أفلام مصرية كلاسيكية محظورة: صراعات السياسة وجرأة المحتوى ومراقبة الرقابة

أفلام مصرية كلاسيكية محظورة: صراعات السياسة وجرأة المحتوى ومراقبة الرقابة

رغم أن السينما المصرية تُعد من الأقدم والأكثر تنوعًا في العالم العربي، فإنها كثيرًا ما اصطدمت بقيود الرقابة، خصوصًا في العقود الأولى من القرن العشرين وحتى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، فبعض الأفلام مُنعت تمامًا من العرض، أو عُرضت بعد حذف مشاهد، لأسباب سياسية أو اجتماعية أو دينية أو أخلاقية. 

وفي هذا التقرير، يستعرض “الدستور” أبرز هذه الأفلام وحكايات منعه… 

سياسة وخوف من النقد: أفلام أزعجت السلطة

“شيء من الخوف” (1969)
يُعد هذا الفيلم من أبرز الأعمال التي واجهت شبح المنع، من بطولة شادية ومحمود مرسي، وإخراج حسين كمال، عن قصة لثروت أباظة، وتدور أحداثه حول شخصية “عتريس” المستبد الذي يفرض سلطته على قرية بأكملها، وهو ما اعتُبر إسقاطًا سياسيًّا على الحاكم.الفيلم كان جاهزًا للعرض، وكانت إعلاناته تملأ الشوارع، لكن بعض المسؤولين تخوفوا من رسالته، وشاهده الرئيس جمال عبد الناصر مرتين، الثانية برفقة أنور السادات، وبعدها اقتنع بأن الفيلم لا يقصده شخصيًّا، فسمح بعرضه.“الكرنك” (1975)
يُعد “الكرنك” واحدًا من أبرز الأفلام التي تطرقت إلى قمع الحريات في مصر بعد ثورة يوليو، وجسّد فيه كمال الشناوي شخصية ضابط كبير يعتقل الطلاب ويعذبهم، قبل أن تنقلب عليه الأحداث، والفيلم مأخوذ عن رواية نجيب محفوظ، وأنتجه ممدوح الليثي بعد حماس كبير للقصة.واجه الفيلم قرار منع من وزير الثقافة يوسف السباعي، ما دفع الليثي للذهاب إلى منزل الرئيس أنور السادات الذي شاهد الفيلم في فيلته، ليقرر في النهاية السماح بعرضه، بل وتبرع الليثي بجزء من الإيرادات للقوات المسلحة دعمًا لها.

جرأة اجتماعية ورفض محافظ: صدمات لجمهور الخمسينيات والستينيات

“حمام الملاطيلي” (1973)
إخراج صلاح أبو سيف، ويُعد من أكثر الأفلام جرأة في تناول العلاقات غير الشرعية وتفكك الأسرة. مُنع من العرض لفترة، ثم عُرض وسط موجة من التحفظات والتحذيرات.
الفيلم يحكي عن أحمد، الطالب القادم من الريف، الذي يتورط في علاقات معقدة ومظلمة في القاهرة، بين علاقة حب مع فتاة تعمل بالدعارة، وتجربة مع فنان شاذ، وصولًا لعلاقة آثمة مع زوجة صاحب الحمام، وفي النهاية، يقرر أحمد العودة إلى بلدته بعد سلسلة من الصدمات.“المذنبون” (1975)
إخراج سعيد مرزوق، وقصة نجيب محفوظ، وتناول الفيلم انحرافات وفساد كبار الشخصيات في المجتمع، من خلال تحقيق في جريمة قتل ممثلة شهيرة.الفيلم هز الوسط الفني والرقابي في مصر، إذ أُدينت الرقابة لسماحها بعرضه، ما أدى إلى محاكمة المسؤولين وصدور قوانين رقابية جديدة أكثر تشددًا، ورغم ذلك، يُعتبر “المذنبون” من أهم الأفلام التي فضحت ازدواجية المجتمع.

أسباب دينية وأخلاقية: حظر لأسباب عقائدية

“إحنا بتوع الأوتوبيس” (1979)
بطولة عبد المنعم مدبولي وعادل إمام، وتناول قضية التعذيب في المعتقلات السياسية بشكل صادم، وواجه الفيلم اعتراضات دينية وأمنية، وكاد يُمنع تمامًا، قبل أن يُعرض بصعوبة في إطار محدود.“أبناء الصمت” (1974)
رغم كونه فيلمًا حربيًّا وطنيًّا يبرز بطولات الجنود المصريين، إلا أنه واجه تحفظات في البداية بدعوى أنه يُظهر الجنود في صورة سلبية في مشاهده الأولى، ولاحقًا، سُمح بعرضه، وصار من أبرز الأفلام الوطنية.