المقررة الأممية مارجريت ساترثويت: دلائل مثبتة حول ارتكاب إسرائيل جرائم حرب.

المقررة الأممية مارجريت ساترثويت: دلائل مثبتة حول ارتكاب إسرائيل جرائم حرب.

أكدت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، مارجريت ساترثويت، أن المجتمع الدولى لم يبذل الجهود اللازمة لوقف الانتهاكات الخطيرة التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلى فى غزة، مشددة على أن الاحتلال مستمر فى جرائمه ضد الإنسانية فى القطاع.وأدانت «مارجريت»، فى حوارها مع «الدستور»، تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلى، بنيامين نتنياهو، التى يهدد فيها بالانتقام من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية على خلفية القرارات الصادرة ضده من قبل المحكمة، بسبب جرائمه فى قطاع غزة، مشيرة إلى قلقها الشديد فيما يتعلق بالتعليقات الأمريكية حول قرارات المحكمة ضد نتنياهو.■ كيف ترين تصريحات المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين التى هددوا فيها بالانتقام من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية قرارات المحكمة ضد نتنياهو؟- بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان، على جميع الدول والمسئولين الحكوميين احترام استقلال القضاء. ومن الصادم أن نرى مسئولين من دولتين يُهاجمون مؤسسة قضائية مستقلة أُنشئت لمعاقبة أسوأ جرائم العالم. لقد شهدنا موجة من الخطاب العدائى الذى يستهدف المحكمة وقضاتها والمدعى العام، وأحيانًا بلغة غير لائقة تمامًا.قبل ستة وسبعين عامًا، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة إنشاء محكمة دولية دائمة للتعامل مع الفظائع من النوع الذى رُفعت دعاوى قضائية ضد مرتكبيها بعد الحرب العالمية الثانية. تُعدّ المحكمة الجنائية الدولية إرثًا لمحاكمات نورنبيرج، ولن تسمح أبدًا بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، كتلك التى ارتُكبت خلال الحرب العالمية الثانية، أن تفلت من العقاب، ولضمان محاكمة مرتكبى أخطر الجرائم أمام محكمة قانونية، يُعدّ دور المحكمة الجنائية الدولية أكثر أهمية من أى وقت مضى.■ هل تعتقدين أن المجتمع الدولى قد أظهر قوة كافية فى رده على الانتهاكات الإسرائيلية، لا سيما فى سياق استخدام القوة العسكرية ضد المدنيين فى غزة؟ – لا أعتقد ذلك، فالأدلة على ما قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتواصل يوميًا.■ هل من الممكن أن يؤثر الضغط السياسى من القوى الكبرى على المحاكمة؟ وهل سيؤثر على مصداقية المحكمة الجنائية الدولية؟- منذ صدور مذكرات التوقيف، أكدت عشرات الدول دعمها المحكمة وعزمها على الامتثال لالتزاماتها القانونية بموجب نظام روما الأساسى بالتعاون مع المحكمة. ومع ذلك، يساورنى قلق بالغ من أن عددًا من الدول قد ردّت بعكس ذلك تمامًا، إذ هاجمت المحكمة وقضاتها والمدعية العامة لفظيًا، وفى بعض الأحيان بلغة غير لائقة تمامًا.فقد وصف مسئولون إسرائيليون المحكمة بأنها معادية للسامية، ووصف مسئول منتخب من الولايات المتحدة المحكمة بأنها «مزحة خطيرة»، ووصف آخر المحكمة الجنائية الدولية بأنها «محكمة صورية»، وسخر من المدعية العامة بعبارات لن أكررها.فى ٦ يناير ٢٠٢٥، وقع رئيس الولايات المتحدة على أمر تنفيذى ينص على أن «أى جهد من جانب المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق مع الأشخاص المحميين أو اعتقالهم أو احتجازهم أو مقاضاتهم […] يشكل تهديدًا غير عادى واستثنائيًا للأمن القومى والأمم المتحدة».وأُعلنت حالة طوارئ وطنية لمواجهة هذا «التهديد». وذهب الأمر التنفيذى إلى أبعد من ذلك، إذ نص على أن الولايات المتحدة تعارض وتتوقع من حلفائها معارضة جميع إجراءات المحكمة الجنائية الدولية ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أى حليف آخر لم يوافق على اختصاص المحكمة. وفى ٦ فبراير ٢٠٢٥، طُبقت عقوبات بموجب الأمر التنفيذى، استهدفت المدعى العام كريم خان، بتجميد أصوله وقيود سفره عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية.