شيماء.. طموح مهندسة لم يتحقق على الطريق الصحراوي

في صباح يوم صيفى هادئ، خرجت شيماء عبد الحميد، الطالبة بكلية الهندسة في جامعة المنوفية، من قريتها “كفر السنابسة” بمركز منوف، وهي تحمل الأمل و العمل معًا، فتاة لم يتجاوز عمرها 18 عامًا، كانت تعرف منذ وقت مبكر أن الطريق إلى تحقيق الحلم لا يُرسم بالكلام، بل بالكفاح.وأنهت عامها الدراسي الأول بنجاح، لكن إدراكها لصعوبة الأوضاع المادية جعلها تقرر عدم الاكتفاء بما توفره أسرتها، و اختارت العمل خلال العطلة الصيفية، وجهتها كانت مزرعة عنب على الطريق الصحراوي، حيث كانت تحصل على أجر يومي لا يتجاوز 120 جنيهًا. مبلغ زهيد، لكنه كان يمثل لها الكثير؛ كرامة، استقلالًا، و خطوة أقرب إلى حلمها بأن تصبح مهندسة.لم تكن شيماء وحدها في هذا الطريق، كانت برفقة فتيات أخريات، جمعتهن ظروف واحدة وآمال متشابهة. استقلّوا ميكروباصًا في طريقهم إلى العمل، ولكن الرحلة لم تكتمل. وعلى الطريق الإقليمي، وقع الحادث: اصطدمت سيارة نقل بالمركبة التي تقلهن، فكان الموت أسرع من الحلم، و رحلت شيماء قبل أن ترى ثمرة تعبها.الخبر كان صادمًا، ليس فقط لأهل قريتها الذين عرفوها بطيبتها و اجتهادها، بل أيضًا لكل من سمع قصتها. جنازتها تحولت إلى مشهد مهيب، اختلطت فيه دموع الفقد بالفخر. الفتاة التي فضّلت الكفاح على الراحة، و العمل على الاتكال، صارت رمزًا لصورة الشابة المصرية المكافحة.رحيل شيماء لم يكن مجرد حادث مروري، بل مأساة ألقت الضوء على واقع مئات الفتيات في القرى المصرية، اللاتي يحملن الحلم و يواجهن مشقات الحياة بأيدٍ ناعمة وقلوب قوية. شيماء لم تكن بطلة في فيلم، لكنها جسدت بطولة حقيقية، ضحّت لأجل حلمها، و ذهبت في صمت، تاركة خلفها درسًا أبديًا في الشرف و الاجتهاد.