“انطلاق جديد وأمل مُتجدد” .. عنوان خطبة الجمعة اليوم 27 يونيو 2025

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 27 يونيو 2025 الموافق 2 محرم 1447، بعنوان: “بداية جديدة وأمل جديد”. وقد أشارت الوزارة إلى أن الهدف المنشود من هذه الخطبة والمراد توصيله للجمهور هو: توعية الجمهور بأهمية تجديد الأمل مع استقبال العام الهجري الجديد، علما بأن الخطبة الثانية تتناول تحذيرا بالغا من أضرار الإدمان، وأملا في بداية جديدة مشرقة بالقوة والعافية.نص خطبة الجمعة اليوم 27 يونيو 2025بداية جديدة وأمل جديدالحمد لله العزيز الحميد، القوي المجيد، وأشهد أن لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من نطق بها فهو سعيد، سبحـانه هدى العقول ببدائع حكمه، ووسع الخلائق بجلائل نعمه، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، شرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فمع بزوغ فجر عام هجري جديد هذه رسالة أمل، وبشـرى بمستقبل مشـرق، فيا أيها الكرام تفاءلوا، فإن أيام خير وبركة تنتظركم، املأوا قلوبكم بالأمل، فالأمل نبراس الروح، ووقود العزيمة، الأمل هو النور الذي يجعلنا ننهض بعد كل سقطة، ونحاول بعد كل إخفاق، متحققين بهذا البيان الإلهي العظيم: {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.
أيها الكرام أبشروا؛ فإن هذا العام الجديد بمثابة فجر جديد يطل علينا بنوره وبركته، فهل نستقبل هذا الفجر بقلوب يقظة وعزائم متجددة؟ ماذا لو علمنا أن كل من وصل إلى القمة قد مر بآلام وعثرات؟ ماذا لو كانت محنة اليوم هي مفتاح السعادة غدا؟! ألم تر إلى الأحوال النبوية وهي تنتقل من قبض إلى بسط، ومن شدة إلى فرج؟! هل تعلمون أن تأخير الإمداد قد يكون لخير لا نعلمه؟ فما أخرك إلا ليقدمك، وحاديك قوله تعالى: {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا}، فلا يغلب عسر يسرين!
عباد الله، أبشروا؛ فالأمل قوة دافعة للإنسان على الاستمرار في الحياة، وأداة النجاح في مواجهة الصعاب، فهو ليس مجرد شعور عابر، بل هو صناعة تحتاج إلى إرادة وعمل مستمر، وتوجيه النفس نحو التفكير الإيـجابي، والتفاؤل ليس مجرد فكرة إيـجابية، بل هو مجموعة من المبادئ العملية التي تتطلب إيمانا عميقا بالله، وعملا جادا في أصعب الظروف، وصبرا على مواجهة التحديات بثقة مع التوكل على الله واليقين بأن الفرج آت مهما طال الزمن، فأبشروا وادخلوا على الكريم الوهاب من باب المعية كما دخل الجناب المعظم صلوات ربي وسلامه عليه: {لا تحزن إن الله معنا}، فكونوا مع الله تجدوا الله معكم.
أيها الكرام، اعلموا أن صناعة الأمل تبدأ من داخل كل فرد منا وقد ازداد قلبه يقينا في ربه، لنجعل من كل تحد فرصة، ومن كل عقبة سلما نرتقي به، لنحول عقولنا مصانع للأفكار النيرة، وأيدينا أدوات للبناء والتعمير، دعونا نطلق العنان لأحلامنا، ونؤمن بقدرتنا على التغيير، لنستلهم المنهج النبوي الشريف، فقد كان الجناب المعظم صلوات ربي وسلامه عليه دائم الفأل، محبا لكل ما من شأنه أن يبعث على الأمل، ويكره كل ما من شأنه أن يدعو إلى التشاؤم أو الإحباط أو إشاعة اليأس، كما قال سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن، ويكره الطيرة».
وهذه رسالة إلى بائس خائف من المستقبل: قف على باب مولاك، واطلب منه ما تريد، فربك يعطيك فوق المزيد مزيدا، حزنك سيتحول إلى فرح، وهمك سيصير فرجا، وضيقك سيتسع إلى مخرج، أحسن الظن بربك، فمن كان يصدق أن الجناب المحمدي صلوات ربي وسلامه عليه الذي خاض كل الصعوبات والمحن سيقف فاتحا منتصرا أمام ما يزيد عن مائة ألف من أصحابه رضي الله عنهم؛ ليفتح باب الأمل للمستضعفين، وباب الرحمة والعفو والمغفرة للناس أجمعين، «ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، ونظن خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال صلوات ربي وسلامه عليه: «فإني أقول كما قال أخي يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}»، فيا أيها الناس، أبشروا وأملوا، وظنوا بربكم خيرا، فهو القائل: «أنا عند ظن عبدي بي»، {فما ظنكم برب العالمين}؟!
*****
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فلنجعل- أيها الكرام- هذا العام بداية العودة إلى الذات، عام التحرر من الأغلال، فإلى من سلك دروب الظلام والمخدرات التي تدمر الفرد والأسرة، وتضيع مستقبل الموظفين ومن يعولونهم، وتعطل خطط التنمية، لنقل: لا للتدخين قبل أن نقول: لا للإدمان؛ فإن التدخين باب دخول عالم المخدرات، ولا لإدمان مشروبات الطاقة التي تضر وتوهن، لا لمخدرات الاغتصاب التي تسلب العقول والألباب وتدمر الأجساد.
وإلى كل من ابتلي بالإدمان: لا تيأس! فالله لم يخلقك لتكون أسيرا، بل لتكون حرا طليقا منيرا؛ واعلم أن أولى خطوات الشفاء الإرادة الصلبة، فمد يدك ولا تخجل، فكم من أياد تنتظر لتمسك بها، وكم من قلوب تتمنى أن ترى نورك من جديد، وتذكر قول الله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
ويا أيها النبلاء، يا من ابتليتم بعزيز غال يصارع الإدمان، لا تتركوه وحيدا، بل مدوا له يد العون، احتضنوه بحبكم، كونوا له السند والعون، فالحب أقوى من أي مخدر، والدعم الأسري هو أول مراحل التعافي، طمئنوهم، وبينوا لهم أن قانون مكافحة المخدرات يحرص على علاج المتعاطين وتأهيلهم ليكونوا قبس نور وشعلة نشاط في المجتمع، ولنعمل يدا بيد للقضاء على هذا الوباء، بالتوعية، بالدعم، ولنفتح أبواب الأمل لمن أراد العودة، ولنساند كل من قرر التحدي، فمجتمع خال من الإدمان مجتمع قوي، منتج، مزدهر.
اللهم اجعل بلادنا سخاء رخاء
وازرع في قلوبنا الأمل والبشرى بك يا أكرم الأكرمين