محمد الدش: المتحف المصري الكبير سيعزز الاقتصاد الوطني بشكل ملحوظ (حصري)

رغم تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير، إلا أنه مازال الحدث الأبرز والأكبر الذي يترقبه العالم، وحول المتحف وما يمثله لمصر تحدث الشاعر محمد عبدالستار الدش، في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، قائلا: عبر التاريخ تؤكد مصر أنها ضد الغموض والظلمة؛ لأنها تحب الوضوح والنور، تحب الحياة فلذلك تحب العدل والحق والجمال.ويؤكد ذلك جيمس هنري بريستيد في كتابه فجر الضمير “إن مصر مهد الحضارة الإنسانية، ومبعث الأخلاق الحميدة، وأن الضمير الإنساني بدأ يتشكل في مصر قبل أي مكان آخر.هذا التكَوّن الحضاري المصري يعرفه كل من له ضمير حيّ مثقف واع غير مخادع أومُدَلِّس أو مُوَالٍ؛ فكل الأدلة تؤكد أن مصر بدأت أولا طريق النهار وجاء مَنْ بعدها مسترشدا بخطواتها.
التكَوّن الحضاري المصري يعرفه كل من له ضمير حيّ
وتابع: فالهندسة المعمارية للأهرام وقصور الفراعنة والملوك ورجال الحكم بعد ذلك، والنقوش القديمة على جدران المعابد والبرديات بما تحويه من مكاتبات ووصايا، لإبداع ناضج قبل العالم بزمان. فمصر عرفت الكلمة وكتابتها وصياغة العبارات والأساليب وما هو كلام رسمي وشعبي. وما هو أدبي بلاغي وشكايات الفلاح المصري الفصيح وكتاب الموتى أو الخروج للنهار خير دليل على ذلك.العلم والعلماء والكتب والمؤلفات والمكتبة واسألوا مكتبة الأسكندرية.ومن اللافت للنظر أن مصر استوعبت الحضارات والديانات التي مرت عليها، فأصبحت من النسيج المصري ولم تستطع الحضارات أن تلغي شخصية مصر الأصيلة، وكذلك الديانات فنسيج اللحمة الوطنية بين المسيحيين والمسلمين وكذلك اليهود في زمن وجودهم ومن هو موجود منهم الآن مثال على ذلك.ولأنها المتميزة جعل لها الخالق شخصية متفردة بعبقرية في المكان كما عبر عن ذلك ابنها د.جمال حمدان في كتابه شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان.فهي في شمال أفريقيا وتطل على أوروبا من ساحلها الكبير على البحر الأبيض المتوسط، وتطل على آسيا من ساحلها الكبير على البحر الأحمر، وتتفاعل مع العالم كله من خلال قناة السويس، ويجري على أرضها نهر النيل العظيم مما جعلها محط أنظار العالم من الذين أرادوا التعلم أو التمتع بكل هذا البهاء أو من الطامعين الذين ما إن مروا عليها وظنوا أنهم امتلكوها حتى تخلصت منهم تباعا وبقيت شامخة.وكما يقول الشاعر عبدالرحمن الأبنودي أحد أبنائها المبدعين بالعامية: “أبدا بلدنا ليل نهار بتحب موال النهار”. فمصر المفكرة الحرة المنتصرة المبدعة في كل فنون العلم والفن والسياسة، محمد عبده، طه حسين، محمد حسنين هيكل، جمال حمدان، م كلثوم، نجيب محفوظ، أحمد زويل، مجدي يعقوب والقائمة تطول.ألا تستحق هذه الملكة بقوتها الناعمة المتنوعة كما ذكرنا عبر التاريخ أن يأتي إليها الجميع من كل فج عميق ليعانقوا هذا الجمال في الواقع مباشرة؟ ولأن مصر كلها تستحق أن تكون متحفا كبيرا مفتوحا للزائرين فكل شبر من أرضها يحكي عن عظمتها وتاريخها الطويل في النضال والبناء والريادة، ولكن إن كان هذا صعب التحقق فمن الضروري أن يوجد متحف يليق بهذه العظمة.فكان المتحف المصري الكبير الذي يعد أكبر متحف في العالم، ومن المتوقع أن يضم مائة ألف قطعة أثرية تمثل مصر الفرعونية والرومانية واليونانية. وقد تم البناء على أحدث التقنيات العالمية من حيث الجمال والفخامة والدقة، مع الحرص على استخدام كل وسائل التأمين والأمان تكنولوجية وبشرية. والعمل على راحة الزائر وإمتاعه وإفادته بوسائل متنوعة سواء أكانت في صالات العرض المبهرة إلى جانب إبهار الآثار ذاتها، أو في المساحات الخدمية المخصصة للمكتبة، والفندقة للإقامة والخدمات التجارية والترفيهية والحديقة المتحفية التي سيزرع بها الأشجار التي كانت معروفة عند المصريين القدماء، وغير ذلك من أشياء تجذب إليها السائحين من كل مكان في الخارج، وأيضا أبناء الوطن المحبين الفخورين وكيف لا والمتحف المصري الكبير على أرض المحبة والسلام والجمال والأمن والحضارة. على أرض مُكَرَّمة ذُكرت في القرآن الكريم مرات كثيرة؟
وهنا يبرز تساؤل مهم هل من فائدة تعود على مصر من هذا المتحف المصري الكبير؟
والإجابة واضحة تماما وحاضرة: نعم. ليست فائدة واحدة، وإنما فوائد كثيرة مثل تنشيط السياحة وتنميتها والعمل على ازدهارها لتكون مصر الواجهة السياحية الأَوْلَى بالاهتمام والزيارة فلديها مقومات كثيرة.العائد المادي الكبير من العملة الصعبة مما ينعش الاقتصاد الوطني بقوة. توفير فرص عمل كثيرة ومتنوعة سواء أكانت رسمية أو غير رسمية مرتبطة بخدمة الزائرين كُلّ في مجاله. اكتساب خبرات الشعوب من خلال التعامل مع الزائرين وخاصة أصحاب الحضارات المتميزين سلوكيا وعلميا. التأكيد على قيمة الإنسان المصري ورقيه الذي يبرهن دائما على أن مصر تستطيع أن تكون في مقدمة الدول الكبرى لأنها ذات حضارة تاريخية كبرى معروفة.
المتحف المصري الكبير ينعش الاقتصاد الوطني بقوة
وهذه المكاسب على سبيل المثال التي ستتحقق بعد افتتاح المتحف المصري الكبير تحتاج جهدا كبيرا من الدعاية خارجيا وداخليا لتشجيع الناس وخاصة الأجانب لزيارة المتحف المصري الكبير.وعمل سياحات متنوعة في مصر بدل أي وجهة أخرى.وهنا أؤكد على عنصر مهم جدا له مفعول ممتد الأثر وهو الإنسان المصري الذي سيتعامل مع السائحين، فلابد أن يكون مهندما في ثيابه لبقا في الحديث لطيفا صبورا صادقا مؤمنا برسالته أنه يمثل وطنه أمام السائحين.هذا الإنسان أكبر دعاية من أي إعلانات، وهو واحد من أهم القوي الناعمة الفاعلة مباشرة، وعلى المسؤولين أن يهتموا به بالتوعية المستمرة والمتابعة والرقابة حتى يصير سلوكه مع الزائرين أمرا طبيعيا؛ فالسائحون عندما يرجعون إلى بلادهم وفي لقاءاتهم بالتأكيد سيتحدثون عن جمال المعاملة في مصر، وحسن الاستقبال وروعة الرحلة والإقامة؛ مما يجعلهم يفضلون في المرات القادمة أن تكون مصر وجهتهم المفضلة.