فلسطينيون: نجاح جهود مصر وقطر.. ونتطلع إلى إنهاء دائم لمأساة الإبادة.

فلسطينيون: نجاح جهود مصر وقطر.. ونتطلع إلى إنهاء دائم لمأساة الإبادة.

يعقد فلسطينيون آمالًا واسعة على صفقة تلوح فى الأفق بين حركة حماس وإسرائيل قد تنهى نزيف الدم الفلسطينى المتواصل منذ ٢١ شهرًا، وتفتح الباب أمام إمكانية التوصل نهائيًا لوقف دائم للقتال وحقن دماء آلاف المدنيين الذين يُقتلون يوميًا برصاص الاحتلال وقذائفه أو بمصائده التى أعدها للجوعى وطالبى المساعدات.وعبر خبراء فلسطينيون، لـ«الدستور»، عن أملهم فى إنهاء تلك المعاناة وإنقاذ الأطفال والنساء والمسنين وعودة الحياة مجددًا لقطاع غزة وبدء إعادة إعماره من جديد بعد أن حولته طائرات الاحتلال إلى مدينة أشباح وقضت على الأخضر واليابس وقتلت كل مظاهر الحياة على الأرض.وفيما أكد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، مواصلته الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، للقبول بالهدنة ووقف الحرب لمدة ٦٠ يومًا، فإن الكثير من الفلسطينيين لا يثقون فى التزام نتنياهو بالصفقة، خاصة فى ظل سعيه للإفلات من المساءلة الداخلية ومحاكمته بتهم فساد وإصراره على مواصلة الحرب حتى على حساب شعبه.أيمن الرقب: تحفظات حماس «طبيعية» فى ظل تعقيد المشهد الميدانىقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، إن التطورات الأخيرة تشير إلى اقتراب التوصل إلى تهدئة مؤقتة بين إسرائيل وحركة حماس، على خلفية تصريحات الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، التى تحدث فيها عن موافقة تل أبيب على مقترح لوقف إطلاق النار لمدة ٦٠ يومًا مع الإفراج عن المختطفين وشكر خلالها مصر وقطر على دورهما فى الوساطة.وأوضح الرقب أن الحديث تحوّل من صفقة شاملة إلى مؤقتة، قد يتم الإعلان عنها رسميًا خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة، أو خلال مؤتمر صحفى مشترك، يُرجّح عقده يوم الإثنين أو الثلاثاء المقبل. وأضاف أن «حماس» فى البداية أبدت بعض التحفظات، مطالبة بضمانات أمريكية لوقف الحرب، لكنها لم تتسلّم حتى الآن الرد الإسرائيلى النهائى، مشيرًا إلى أن بعض الملاحظات والتحفظات من جانب الحركة تبدو طبيعية فى ظل تعقيد المشهد الميدانى. واختتم «الرقب» بالإشارة إلى أن الأجواء تميل نحو قبول الصفقة رغم صعوبة الظروف، مرجّحًا إمكانية التوصل إلى اتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة.نزار نزال: الاتفاق الخالى من وقف كامل للحرب «انتحار سياسى»شدد الدكتور نزار نزال، المحلل السياسى الفلسطينى، على أن العرض المتداول حاليًا هو فى جوهره إعادة تدوير لمقترح «ويتكوف»، الذى عاد للواجهة مرة أخرى بصيغة معدلة قد تكون مقبولة لدى حركة حماس، فى حال وجود ضمانات شفوية ذات مصداقية.وأشار «نزال» إلى أن حماس، ممثلة بالمقاومة فى غزة ترفض القبول بأى اتفاق لا يتضمن وقفًا كاملًا للحرب وانسحابًا إسرائيليًا من القطاع، مؤكدًا أن القبول باتفاق خالٍ من هذين الشرطين سيكون بمثابة «انتحار سياسى» للحركة ومحاولة للالتفاف على أوراق القوة التى تمتلكها، وعلى رأسها ملف الأسرى.