لافتا إلى أن هذا الدمج يخول لهم المشاركة في الحياة السياسية في الغرب، ويكون لهم دور مؤثر في تنمية مجتمعاتهم وينخرطون في الحياة العامة، وأن يصبح لهم وزن في الحياة.وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن هذا الدمج من شأنه أن يجعلهم قوة لهذه البلاد التي يأمنون فيها على أنفسهم وأولادهم وأموالهم، وأن يطرد عنهم الشعور بكثير من المعاني السلبية التي تبعث في نفوسهم الاضطهاد والكراهية وأنهم غير مرغوب فيهم في هذه البلاد، وهذا الدمج أصل أرسى دعائمه الإسلام ونزل به قرآن يتلى إلى يوم القيامة، قال الله جل وعلا: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة 8)، ذكرت الآية الكريمة أن من يعيش معكم أيها المؤمنون في أوطانكم أو في غيرها في أمن وسلام، ولم يقم بالاعتداء عليكم وقتالكم ولم يخرجكم من دياركم فعليكم العيش معهم في سلام وعليكم برّهم ومودتهم والتعامل معهم بالكرم والإحسان، وهذا أصل عظيم وضعه القرآن الكريم في تعامل المسلمين مع غيرهم ممن ليسوا على دينهم ولم يقوموا بالعدوان عليهم، ولا تجد أوسع من كلمة «البر» بما تنطوي عليه من جميع خصال الخير والإحسان والمودة والرحمة؛ وليس هذا دمجًا لهم في المجتمع فقط، بل يزيد على ذلك إحسان المعاملة وتبادل المشاعر النبيلة التي تبني جسور المودة فتذوبُ معها وتتلاشى هذه الكلماتُ البغيضة التي صارت مصطلحات ثابتة في اللغات العالمية؛ مثل: «التمييز العنصري» و«كراهية الآخر» و«الفوبيا» أو «الخوف والذعر من الآخر»، إلى آخر هذه العائلة البغيضة الكريهة من المصطلحات التي عشنا معها سنوات طويلة حتى ألفناها على الرغم من نكارتها وما فيها من إشعال نيران الكراهية التي توقد الحروب وتحرق أغصان السلام. 

كما أوضح رئيس جامعة الأزهر أن صحيفة المدينة المنورة تعد أول دستور مدني في تاريخ المسلمين؛ فقد هاجر الرسول (ص) إلى المدينة المنورة وكان يسكنها قبيلتا الأوس والخزرج، وكانت بينهما حروب لا تنقطع، فلما آمنوا بالرسول (ص) ودخلوا في الإسلام ونصروا رسول الله سماهم: «الأنصار»، وهناك 3 قبائل من اليهود كانت تسكن المدينة؛ وهم: بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع، فكتب (ص) صحيفة المدينة لتنظم علاقة المسلمين بغيرهم من اليهود وتحقق التعايش السلمي بين سكانها، وكان من بنودها: «أنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصَر عليهم، وأن على اليهود نفقتَهم وعلى المسلمين نفقتَهم، وأن بينهم النصرَ على من حارب أهلَ هذه الصحيفة، وأن بينهم النصحَ والنصيحةَ والبرَّ دون الإثم» وبهذا دمج الرسول (ص) اليهود ليعيشوا مع المسلمين في المدينة في سماء واحدة تظلهم، وفي ظلال النصح والنصيحة والبر، حتى نقضوا العهد وظاهروا المشركين في قتالهم ضد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدارت الدائرة عليهم وأخرجوا أنفسهم من ديارهم.وقال رئيس جامعة الأزهر إن الشيخ محمود شلتوت ، رحمه الله، كان يرى أنه على الرغم من انتشار الإسلام عبر القرون المتطاولة فإن الغربيين في أوروبا وأمريكا من أهل الفترة؛ لأن الإسلام لم يصل بعضهم أو وصلهم بصورة مغلوطة غير صحيحة فلم يؤمنوا به، وأن من يصله الإسلام منهم بصورة صحيحة ويكون أهلًا للفهم فإنه يدخل فيه عن حب وطواعية واختيار.وبيَّن رئيس جامعة الأزهر أن من أهم وسائل مكافحة الإسلاموفوبيا نشر النماذج الإيجابية للتعامل الحسن والإيجابي للغربيين مع الإسلام، كما في النمسا وبلجيكا؛ ففي النمسا اعتراف دستوري واضح بالإسلام؛ حيث يتم تدريسه كأحد الأديان الرسمية للدولة، كما أن بلجيكا اعترفت بالإسلام كثقافة من ثقافات المجتمع، ما يسمح بتعليم قواعد الدين الإسلامي، بجانب ذلك فإن من أهم  وسائل مكافحة الإسلاموفوبيا جمع الجهود الكثيرة للمسلمين في مواجهة هذه الظاهرة تحت مظلة واحدة، وتوحيد هذه الجهود؛ لأن هناك حالة من الانفصام وعدم الربط بين أصحاب الجهود المقاومة لظواهر الإسلاموفوبيا بحيث يعمل كل منهم بصورة منفردة، فإذا أمكن جمعُها أمكن الاستفادة منها بصورة أفضل، وأمكن التنسيق وتوزيع المهام والأدوار بشكل أفضل بما يحقق نجاحا أكبر في مكافحة الإسلاموفوبيا.