لويس أرمسترونغ: من شوارع الفقر إلى منصات الشهرة العالمية

في السادس من يوليو عام 1971، أسدل الستار على حياة أحد أعظم رموز الموسيقى في القرن العشرين، لويس أرمسترونج، العازف والمغني الأميركي الذي لم يغير فقط وجه موسيقى الجاز، بل غير معها مفهوم النجاح والعبقرية حين يولدان من قلب المعاناة.
من شوارع نيو أورلينز إلى أول نغمة
ولد أرمسترونج عام 1901 في حي فقير يعرف باسم “The Battlefield” في نيو أورلينز، لأم عاملة في الدعارة وأب هجر الأسرة مبكرا، ووفقا لما ورد في تقرير منشور على موقع Biography.com، فقد اضطر الطفل الأسود النحيل لترك المدرسة مبكرا ليعمل في بيع الصحف وجمع الخردة، بل واعتقل ذات مرة لإطلاقه الرصاص في الهواء خلال احتفالات رأس السنة، وأرسل إلى مؤسسة إصلاحية.وفي هذه المؤسسة، تعلم العزف على آلة الكورنيت، وكانت تلك البداية الحقيقية لمشواره الموسيقي، كما جاء في أرشيف مكتبة الكونجرس الأميركية.

كينج أوليفر يفتح له باب الجاز
في عام 1922، دعاه عازف الكورنيت الشهير كينج أوليفر إلى شيكاغو للانضمام إلى فرقته “Creole Jazz Band”. وقد أشار موقع JazzHistoryTree.com إلى أن تلك الخطوة مثلت التحول الأول الكبير في حياته، إذ بدأ أرمسترونغ هناك يظهر شخصيته الموسيقية المستقلة، ويدخل التجريب على شكل الأداء الجماعي السائد آنذاك في موسيقى الجاز.

تسجيلات “Hot Five”: ثورة حقيقية في الموسيقى
ما بين عامي 1925 و1928، سجل أرمسترونج مع فرقته “Louis Armstrong and His Hot Five” مجموعة من المقطوعات الموسيقية التي اعتبرت بمثابة “دستور الجاز الحديث”، وأبرزها:West End BluesPotato Head BluesHeebie Jeebies

وقد وصفت مجلة Time هذه التسجيلات بأنها “الثورة الصامتة التي نقلت الجاز من عشوائية جماعية إلى فن فردي متكامل”.
سفير فوق العادة.. بموسيقى لا تعرف الحدود
في الخمسينيات، أصبح أرمسترونج رمزا ثقافيا عالميا، وصف في تقرير لوزارة الخارجية الأميركية (منشور على موقع US State Archives) بأنه “أكثر سفير شعبي فعال للولايات المتحدة في الخارج”، بعد أن قدم حفلات في إفريقيا وآسيا وأوروبا، ونجح في كسر حواجز اللغة والثقافة بالموسيقى.

“Hello، Dolly” وعودة إلى القمة
في عام 1964، وبينما كان في الستينيات من عمره، سجل أغنيته الشهيرة Hello، Dolly!، والتي أزاحت فرقة “البيتلز” من صدارة قائمة بيلبورد لأكثر الأغاني استماعا، كما جاء في تقرير لمجلة Rolling Stone.
رحيل جسد وبقاء أسطورة
توفي أرمسترونج في منزله بكوينز – نيويورك، في السادس من يوليو 1971، عن عمر يناهز 69 عاما، نتيجة نوبة قلبية وتخليدا لذكراه، حول منزله إلى متحف ومركز ثقافي، ما زال حتى اليوم يستقبل آلاف الزوار سنويا، وفقا لموقع Louis Armstrong House Museum.

كما جاء في تأبين صحيفة The New York Times في اليوم التالي لوفاته، فإن “أرمسترونغ لم يكن مجرد موسيقي، بل كان صوتا شعبيا جعل الموسيقى لغة عالمية للتعبير عن الإنسان، ألمه وفرحه معا”. من حي فقير لم يكن فيه ما يغني سوى البؤس، إلى مسارح ملأت العالم نورا، يخلد لويس أرمسترونج اليوم كرمز للحرية والعبقرية، وكرجل أدار ظهره للأضواء المصطنعة وخلق نوره الخاص… بصوت بوق.