وأضاف أن «حماس» تدرك حجم الألم والمعاناة فى غزة، لكنها فى الوقت نفسه تواجه خيارات صعبة، «فكلا الخيارين مرّ» فى ظل تمسك نتنياهو باستراتيجية «الهدنة المؤقتة» دون الانسحاب أو وقف كامل للعمليات.ورأى «نزال» أن الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، لا يتعامل مع الملف من زاوية تفاوضية بقدر ما يعتمد على التهديد والضغط، معتقدًا أن «السلام يأتى من فوهة البنادق وليس من طاولة المفاوضات»، وهو ما يعقّد المشهد ويجعل فرص التوصل لصفقة نهائية فى غزة شبه معدومة فى الوقت الراهن.عماد عمر: إسرائيل تسعى لضمانات تسمح لها باستئناف العدوانأشار الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى، إلى أن هناك أملًا لدى الفلسطينيين بالتوصل إلى هدنة لمدة ٦٠ يومًا استنادًا إلى المقترح المقدم من دولة قطر الذى يُرجّح أن يكون مقبولًا من قبل الفصائل الفلسطينية، لكنه لا يزال بحاجة إلى مفاوضات حول الإجراءات وبعض التفاصيل الفنية.وأوضح «عمر» أن المقترح القطرى يستند فى جوهره إلى صيغة سابقة قدمها مبعوث الرئيس الأمريكى ستيف ويتكوف مع إدخال تعديلات إجرائية، لا سيما فى ملف الأسرى الإسرائيليين، حيث ينص على الإفراج عن ٨ أسرى أحياء فى اليوم الأول من سريان الهدنة وأسيرين آخرين فى اليوم الـ٥٠، بالإضافة إلى تسليم جثامين عدد من الجنود الإسرائيليين، كما يتضمن المقترح أيضًا وجود ضمانات أمريكية لمواصلة المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق ينهى الحرب بشكل نهائى.كما رجّح «عمر» أن تتم الموافقة على المقترح بصيغته العامة، على أن يُترك التفاوض على الترتيبات التفصيلية لما بعد زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، متوقعًا أن تسعى إسرائيل للحصول على ضمانات أمريكية تسمح لها باستئناف القتال فى حال لم تُنفذ حماس مطلب نزع السلاح مقابل القبول بوقف دائم لإطلاق النار.خالد عبدالمجيد:  إشارات إيجابية بشأن الصفقةأكد خالد عبدالمجيد، الأمين العام السابق لجبهة النضال الشعبى الفلسطينى، أن هناك تقدمًا ملموسًا فى ملف التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس، استنادًا إلى الاقتراح القطرى الأخير الذى طُرح على الطرفين. وأوضح «عبدالمجيد» أن المقترح لا يختلف كثيرًا عن الصيغ السابقة، ويشمل وقفًا لإطلاق النار لمدة ٦٠ يومًا، يتم خلالها الإفراج عن ثمانية أسرى إسرائيليين مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين يُتفق عليهم، إلى جانب انسحاب إسرائيلى أولى إلى ما بعد خان يونس وتحديدًا إلى منطقة شارع مراد. وأشار إلى أن الجانب الإسرائيلى درس المقترح ليلة أمس وأبدى إشارات إيجابية، كما أبدت حماس تجاوبًا مماثلًا، بدعم من الاتصالات المكثفة التى تُجريها مصر وقطر.جهاد أبولحية:  الرئيس الأمريكى ألقى الكرة فى ملعب حماس أوضح الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، إن ملف التوصل إلى هدنة فى قطاع غزة يمر بلحظة مفصلية حاليًا تحمل الكثير من الأمل الممزوج بالحذر، خاصة بعد تصريحات ترامب بشأن قرب التوصل لاتفاق.