وهدد عضو فى مجلس الشيوخ الأمريكى أعضاءً رئيسيين فى المحكمة الجنائية الدولية، قائلًا: «إلى أى حليف، كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا، إذا حاولتم مساعدة المحكمة الجنائية الدولية، فسنعاقبكم». وذهب عضو آخر فى مجلس الشيوخ الأمريكى إلى أبعد من ذلك، مهددًا بعمل عسكرى. ■ إسرائيل ليست عضوًا فى نظام روما الأساسى.. كيف تنظرون إلى احتمالية تنفيذ المحكمة حكمًا ضد شخصيات إسرائيلية بارزة مثل نتنياهو؟- أذكر أن نظام روما الأساسى، فى المادة ٢٧، ينص بوضوح على أن «الصفة الرسمية كرئيس دولة أو حكومة.. لا تعفى بأى حال من الأحوال الشخص من المسئولية الجنائية»، وأن أى حصانات أو قواعد خاصة ناشئة بموجب القانون الوطنى أو الدولى قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص لا تمنع اختصاص المحكمة.وأوضحت المحكمة أن الدول الأطراف ملزمة باعتقال وتسليم أى شخص مطلوب بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، حتى لو كان هذا الشخص رئيس دولة، وبغض النظر عما إذا كانت دولة جنسيته طرفًا فى نظام روما الأساسى أم لا. وأكدت المحكمة أيضًا أنه لا يُشترط التنازل عن الحصانة فى مثل هذه الظروف بموجب المادة ٩٨ من النظام الأساسى، حتى بالنسبة لرؤساء الدول.■ كيف يمكن للمجتمع الدولى التعامل مع الدول؟.. هل هناك دول تتجاهل المحكمة الجنائية الدولية أو ترفض التعاون معها فى مقاضاة المسئولين عن الجرائم ضد الإنسانية؟- القضية هنا أخطر من مجرد تجاهل المحكمة أو رفض التعاون معها. فبدلًا من ذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على موظفى المحكمة، وتدرس إسرائيل قانونًا يُجرّم التعامل مع المحكمة. وقد أدانت المحكمة الجنائية الدولية العقوبات الأمريكية، ووصفتها، عن حق، بأنها محاولة واضحة لتقويض استقلال مؤسسة قضائية دولية تعمل بموجب تفويض من ١٢٥ دولة طرفًا حول العالم. إنها تُقوّض جوهر المحكمة الجنائية الدولية، المُكلّفة بالتحقيق مع الأفراد ومقاضاتهم على الجرائم الدولية الجسيمة المتمثلة فى الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة العدوان. كما أنها تُقوّض إرث «نورنبيرج» الذى يُمثّل عدم تكراره أبدًا، حجر الزاوية فى تطور القانون الجنائى الدولى منذ عام ١٩٤٥. وكما ورد فى بيانات المحكمة الجنائية الدولية وبيانات الخبراء، فإن استهداف العاملين بسبب المساءلة «لا يُشجع إلا أولئك الذين يعتقدون أنهم يستطيعون التصرّف دون عقاب». فى الواقع، لهذه العقوبات آثارٌ وخيمة على الضحايا الأبرياء فى جميع الحالات المعروضة على المحكمة، الذين يُحرمون من العدالة والتعويض. وهى فى نهاية المطاف تُهدد سيادة القانون والسلام والأمن ومنع أخطر الجرائم. وتسخر من السعى الدءوب، الذى استمر لعقود، لوضع القانون فوق القوة والفظائع.ما تقييمك للأدلة المتاحة على انتهاكات حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة؟– فى ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤، أصدرت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بالإجماع مذكرات توقيف بحق بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلى السابق، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب فى الفترة من ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ على الأقل حتى ٢٠ مايو ٢٠٢٤ على الأقل، وهو اليوم الذى قدّمت فيه النيابة العامة طلبات إصدار مذكرات التوقيف.أُذكّر بأن مذكرات التوقيف هذه صدرت عن ٣ قضاة من جنسيات مختلفة فى محكمة مستقلة، والذين خلصوا إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الجرائم قد ارتُكبت، بناءً على أدلة على سلوك يفى بمعايير جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.