عاجل.. حرب الـ12 يومًا: منافع وأضرار إسرائيل في صراعها مع إيران

عاجل.. حرب الـ12 يومًا: منافع وأضرار إسرائيل في صراعها مع إيران

بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، الأسبوع الماضى، بدأ المحللون فى إسرائيل تحليل الحرب التى تمثل انعطافة مهمة فى تاريخ الحروب الإسرائيلية، خاصة أنها حظيت بتأييد واسع من الإسرائيليين، سواءً فى القيادة أو المعارضة أو الشارع، بعد تمهيد طويل لها، ربما باستثناء بعض الأصوات القليلة التى رأت أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فتح باب جحيم، وأن المستقبل لا يزال مجهولًا، مع احتمالية تجدد المواجهة فى أى وقت.ومع انتهاء الحرب، يوم الثلاثاء الماضى، بعد ١٢ يومًا من الضربات المتبادلة، تجدر الإشارة إلى رؤية إسرائيل للمكاسب التى حققتها فى هذه المواجهة مع إيران، والخسائر التى تكبدتها جراء الضربات الإيرانية، بالإضافة إلى احتمالات تجدد المواجهة من وجهة النظر الإسرائيلية، وهو ما نستعرضه فى السطور التالية. ضربات قوية للمنشآت النووية والصاروخية الإيرانية.. واغتيال عدد من القيادات العسكرية والعلماء النوويينيقول المحللون إن الحرب هى «استخدام متعمد للقوة سعيًا لتحقيق أهداف سياسية»، لذا فإن الحكم على الحروب يجب أن يكون حول مدى تحقق الأهداف.وفى حرب الـ١٢ يومًا بين إسرائيل وإيران، سعت ثلاث جهات فاعلة رئيسية إلى تحقيق أهداف مختلفة، هى: إسرائيل، وإيران، والولايات المتحدة.وعمليًا، حققت إسرائيل والولايات المتحدة نجاحًا على المستويات التكتيكية والعملياتية والاستراتيجيّة، أما إيران، فقد نجحت فى تنفيذ هجمات داخل إسرائيل، لكنها تضررت بقوة، وترى بعض التقييمات أنها لم تعد قريبة من امتلاك سلاح نووى، أو أنه تم تأخير مشروعها النووى لعدة أعوام.ومنذ بداية العملية، التى أسمتها إسرائيل بـ«الأسد الصاعد»، كان الهدف السياسى الذى أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو هو أن إسرائيل لن تقبل بعد الآن بتهديد إيران نوويًا على المدى القريب. وخلال الـ٧٢ ساعة الأولى من العملية، شنت إسرائيل ما أسمته بـ«الضربة الاستباقية»، وأُطلقت أكثر من ٣٠٠ قذيفة موجهة على خمس دفعات متزامنة، مع شن عشرات الغارات الجوية التى استهدفت عشرات الأهداف الإيرانية الحيوية، بما فى ذلك منشآت نووية وقواعد جوية ومنصات إطلاق صواريخ ومراكز طائرات مسيرة ومقرات قيادة.ووفقًا للتقارير العبرية، فإن إسرائيل «لم تفقد أى طائرة فوق الأراضى الإيرانية»، و«أظهرت تفوقًا جويًا وحرية عملياتية فى ضرب أى هدف، فى أى مكان داخل إيران».وتقول بعض التقديرات الإسرائيلية إنه تم تدمير ما يصل إلى «ألف صاروخ باليستى إيرانى على الأرض»، «مع تحييد ما يقرب من ٦٥٪ من منصات الإطلاق الإيرانية»، «كما دُمّرت مطارات ومستودعات تخزين وأنظمة رادار فى غرب إيران».وعلى الأرض، لم تقتصر العملية الإسرائيلية على استهداف البنية التحتية فحسب، بل ركزت أيضًا على استهداف القادة العسكريين وعدد من العلماء المدنيين، حيث قتلت، وفق التقارير العبرية، أكثر من عشرين قائدًا عسكريًا إيرانيًا رفيع المستوى، منهم: حسين سلامى، القائد العام للحرس الثورى الإيرانى، ومحمد باقرى، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، وغلام على رشيد، رئيس مقر خاتم الأنبياء، وأمير على حاجى زاده، قائد القوات الجوية فى الحرس الثورى الإيرانى، وسعيد إيزادى ومحمد شهريارى وهما ضابطان كبيران فى فيلق القدس، ورئيس استخبارات الحرس الثورى الإيرانى محمد كاظمى ونائبه حسن محقق.بالتوازى مع ذلك، ووفقًا لنفس التقارير، فقد اغتالت إسرائيل ما لا يقل عن ١٤ عالمًا نوويًا، من بينهم فريدون عباسى دوانى، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والفيزيائى محمد مهدى طهرانجى. وقد شكّل مقتلهم «ضربةً قاصمة» لقدرة إيران على إنتاج الأسلحة النووية، وفقًا لإسرائيل.