مصر أكبر منهم: 10 أخطاء بروتوكولية خلال عام حكم «الإخوان» المُظلِم

مصر أكبر منهم: 10 أخطاء بروتوكولية خلال عام حكم «الإخوان» المُظلِم

لم تكن فترة حكم جماعة «الإخوان» مجرد تجربة فاشلة لرئيس أضاع الدولة وحاول «أخونتها» بكل الطرق الممكنة، بل مثّلت انهيارًا كاملًا فى البناء المؤسساتى الذى امتازت به «أم الدنيا» طوال تاريخها الممتد، وعلى رأسه مؤسسة الرئاسة، التى أُديرت بالكامل من مكتب إرشاد جماعة دينية فاشية، وليس من قصر الحكم.والمتتبع هذه الفترة السوداء فى تاريخ مصر، يمكن أن يلاحظ بسهولة ما شهدته من غياب للكوادر الدبلوماسية فى عهد جماعة «الإخوان»، وتهميش وزارة الخارجية لصالح مستشارين من الجماعة عيّنهم خيرت الشاطر مندوبين له فى قصر الرئاسة، مثل عصام الحداد، الذى اغتصب صلاحيات وزير الخارجية، رغم كونه غير مؤهل، بالتزامن مع اعتماد الرئاسة على خطاب أيديولوجى دعوى، بدلًا من الخطاب السياسى الرسمى.تسبب ذلك كله فى سلسلة من الكوارث البروتوكولية والفضائح الدولية التى قلّصت من مكانة مصر، وأظهرت النظام الجديد كسلطة غير مدركة لوزن الدولة المصرية على الساحة الدولية، بعدما ارتكب الرئيس الراحل المعزول محمد مرسى العديد من الفضائح البروتوكولية الموثقة بالوقائع والتواريخ.مَن منا ينسى خطاب «صديقى العزيز بيريز»، الذى فضح الوجه الحقيقى للجماعة فى التعامل مع الكيان الصهيونى؟، ومَن ينسى إذاعة اجتماع الرئاسة عن سد إثيوبيا على الهواء مباشرة؟، وهل يمكن لأى منا أن ينسى تحويل استاد القاهرة إلى منصة للإرهابيين ضد سوريا، وتوجيه الدعوة لقتلة الرئيس الراحل أنور السادات لحضور احتفالات أكتوبر؟!فى السطور التالية، نستعرض أبرز هذه «السقطات البروتوكولية»، لعلها تذكّر الجميع كيف كانت مصر تحت حكم الجماعة، فى العام الأسود الذى لن يُنسى على مدار تاريخها الطويل.صديقى العزيز شيمون بيريزفى ١٧ أكتوبر ٢٠١٢، انفجرت فضيحة من العيار الثقيل، عندما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الإسرائيلية، نص رسالة رسمية بعث بها محمد مرسى إلى الرئيس الإسرائيلى آنذاك، شيمون بيريز، وصفه فيها بـ«الصديق العزيز»، قبل أن يختم الرسالة بجملة أثارت عاصفة من الانتقادات هى: «أتمنى لكم المزيد من التقدم والرخاء». الرسالة كانت ممهورة بتوقيع «مرسى» وخاتم مؤسسة الرئاسة، وجاءت كرد رسمى على دعوة لحضور تقديم أوراق اعتماد السفير المصرى الجديد لدى تل أبيب. ورغم محاولة مؤسسة الرئاسة نفى صدور الرئاسة، أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية صحتها.فضيحة الرسالة لم تكن فى مضمونها الدبلوماسى بقدر ما كانت فى التناقض الفج بين الخطاب الشعبوى الإخوانى، الذى يحاولون عبره تصدير فكرة رفضهم الاعتراف بإسرائيل، والممارسة الواقعية لرئاسة الدولة، ما أدى إلى تآكل مصداقية «مرسى» أمام قواعده «الإسلامية»، قبل معارضيه، ليبدأ بعدها التشكيك فى حقيقة توجهات جماعته بملفات الأمن القومى.فضيحة فى السودانفى أبريل ٢٠١٣، وخلال زيارة «مرسى» السودان، تكررت الشكاوى من الجانب السودانى بشأن سوء التنسيق البروتوكولى. لم يُستقبل «مرسى» فى المطار بمراسم تليق برئيس دولة، وتعطل الموكب الرسمى بسبب أخطاء فى الترتيبات، ووُضعت الأعلام بشكل غير لائق.كما غاب «مرسى» عن استقبال عدد من الزعماء فى مطار القاهرة، دون تكليف نائب رسمى، ما وصفه مراقبون بأنه إهانة دبلوماسية للدولة المضيفة.