“إعلان التحرير” .. تفاصيل أبرز 7 ساعات في تاريخ مصر لإنقاذ الوطن من حكم الجماعات الإرهابية.

“إعلان التحرير” .. تفاصيل أبرز 7 ساعات في تاريخ مصر لإنقاذ الوطن من حكم الجماعات الإرهابية.

يُعد شهر يوليو من عام ٢٠١٣ من أبرز المحطات فى تاريخ مصر المعاصر، حيث استعاد الشعب المصرى قراره بانتفاضة الملايين فى ٣٠ يونيو، مطالبين بإنهاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية. خرج المواطنون إلى مختلف الميادين هاتفين بإسقاط حكم المرشد، وظلوا مرابطين حتى لحظة صدور «بيان الخلاص».جاء هذا التحرك استجابة لنداء الشعب، إذ تدخلت القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة آنذاك، بعد أن منحت القيادة العامة جميع الأطراف مهلة ٤٨ ساعة لتحمُّل مسئولياتهم الوطنية.وكان من المتوقع أن يشهد يوم ٣ يوليو تحركًا حاسمًا، خاصة مع انقضاء المهلة التى حدّدتها القوات المسلحة فى بيانها الصادر فى ١ يوليو، الذى قالت فيه: «نعيد ونكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب، ونمنح الجميع ٤٨ ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن، والذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها».وأضاف البيان: «إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة، فستضطر القوات المسلحة، انطلاقًا من مسئوليتها الوطنية والتاريخية، واحترامًا لإرادة الشعب المصرى العظيم، إلى إعلان خارطة مستقبل، تتضمن إجراءات تشرف على تنفيذها بمشاركة كل القوى الوطنية والمخلصة، بما فى ذلك شباب الثورة الذين كانوا- ولا يزالون- وقودها الحقيقى، وذلك دون إقصاء أو تمييز».ومع انقضاء المهلة، جاء يوم ٣ يوليو باعتباره يوم الخلاص الذى طال انتظاره، وسط ترقب شعبى واسع وهتافات اجتاحت أرجاء الوطن، تطالب بإسقاط النظام وإنهاء حكم جماعة حاولت اختطاف الدولة وتغيير هويتها الوطنية والثقافية.وفيما يلى، تستعرض «الدستور» أبرز كواليس هذا اليوم المفصلى، الذى أسهم فى إعادة رسم ملامح المستقبل المصرى.حشود بالملايين فى كل شوارع وميادين الجمهورية.. والهتاف الرئيسى: «يسقط حكم المرشد»فى صباح يوم ٣ يوليو ٢٠١٣، وبينما يواصل المصريون اعتصامهم فى مختلف ميادين الجمهورية، خاصة أمام قصر الاتحادية، أعلن العقيد أحمد على، المتحدث العسكرى آنذاك، عن أن القيادة العامة للقوات المسلحة تعقد اجتماعًا موسعًا مع قيادات سياسية ودينية وشبابية، مؤكدًا أن بيانًا سيصدر عقب انتهاء الاجتماع.وترقب الملايين فى شوارع مصر وميادينها، من الإسكندرية إلى أسوان، نتائج هذا الاجتماع المصيرى، وسط هتافات تطالب بإنهاء حكم الجماعة التى وصفوها بالإرهابية، والتخلص من محاولاتها لاختطاف هوية الدولة.وكان هذا الحدث نتاجًا لتصاعد الأحداث فى اليوم التالى، خاصة بعد خطاب الرئيس المعزول محمد مرسى مساء ٢ يوليو، الذى تمسّك فيه بما وصفه بـ«الشرعية» ورفض فيه إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فى تجاهل واضح لمطالب الجماهير التى احتشدت بالملايين.وضمّ الاجتماع ممثلين عن مختلف القوى الوطنية، من بينهم: الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والدكتور محمد البرادعى، ممثلًا عن جبهة الإنقاذ، ومحمود بدر ومحمد عبدالعزيز عن حملة «تمرد»، والكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد، من الفريق الاستشارى للرئيس المعزول، والمهندس جلال المرة، ممثلًا عن حزب النور السلفى.واستمر الاجتماع نحو سبع ساعات، شهد خلالها نقاشات معمقة، حسبما أفاد عدد من الحضور، وغاب ممثلو حزب «الحرية والعدالة» عنه، رغم إجراء اللواء محمد العصار اتصالًا هاتفيًا مع الدكتور محمد سعد الكتاتنى لمدة ٢٠ دقيقة، فى محاولة لإقناعه بالمشاركة، إلا أن الأخير رفض، واعتبر الاجتماع «باطلًا» وما سينتج عنه.وخلال الجلسة، قدّم الفريق أول عبدالفتاح السيسى عرضًا شاملًا للأوضاع، وأوضح مسار المشاورات التى أجراها مع الرئيس المعزول، مؤكدًا أنه قدّم له أكثر من نصيحة للخروج من الأزمة.وطُرحت وجهتان للخروج من المأزق: الأولى عبر استفتاء شعبى على استمرار «مرسى»، والثانية بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وطُلب من الحضور مناقشة الطرحين وتحمل المسئولية الكاملة عن القرار المتخذ.ورفض عدد من الحضور، وعلى رأسهم ممثلو «تمرد»، خيار الاستفتاء، متمسكين بمطالبهم التى حظيت بدعم أكثر من ٢٢ مليون توقيع، أبرزها إجراء انتخابات مبكرة ورحيل «مرسى»، كما رفض المجتمعون اقتراحًا من ممثل «النور» بإرسال وفد إلى «مرسى» لإقناعه بالاستفتاء.