تيسير إدريس: رمز الحق وتجسيد المقاومة في عالم الفن

تيسير إدريس: رمز الحق وتجسيد المقاومة في عالم الفن

في زمنٍ صار فيه الفن مرآةً للمظاهر لا للجوهر، خرج الـKing تيسير إدريس من قلب المعاناة ليمنح الخشبة والمشهد العربي ملامح مختلفة للفن الأصيل. لم يكن حضوره على الخشبة تمثيلًا فحسب، بل كان طقسًا من الإيمان، يسكب فيه صدقه وتاريخه وإحساسه النابض بقضايا الناس. حين يتكلّم، يصمت الضجيج. وحين يقف على المسرح، يعلو النص بمعناه.في عالم الفن، لا يكفي أن يكون الممثل موهوبًا فقط، بل يجب أن يحمل في أدائه رسالة ومعاناة، وهذا بالضبط ما جعل من تيسير إدريس واحدًا من أبرز الأصوات الفنية التي نقلت هموم الإنسان الفلسطيني والإنسان العربي عبر أدواره المتعددة.لم يكن تيسير إدريس مجرّد ممثل عادي، بل كان سفيرًا حقيقيًا لقضية وطنه وأمته، يحملها في قلبه وروحه، ويعبر عنها بصدق وأمانة في كل ظهور له على الشاشة أو المسرح. عبر سنوات طويلة، ظلّ إدريس يؤمن بأن الفن هو سلاح يحمل نور الحقيقة في وجه الظلم، ومنبر يكشف عن آلام الناس وحكاياتهم التي غالبًا ما تخفى عن الأعين.تميزت مسيرته الفنية بعمق الأدوار التي اختارها، إذ لم يكن يبحث عن الشهرة أو الوجوه الجميلة فقط، بل عن الشخصيات التي تحمل رسالة إنسانية واضحة. من أدواره في مسرحيات المخيمات الفلسطينية إلى تجسيده لشخصيات تاريخية بارزة في المسلسلات الدينية والوطنية، ترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة المشاهد العربي.في الأعمال التلفزيونية، أسهم تيسير إدريس في تقديم شخصيات متينة تتسم بالقوة والصدق، مما أكسبه احترام الجمهور والنقاد على حد سواء. أما في السينما، فقد قدّم أدوارًا تركت أثرًا فنيًا عميقًا، لاسيما في الأعمال التي تناولت القضية الفلسطينية وأوجاعها.بجانب موهبته التمثيلية، يُعرف تيسير إدريس بتواضعه الجمّ واحترامه للزملاء، إذ ظل طوال مسيرته بعيدًا عن الأضواء الزائفة، مكرّسًا جهوده للفن النبيل الذي يضيء الطريق للأجيال القادمة.هو ليس فقط ممثلًا، بل هو صوت مقاومة ثقافية، يروي من خلال أدائه قصص الفلسطينيين والعرب، حاملًا رسالة تتجاوز الترفيه لتصل إلى وجدان المشاهد، تحثه على التفكير، وتدفعه إلى التأمل.إن مسيرة تيسير إدريس هي شهادة حية على أن الفن يمكن أن يكون صوتًا حقيقيًا للحق، ومصدرًا للكرامة والإنسانية في أوقات الظلام. وتبقى أعماله شاهدة على هذا الالتزام العميق الذي حمله طيلة حياته المهنية.في كل شخصية جسّدها، كان يفتح نافذة على الحقيقة، ويوقظ ذاكرة الشعوب. الـKing تيسير إدريس ليس مجرد اسم في قائمة الممثلين، بل هو مدرسة في الأداء، ومسيرة في الإيمان بأن الفن رسالة. صوته يبقى صدىً للحق، وصورته محفورة في ذاكرة فن لا يرضى أن يكون إلّا حرًّا.