إنجازات 30 يونيو: لحظة محورية

لا أحد ينكر الإنجازات التى تحققت طوال السنوات الاثنى عشر الأخيرة.. الأرقام والمشاهدات لا تكذب، لكن الأمر بصدق وقليل من الجرأة، يحتاج لنقطة نظام سريعة لإعادة تقييم للمسارات التى أخذتها المشاريع التى تم تنفيذها، من حيث الجودة والتكلفة وتأثيراتها الاقتصادية الإيجابية أو السلبية. أكتب هذه الكلمات بعد ساعة واحدة من مشاهدتى كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة ٣٠ يونيو، وقراءتى للنص مكتوبًا على موقع المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية. وأتوقف هنا عند عدة عبارات مفتاحية مما قاله الرئيس حول أن الثورة كانت بمثابة ملحمة وطنية سطرها أبناء الشعب، وأنها استعادت الهوية والمصير، ونجحت فى مواجهة الإرهاب والمؤامرات، وأعادت الدولة لمسارها الصحيح.. هى نقطة تحول نحو الجمهورية الجديدة لا بالأقوال، بل بالأفعال والمشروعات.عندما أستعيد ذكرى الأيام الصعبة والحوادث الثقيلة التى مرت بها مصر، من عمليات إرهابية ثقيلة على الحدود وفى قلب العاصمة، وكذلك الضغوط والمحاولات الأجنبية، ومن جماعات متطرفة وإرهابية تتستر بالدين، للتدخل والنفاذ للعمق المصرى- أقول بصدق وإيمان: الحمد لله على ثورة ٣٠ يونيو. والآن وبعد كل هذه السنوات، حينما أنظر إلى الانقلابات والفوضى الحادثة فى عدة دول عربية حولنا أدت لمصرع الآلاف، إن لم يكن الملايين، أقول أيضًا: الحمد لله على استقرار وبقاء نظام ٣٠ يونيو.لكن مع كل هذا اليقين بالثورة ونظامها وما أنجزته، ينبغى ألا ننظر كثيرًا للوراء. تكفى مثل هذه الكلمات فى كل ذكرى، أما بقية الوقت فعلينا أن نركز على المستقبل بعين ثاقبة.. ونحاول أن نصنع لأنفسنا مكانًا ملائمًا بين الدول المتقدمة، التى تؤمن بالحريات وتداول السلطة وأهمية البحث العلمى وتشجيع الصناعات الحديثة. كل المؤشرات والتقارير الدولية تؤكد أن مصر إذا حسُن قيادتها، وخاصة فى الملف الاقتصادى، فإنها ستكون ضمن الكبار خلال عقدين فقط. الحادث فى هذا الملف عكس ذلك. أفرطنا كثيرًا فى الاقتراض من الخارج وبمبالغ كبيرة يعجز الاقتصاد الوطنى عن الوفاء بها دون الحصول على قروض جديدة. البنوك المحلية تعانى كثيرًا بسبب الديون المحلية المستحقة لها.لو نظرنا للمشروعات العملاقة التى أنجزناها فى الأعوام التالية لثورة ٣٠ يونيو، من إنشاء المدن والتجمعات الجديدة، أو تشييد الطرق والجامعات والمدارس والمستشفيات وغيرها، لتأكد لنا أنها بُنيت فى الغالب وفقًا لهذه المنظومة.. القيادة كانت تريد أن تخلق إنجازًا حقيقيًا بالأفعال وليس بالأقوال، وقد تحقق لها ذلك، لكن حدثت بعض الأضرار الجانبية الظاهرة.. مطلوب نقطة نظام فى هذه النقطة تحديدًا.. هناك أصوات وطنية دعت لذلك صراحة وبشكل تفصيلى فى جلسات الحوار الوطنى وفى مقالات ودراسات متخصصة.أدعو، أيضًا، إلى فتح ملفات جميع المشروعات العملاقة التى تم إنجازها بسرعة، للكشف عن مدى مطابقتها المواصفات القياسية.. التباهى بالإنجازات ووصولها كل المحافظات مشفوعة بسرعة التنفيذ لا يعنى أبدًا التغاضى عن الجودة، هناك معايير عالمية ومصرية لا بد من الالتزام بها.. بعد الحادث الأليم الذى وقع فوق الطريق الدائرى الإقليمى وأودى بحياة ١٨ فتاة الأسبوع الماضى، قرأنا وشاهدنا تعليقات من استشاريين وفنيين بأن الطريق به عيوب قاتلة. عمر الطريق لا يتعدى ثمانى سنوات، وظهرت به عيوب عديدة خلال هذه الفترة، ما استوجب ترميمه وإعادة رصفه مرات عديدة. المعلومات التى قيلت أيضًا إن الجهة المالكة للطريق والمقاولين تغاضوا عن كثير من المواصفات، ولم يحاسبهم أحد على ذلك، ينبغى أن تعلو قبضة سلطات المراقبة والمحاسبة ومواجهة الفساد، فى السنوات التالية من عمر ثورة ٣٠ يونيو.. هناك مشاريع أخرى ينطبق عليها ما ينطبق على الطريق الدائرى الإقليمى، علينا توقع ذلك فى الفترة المقبلة، والاستعداد لتداعياته.إنجازات ثورة ٣٠ يونيو فى كل مكان لا ينكرها إلا جاحد، خاصة ما يتعلق بالإنجازات فى المشروعات العملاقة. الوضع مع الحريات والإعلام والأحزاب والمجتمع المدنى قضية أخرى.والمهم هنا أنه حتى مع هذه الإنجازات الممتازة قد يحدث تشويش عليها بمثل هذه الحوادث القاتلة كتلك التى حدثت لشهيدات المنوفية، رحمة الله عليهن جميعًا.