هذه الحوادث المتكررة فتحت ملفًا أكبر حول: هل كان القصر الجمهورى يُدار دون أى ضوابط؟، وأين مستشارو البروتوكول؟، ولماذا اختفت وزارة الخارجية من المشهد؟خطاب الأمم المتحدة دون مصرفى أول ظهور له على منبر الأمم المتحدة، فى ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢، ألقى محمد مرسى خطابًا أثار دهشة الدوائر الغربية والعربية، فبدلًا من استعراض أولويات مصر السياسية والاقتصادية، ركز فى الهجوم على «الإسلاموفوبيا»، وترسيخ «الهوية الإسلامية» بديلًا عن «الهوية الوطنية».الخطاب خلا من أى إشارة إلى الوضع الاقتصادى المصرى، أو أولويات السياسة الخارجية، أو خارطة الطريق للانتقال الديمقراطى. والأمرّ من ذلك، أن الوفد المصرى لم ينسق أى لقاءات ثنائية مع قادة الدول الكبرى، ولم يرتب أى اجتماعات دبلوماسية مهمة على هامش القمة، ما اعتبره دبلوماسيون فشلًا بروتوكوليًا لا يُغتفر، يعكس غياب مؤسسة الخارجية المصرية العريقة داخل مؤسسة الرئاسة.اجتماع سد النهضة على الهواء مباشرةفى ٣ يونيو ٢٠١٣، دعا «مرسى» رؤساء عدد من الأحزاب السياسية لاجتماع طارئ لمناقشة أزمة سد النهضة الإثيوبى، منهم الهارب حاليًا أيمن نور، وقادة الأحزاب الإسلامية المتطرفة وقتها.ودون إخطار الحضور، تم بث الاجتماع بالكامل على الهواء مباشرة عبر التليفزيون المصرى. لم يكن أحد يعلم أن الاجتماع يُسجّل، فبدأت المقترحات العفوية: أحدهم تحدث عن «قصف السد»، وآخر اقترح «زرع جواسيس»، وثالث تحدث عن «إشعال القلاقل داخل إثيوبيا»! صُدمت الدوائر الدبلوماسية العالمية، ووصفت أديس أبابا الاجتماع بـ«العمل العدائى»، وسارعت باتخاذ إجراءات تسريع بناء السد.هكذا تحوّل اجتماع، كان يفترض أن يكون أمنيًا مغلقًا، إلى فضيحة دولية على الهواء، كشفت عن جهل بروتوكولى مدوٍ، وضربت مصداقية مصر فى الملف الأهم استراتيجيًا.الهجوم على الأسد فى طهرانشارك «مرسى» فى قمة «حركة عدم الانحياز»، التى عقدت بالعاصمة الإيرانية طهران، خلال أغسطس ٢٠١٢، فى زيارة أثارت الجدل من البداية، كونها أول زيارة لرئيس مصرى إلى إيران منذ عقود.لكن الكارثة جاءت أثناء إلقاء كلمة «مرسى»، فقد هاجم فيها النظام السورى بقيادة بشار الأسد، واصفًا إياه بـ«الطاغية الذى يجب أن يرحل»، ما أدى إلى انسحاب الوفد السورى فورًا، بينما ظهر الوفد الإيرانى مرتبكًا وغاضبًا.الخطاب لم يُنسق مع الخارجية، وجاء دون حساب دقيق لحساسية المكان، حيث كانت إيران الحليف الرئيسى لـ«الأسد»!، لذا اعتبرت طهران ما حدث «خيانة بروتوكولية»، وأدى ذلك إلى فتور شديد فى العلاقات الثنائية لاحقًا، وعدم تجاوب إيران مع أى ملف مصرى.مؤتمرات رئاسية «تكسف»فى أكثر من مؤتمر صحفى جمع «مرسى» برؤساء دول، رُصدت سلوكيات بروتوكولية شاذة، منها الإفراط فى الحديث عن «الجهاد» و«الفتنة»، وطرح قضايا داخلية غير مناسبة للسياق الدولى، وارتباك واضح فى الترجمة وغياب التحضير، وتعامل غير لائق مع الصحفيين، ورفض بعض الأسئلة بطريقة «أبوية».وفى زيارة باكستان، تأخر المؤتمر الرسمى أكثر من ساعة، بسبب خلافات بين الوفد المصرى والمنظمين حول ترتيبات الجلوس والمخاطبة، ما تسبب فى انتقادات واسعة على صفحات الصحف الباكستانية.الرحلات الخارجية.. جولات علاقات عامةزار محمد مرسى، خلال فترة حكمه، كلًا من: الصين وتركيا والبرازيل والسودان، فى أقل من عام، لكن لم يُسجل فى أى من تلك الرحلات توقيع اتفاقات استراتيجية كبرى، أو بناء تحالفات جديدة، أو تغيير فى التموضع الإقليمى.