ووفقًا للتقديرات فى تل أبيب، فقد تعرضت المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية لأضرار بالغة أو تدهورت حالتها، وعانت نطنز من تدمير منشآتها التجريبية للتخصيب فوق الأرض، ومن أضرار محتملة لأجهزة الطرد المركزى الموجودة تحت الأرض، كما تعرضت أصفهان لضربتين، وشهدت تدمير البنية التحتية للأبحاث النووية، كما تشير الانفجارات التى وقعت بالقرب من فوردو إلى أن الموقع المدفون عميقًا قد تعرض لأضرار بالغة، بعد الضربة الأمريكية باستخدام الذخائر الخارقة للتحصينات، كما تم استهداف مواقع إدارية وإنتاجية لأجهزة الطرد المركزى فى طهران.مقتل 28 إسرائيليًا وتعطل الحياة اليومية وتدمير معهد وايزمان واستمرار النظام فى طهران فى المقابل، تلقت إسرائيل عددًا من الضربات الإيرانية، التى حققت بعض الخسائر، حيث أكدت إيران أنها ضربت مواقع استراتيجية مثل القواعد الجوية ومراكز القيادة الإسرائيلية، وألحقت أضرارًا بالبنية التحتية المدنية فى عدة مناطق.كما استطاعت إيران مهاجمة معهد وايزمان للبحث العلمى، ونجحت فى إطلاق أكثر من ٥٠٠ صاروخ باليستى و١٠٠٠ طائرة مسيرة على إسرائيل، تسببت فى أضرار كبيرة، وقتلت ٢٨ إسرائيليًا، وفق ما أعلنته تل أبيب، وأُجبر الإسرائيليون على الاختباء فى الملاجئ لعدة أيام، وتعطلت الحياة اليومية والدراسية، وإن كانت لم تنجح فى تعطيل قدرات الجيش الإسرائيلى على العمل، أو استهداف مطاراته وقواعده العسكرية على نطاق واسع.ويرى منتقدو الحرب فى إسرائيل أن الوضع الدقيق لمخزونات اليورانيوم الإيرانى المخصب لا يزال غير واضح، وتشير بعض التقارير إلى أن جزءًا من اليورانيوم عالى التخصيب قد يكون مفقودًا، ولا يزال التحقق المستقل من التدمير فى فوردو ونطنز وأصفهان معلقًا. ويشيرون إلى أن المكاسب قد تكون فى تعرض البرنامج النووى الإيرانى لانتكاسة بعد الضرر الذى لحق بمنشآت التخصيب، والقضاء على العلماء النوويين الرئيسيين، وتدمير بعض خطوط إنتاج أجهزة الطرد المركزى، واستهداف البنية التحتية لتطوير الصواريخ، لكنها خسائر يمكن لإيران تعويضها بعد بعض الوقت.فيما يرى آخرون أن إسرائيل حققت نجاحًا جيوسياسيًا مهمًا، يتمثل فى تفكيك شبكة التحالف والتنظيمات الموالية لإيران فى المنطقة، وعلى رأسها حركة حماس فى قطاع غزة، و«حزب الله» فى لبنان، والحوثيون فى اليمن، وعدد من الجماعات الشيعية فى العراق وسوريا.ومع ذلك، فإنه وبالنسبة لكثيرين فى إسرائيل، فإن النظام الإيرانى طالما ظل قائمًا، فإن هذا يعنى أن وقف إطلاق النار الحالى ليس إلا مجرد هدنة، ولا يختلف عن وقف إطلاق النار المتكرر مع حركة حماس.ويُظهر استطلاع رأى فى إسرائيل أن نحو ٧١.٦٪ من الإسرائيليين يُعارضون وقف إطلاق النار مع إيران، ويعتقدون أن العمل العسكرى ضد طهران يجب أن يستمر.وحسب تحليل نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست»، فإن إسرائيل «أصابت إيران فى ساقها لا فى دماغها»، وأنه «بإمكان الجمهورية الإسلامية التعافى، وإعادة البناء، وإعادة التفكير فى خطواتها التالية».ويشير عدد من المحللين الإسرائيليين إلى أنه فى الوقت الذى يرى فيه البعض أن إسرائيل والولايات المتحدة حققتا أهدافهما من الحرب على إيران، فإن إيران على الناحية الأخرى قد ردت بقوة على الهجمات الإسرائيلية والأمريكية، واستطاعت ضرب الداخل الإسرائيلى، وكان من الممكن أن تتحول حرب الاثنى عشر يومًا إلى كارثة إقليمية، بدلًا من كونها معركة محدودة ومُركزة وفعّالة، قبل أن تنتهى بـ«ضربات رمزية»، سواءً بالضربة الأمريكية فى بعض المنشآت النووية الإيرانية أو بالضربة الإيرانية على القاعدة الأمريكية فى قطر، الأمر الذى أتاح لطهران فرصة الخروج من الحرب بمكاسب واحتفال بالانتصار.