وبعد مداولات مطولة، اتفق المجتمعون على صياغة خارطة طريق، أعلنها السيسى فى بيانه التاريخى مساء ٣ يوليو، متضمنة: تعطيل العمل بالدستور مؤقتًا، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، وإصدار ميثاق شرف إعلامى. الفريق أول عبدالفتاح السيسى تعطيل العمل بالدستور وإجراء انتخابات رئاسية.. وتمكين الشباب فى مؤسسات الدولة وصياغة ميثاق شرف إعلامىوجّه الفريق أول عبدالفتاح السيسى كلمة للمشاركين فى الاجتماع، عقب الاتفاق على بنود البيان وخارطة الطريق.وقال «السيسى»: «أنا بحترمكم وأقدّركم جدًا، وأقدّر هذا القرار اللى هناخده، ولكن يجب أن تعلموا أن هذا القرار سنتحمل نتائجه أنا ورجالى فى الجيش وأولادى فى الشرطة، وهنتحمل وهتشوفوا هنتحمله إزاى رغم صعوبته، ورغم اللى سيترتب عليه ولكن علشان نحمى المصريين من الفتنة التى قد تقع إحنا سنتحمل هذا الأمر بصدورنا».وجاء نص بيان الفريق أول عبدالفتاح السيسى كالتالى:«بسم الله الرحمن الرحيمشعب مصر العظيمإن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب، التى استدعت دورها الوطنى وليس دورها السياسى، على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسى.ولقد استشعرت القوات المسلحة- انطلاقًا من رؤيتها الثاقبة- أن الشعب الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته، وتلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدّرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسى، آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة.لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودًا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلى، وإجراء مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية، بما فيها مؤسسة الرئاسة، منذ شهر نوفمبر ٢٠١٢، بدأت بالدعوة لحوار وطنى استجابت له كل القوى السياسية الوطنية، وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة، ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه.كما تقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجى على المستوى الداخلى والخارجى، تضمن أهم التحديات والمخاطـر التى تواجه الوطن على المستوى «الأمنى/ الاقتصادى/ السياسى/ الاجتماعى» ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعى وإزالة أسباب الاحتقان، ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.وفى إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد رئيس الجمهورية فى قصر القبة يوم ٢٢/٦/٢٠١٣، حيث عرضت رأى القيادة العامة ورفضها الإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها ترويع وتهديد جموع الشعب المصرى.ولقد كان الأمل معقودًا على وفاق وطنى يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل انتهاء مهلة الـ«٤٨» ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب.الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة، استنادًا إلى مسئوليتها الوطنية والتاريخية، التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب، ودون استبعاد أو إقصاء لأحد، حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يُقصى أحدًا من أبنائه وتياراته، وينهى حالة الصراع والانقسام، وتشتمل هذه الخارطة على الآتـى: تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، ويؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد، ولرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية، وتشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتًا.كما تضمنت القرارات، مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب، والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية، ووضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكًا فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة، وتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.وتهيب القوات المسلحة بالشعب المصرى العظيم بكل أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمى وتجنب العنف الذى يؤدى إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء، وتحذر من أنها ستتصدى، بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية، بكل قوة وحسم ضد أى خروج عن السلمية طبقًا للقانون، وذلك من منطلق مسئوليتها الوطنية والتاريخية.كما توجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطنى العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم.حفظ الله مصر وشعبها الأبى العظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».