وتابع «أبولحية»: «ترامب أعلن عن أن إسرائيل وافقت على بنود الاتفاق، وأن الكرة الآن فى ملعب حركة حماس، معتبرًا أن الهدنة باتت وشيكة»، مشيرًا إلى دور الوسطاء، خاصة القاهرة والدوحة، اللتين تبذلان جهودًا جبارة لتقريب وجهات النظر وتقديم مقترحات لتضييق فجوة الخلاف بين الفصائل الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية.وأشار إلى أن اللافت فى الأمر أن «ترامب» الذى يتحرك الآن بكل قوة وطموح نحو نيل جائزة نوبل للسلام، بات مقتنعًا بأن مفتاح هذا الباب الدولى الرفيع يكمن فى إيقاف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، وهو ما يفسر جزءًا من حماسه المفاجئ لإنجاز اتفاق الهدنة ليس فقط كمسعى إنسانى أو سياسى، بل كخطوة محسوبة ضمن طموحاته الشخصية والدولية.وأوضح «أبولحية» أن هذه التصريحات- رغم أهميتها- لا يمكن فصلها عن السياق الذى سمعنا فيه عبارات مشابهة سابقًا دون أن تُترجم إلى تهدئة حقيقية أو وقف فعلى للعدوان. وتابع: «علينا أن ندرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، لا يزال يُفَضّل استمرار الحرب، ليس انطلاقًا من ضرورات أمنية أو عسكرية بقدر ما هو مدفوع باعتبارات سياسية داخلية، حيث يشكل استمرار القتال ورقة ضغط وصرف للأنظار عن أزماته الداخلية المتفاقمة».وأشار إلى أن هذا ما يجعل فرص الوصول إلى اتفاق حقيقى محفوفة بالمخاطر، إذ قد تُفشلها حسابات نتنياهو الشخصية، رغم موافقة المؤسسات الأمنية الإسرائيلية على بنود الاتفاق.وشدد «أبولحية» على أن الوضع الإنسانى فى غزة يزداد بشكل كارثى يومًا بعد يوم، ومعاناة المدنيين بلغت مستوى لا يمكن وصفه إلا بأنه جحيم مفتوح على الأرض ولم يعد هناك ما يمكن تسميته بأهداف عسكرية أو عمليات نوعية، بل حملة قتل منهجية للمدنيين الأبرياء تجرى بلا أى مبرر أمنى سوى الإمعان فى التدمير والانتقام الجماعى، وهذه وحشية غير مسبوقة وجريمة إبادة مكتملة الأركان تدين ليس فقط من يرتكبها، بل المجتمع الدولى الذى يقف متفرجًا منذ قرابة عامين من العدوان المتواصل. وأضاف: «هذه الحرب كشفت بوضوح عن زيف ادعاءات النظام الدولى وعرّت ازدواجية المعايير، وأظهرت هشاشة المؤسسات الأممية التى لم تعد قادرة حتى على إصدار موقف أخلاقى، ناهيك عن ردع الجريمة».وأوضح «أبولحية» أن الحديث عن تنفيذ الهدنة قبل زيارة نتنياهو إلى واشنطن يبقى مرهونًا بمدى الضغط الحقيقى الذى يمكن أن تمارسه القوى الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة للجم الرغبة الإسرائيلية فى استمرار حرب الإبادة.واختتم: «بالرغم من كل الشكوك المشروعة، فإن أى فرصة يجب أن تُستثمر، حتى وإن تضمنت بعض التنازلات المؤلمة لأن وقف إطلاق النار ولو ليوم واحد فقط، هو إنقاذ لأرواح لا تُقدّر بثمن وهو مكسب إنسانى وسياسى يجب عدم التفريط به فى ظل هذا المشهد الدموى المستمر، والهدنة قد لا تنهى الحرب، لكنها قد تكون بداية طريق لإنهاء المجازر، ولإعادة فتح الباب أمام حل سياسى يضع حدًا لهذه الكارثة التاريخية».