“جبالي”: مشروع قانون الإيجار القديم يمثل تحديًا جديدًا للنواب بسبب الظروف الاستثنائية الراهنة

أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، أهمية مشروع قانون الإيجار القديم، والمعروض اليوم الإثنين، أمام الجلسة العامة، ليس فقط لأنه يمس قطاعًا كبيرًا من أبناء الوطن من الملاك أو من المستأجرين، وإنما لأننا اليوم أمام تحدٍ جديد ضمن تحديات سبق بتوفيق من الله وعونه أن اجتازها هذا المجلس بعزيمة وثبات وحكمة شهد بها الجميع.وقال “جبالي” في كلمة له مع بداية مناقشة مشروع القانون: نحن اليوم أمام صفحة جديدة سيسطرها التاريخ لهذا المجلس لتصديه لهذه الأزمة التي عزفت المجالس السابقة بكل ما لها وما عليها عن التصدي لها لما فيها من صعوبات جمة، أزمة لم يكن لأى منا يد في صناعتها، وإنما فرضتها الظروف الاستثنائية، الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد في حقبة تاريخية معينة، جعلت سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية في حينه.وتابع “جبالي”: تغليبًا للصالح العام، تخرج على جميع المبادئ المستقر عليها في الدساتير والقوانين المتعاقبة من حظر التعدي على الملكية الخاصة، ومبدأ سلطان الإرادة في التعاقد، وأن عقود الإيجار بحسب طبيعتها هي عقود رضائية ومؤقتة، على نحو أقحمت فيه الدولة نفسها في خضم العلاقة التعاقدية وجعلتها على خلاف طبيعتها غير محددة المدة، وجعلتها تورث لغير مالكها من المستأجر الأصلي إلى زوجه وأبنائه وأقاربه نسبًا ومصاهرة حتى الدرجة الثالثة فيما يعرف بالامتداد القانوني، وذلك كُلهِ تغليبًا لمبادئ أخرى اقتضتها ظروف الحال وعلى رأسها التضامن الاجتماعي، وقد اتخذت أحكام القضاء في حينه هذه الظروف والمبررات كأساس في أحكامها، إلى الحد الذي وصفت فيه أن عدم تدخل المشرع في وقتها كان سيترتب عليه تشريد آلاف الأسر وتفتيت بنية المجتمع وإثارة الحقد والكراهية بين فئاته بما يهدر مبدأ التضامن الاجتماعي بما استلزم تدخل المشرع بما يصون للمجتمع أمنه وسلامته.وأشار “جبالي” إلى أنه مع تطور الظروف الاقتصادية والاجتماعية نجد أن المحكمة الدستورية العليا طورت من أحكامها ومبادئها في أحكامها المتعاقبة منذ عام 1995 حتى عام 2002 حيث تدخلت للحد من هذا الامتداد القانونى على مراحل وصولًا لتقييده في الجيل الأول فقط، ونجد أن المحكمة الدستورية العليا دأبت في جميع الأحكام على التأكيد على أن قوانين الإيجار القديم استثنائية يتعين النظر إليها دومًا بأنها تشريعات طابعها التأقيت مهما استطال أمدها، وأنها لا تمثل حلاً دائمًا ونهائيًا للمشكلات المترتبة على هذه الأزمة، بل يتعين دومًا مراجعتها من أجل تحقيق التكافؤ بين مصالح أطراف العلاقة الإيجارية، فلاً يميل ميزانها في اتجاه مناقض لطبيعتها إلا بقدر الظروف التي أملت وجودها. وقال “جبالي”: لو كان مجلس الشعب وقتها أعمل سلطته وتدخل لتقليص هذا الامتداد قبل صدور أحكام المحكمة الدستورية العليا كنا هنجد بعض القانونيين وقتها كما نرى اليوم هيقولك تدخل غير دستوري “يعنى دستورى من المحكمة الدستورية العليا لكن غير دستورى من المشرع صاحب الاختصاص الأصيل” ولكن مع صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير في القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية دستورية بجلسة 9/11/2024 وبالرغم من تعلق محل النزاع بثبات القيمة الإيجارية، إلا أن المحكمة أكدت في حكمها على طبيعة قوانين الإيجار الاستثنائية وأنها قوانين مؤقتة مهما استطال أمدها، وأقرت صراحة حق المشرع في التدخل وتنظيم (الامتداد القانوني لعقود الإيجار) وكذلك (تحديد القيمة الإيجارية) حيث اعتبرتهما من خصائص كافة القوانين الاستثنائية التي يملك المشرع مراجعتها دوما فلا يعد أى منهما حكمًا مطلقًا من أي قيد، وكلتاهما لا تستعصي على التنظيم التشريعي، وبهذا اجمالًا أكون قد أوضحت التطور الذى شهدته هذه القوانين الاستثنائية فى ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعاقبة.ووجه “جبالي” في ختام كلمته حديثه إلى الحكومة، مؤكدًا على أن تطبيق أحكام هذا المشروع وضمان فعاليته على أرض الواقع في إعادة التوازن المنشود بين طرفي العلاقة الإيجارية، لا يقف عند حدود نصوصه وأحكامه، وإنما يتوقف بدرجة أساسية على التزام الحكومة بما تعهدت به من توفير وحدات بديلة للمستأجرين أو من امتدت إليهم عقود الإيجار المخاطبين بأحكام هذا القانون لاسيما الفئات الأولى بالرعاية منهم، فلا يتصور أن يُترك مواطن بلا مأوى أو ان يُزاح عن مسكنه دون أن يجد بديلًا آمنًا ومناسبًا يحفظ له كرامته الإنسانية ويصون للمجتمع أمنه وسلامته.