الزيارات بدت وكأنها مجرد «جولات علاقات عامة»، تم ترتيبها إعلاميًا فقط. وكشفت بعض الوثائق المسرّبة عقب عزل «مرسى»، عن أن إعداد الملفات والحوارات الدبلوماسية تم على يد مستشارين من مكتب الإرشاد، دون الرجوع إلى وزارة الخارجية المصرية.هكذا تحوّلت الرحلات الرئاسية من أدوات للتفاوض والمصالح إلى عروض بروتوكولية بلا مضمون.لقاء «إخوان أمريكا» أهم من لقاء أوباماخلال زيارة إلى نيويورك، فى سبتمبر ٢٠١٢، رفض «مرسى» لقاء الرئيس الأمريكى آنذاك، باراك أوباما، رغم وجود دعوة رسمية، إلى جانب تجاهل عقد لقاءات مع قادة الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى. فى المقابل، التقى «مرسى» عددًا من قيادات الجالية الإسلامية فى نيوجيرسى، وقيادات دعوية من «الإخوان» فى أمريكا الشمالية.دبلوماسيون غربيون وصفوا ما حدث بـ«القرار الانعزالى»، واعتبروه «إشارة سلبية إلى أن مصر اختارت خطابًا أيديولوجيًا على حساب الواقعية السياسية»، ما أضعف قوة مصر، سواء على المستوى الدولى أو الإقليمى.قاتل السادات إلى جانب الرئيسشهد استاد القاهرة تنظيم مؤتمر بعنوان: «نصرة الشعب السورى»، فى ١٥ يونيو ٢٠١٣، بحضور آلاف من أنصار التيارات السلفية والجهادية، على رأسهم محمد عبدالمقصود، وصفوت حجازى، ومحمد حسان، إلى جانب طارق الزمر، أحد المتهمين فى اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات.منصة المؤتمر تحوّلت إلى ساحة تحريض علنى على «الجهاد فى سوريا»، والدعوة لقتال «النصيرية والشيعة»، وغيرهما من التعبيرات الطائفية الأخرى التى تهدد وحدة المجتمعات العربية. ولم يكتف «مرسى» بالحضور، بل أعلن- من فوق المنصة- عن قطع العلاقات مع النظام السورى، وإغلاق سفارة دمشق فى القاهرة. المفارقة أن «مرسى» لم يصدر أى اعتذار رسمى عن تلك الخطابات، ولم يدن أيًا من الداعين للعنف، بل بدا وكأن الرئاسة تبنّت خطًّا طائفيًا واضحًا يخالف تقاليد الدولة المصرية.نظرة حمدى الوزير لـ«كاترين أشتون»خلال فترة حكم «مرسى»، لم يتردد عدد من الدبلوماسيين الأجانب فى إرسال إشارات عن سلوكيات جسدية غير منضبطة له فى لقاءات رسمية، منها عدم احترام قواعد الجلوس أو الهيئة الرسمية خلال الاجتماعات، وصدور حركات جسدية عفوية وغير مناسبة أمام نساء أجنبيات، أو ضيفات رسميّات، وإقدامه أحيانًا على فرك يديه أو تحريك أطرافه بصورة غير مهنية، فى مؤتمرات أو لقاءات ثنائية، ما أثار انتقادات الوفود الأجنبية.إحدى أكثر الصور تداولًا، التى حملت فضيحة كبرى لـ«مرسى»، كانت أثناء استقباله كاترين أشتون، الممثلة العليا السابقة للسياسة الخارجية والأمن فى الاتحاد الأوروبى، التى زارت مصر أكثر من مرة بين عامى ٢٠١٢ و٢٠١٣، والتقت «مرسى» قبل عزله.الصورة تُظهر «مرسى» وهو ينظر بطريقة غير لائقة لساقى «أشتون»، مع وضع يديه على خاصره، ما أثار استهجان مؤيديه قبل معارضيه، وأضافت لعدد كوارثه الدولية كارثة جديدة، تُضاف إلى سجله الفاشل فى إدارة الدولة.وبصفة عامة، أسهمت السقطات البروتوكولية لـ«مرسى» فى تدهور العلاقات مع لبنان والعراق، وإيران، وتوجيه انتقادات لمصر من منظمات دولية، على رأسها «هيومن رايتس ووتش»، علاوة على إدراجها ضمن قوائم المراقبة الدولية بشأن «تسهيل الجهاد إلى سوريا».