CNN: الإنجيليون والنووي.. هل تؤثر النبوءات على الصراع الأمريكي مع إيران؟

بينما ينشغل المحللون السياسيون والعسكريون بتفسير قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقصف مواقع إيرانية، تسلط شبكة CNN الضوء على زاوية غائبة عن أغلب النقاشات الجارية: البعد الديني – النبوي في صناعة القرار الأمريكي، وتأثير التيار الإنجيلي الأبيض على السياسة الخارجية، خاصة تجاه إيران وإسرائيل.
عندما تحكم “نهاية العالم” السياسة
ونقلت الشبكة الأمريكية في تقرير صادر لها عن الكاتبة والباحثة الدينية التقدمية ديانا بتلر باس ترى أن الصراع الأخير لا يُفهم فقط من خلال معايير الجغرافيا السياسية، بل من خلال رؤى نبوية راسخة في الوجدان الإنجيلي الأمريكي، حيث يُنظر إلى الأحداث الكبرى – ومنها المواجهة مع إيران – كجزء من مشهد “نهاية الزمان” وعودة المسيح المنتظرة.إضافة إلى تحذيرات من المسيح الدجال، واختطاف المؤمنين إلى السماء، ومعركة هرمجدون النهائية، جميعها ليست مجرد قصص دينية بل عناصر حاضرة بقوة في وعي شرائح واسعة من مؤيدي ترامب.
ترامب “المختار”.. في اللاهوت قبل السياسة
ووفقًا لتحليل CNN، لا يرى كثير من الإنجيليين في ترامب مجرد رئيس، بل “رجل العناية الإلهية”، الذي نجا من محاولات اغتيال العام الماضي لأنه مُرسَلٌ لتنفيذ إرادة الله، وحماية إسرائيل. وقد عبّر عن ذلك مايك هاكابي، السفير الأمريكي لدى إسرائيل، في رسالة نصية شهيرة خاطب فيها ترامب قائلاً: “هذه اللحظة لم تسعَ إليها، بل هي من سعت إليك.”وبالنسبة لهذا التيار الإنجيلي، فإن دعم إسرائيل ليس خيارًا سياسيًا، بل التزام ديني منصوص عليه في الكتاب المقدس. فالنص في سفر التكوين (12:3) – “أبارك مباركيك، وألعن لاعنيك” – يشكل مرجعية تُحمِّل المسيحيين مسؤولية دعم الدولة العبرية، ويربط مصيرهم الشخصي والسياسي بمصير إسرائيل.وحسب التقرير فقد عزز ترامب هذا الإيمان عندما نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وحظي حينها باحتفاء إنجيلي غير مسبوق، واعتُبر قائدًا “مؤمنًا يسمع من السماء”، بحسب وصف أنصاره.ويرى المؤرخ جيمار تيسبي أن ما يحدث لم يعد مجرد انعكاس لإيمان شخصي، بل هو توظيف لمعتقدات رؤيوية لصياغة سياسة خارجية، قد تؤدي إلى قرارات “قاتلة وخطيرة”. وقد عبّر عن مخاوفه من أن تتحول النبوءة إلى مبرر للتصعيد، وأن يُختزل مصير شعوب الشرق الأوسط في مشهد ديني خالص.
دعم شعبي إنجيلي واسع
وفي استطلاع حديث أجرته شبكة CNN، عبّر 87% من الجمهوريين عن ثقتهم في قرارات ترامب العسكرية ضد إيران. وتصدرت التصريحات الإنجيلية المؤيدة، حيث وصف القس روبرت جيفريس معارضي إسرائيل بأنهم “في الجانب الخطأ من الله والتاريخ”، بينما اعتبر فرانكلين غراهام، نجل القس بيلي غراهام، أن العالم أصبح “أكثر أمانًا” بعد القصف.وخلص التقرير أنه في الوقت الذي تُبنى فيه التحليلات التقليدية على الحسابات السياسية والعسكرية، كشف التقرير عن صراع من نوع آخر وهو بين النبوءة والسياسة، بين الإيمان والمصالح، وبين عقائد دينية راسخة وتأثيرها المباشر على قرارات الحرب والسلام.في هذا السياق، لا تبدو إيران فقط عدوًا جيوسياسيًا، بل جزءًا من سيناريو “نهاية الزمان” في نظر كثيرين من الإنجيليين الأمريكيين، وفي قلب هذا السيناريو يقف ترامب – لا كرئيس فقط، بل كمُختار.