مركز الأمم المتحدة في القاهرة

مركز الأمم المتحدة في القاهرة

الذكرى الثمانون لإنشاء الأمم المتحدة، أو اعتماد ميثاقها، حلّت أمس الخميس. واستباقًا لهذه المناسبة، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى، الإثنين الماضى، فى كلمة مسجلة، عن تدشين مقر جديد لمكاتب المنظمة، الإقليمية والقُطرية، بالعاصمة الإدارية الجديدة، تأكيدًا لالتزامنا الراسخ، بدعمها وتعزيز دورها. ومع تجديده عهد مصر بأن تظل، دائمًا، فى مقدمة داعمى رسالة الأمم المتحدة النبيلة، شدد الرئيس على أهمية اضطلاع المنظمة بدور ملموس فى تحقيق السلام المنشود بمنطقة الشرق الأوسط.منذ أن شاركت مصر فى تأسيس الأمم المتحدة، سنة ١٩٤٥، وهى واحدة من أكثر الدول الأعضاء حرصًا على بقائها وفاعليتها. ونادت، مع من نادوا، بأن تكون المنظمة بيتًا للدول والشعوب ومظلة واحدة ووحيدة يجتمع تحتها البشر على اختلاف أجناسهم، وألوانهم ولغاتهم، وعلى تباين أهدافهم السياسية أو حتى تناقضها. ولا تزال تؤمن، كما أكد رئيسها، فى كلمته المسجلة، بالدور المحورى للمنظمة، فى تحقيق التنمية المستدامة، واحترام حقوق الإنسان، وتنسيق الجهود فى مواجهة التحديات الدولية، على رأسها تغير المناخ وندرة المياه. والأهم، هو أن الرئيس، أوضح أننا نعيش الآن لحظة مفصلية، تفرض تحديات غير مسبوقة على المجتمع الدولى، وتُعاد فيها صياغة التوازنات الدولية، لافتًا إلى أن مصر، التى تؤمن بأنه لا بديل عن تطوير وإصلاح الأمم المتحدة لجعلها قادرة على مواكبة هذه التحولات، تؤكد أن أى تطوير أو إصلاح، يجب أن يرسخ احترام القانون الدولى، وتجنب ازدواجية المعايير. كثيرًا ما طالبت مصر بإعادة ترتيب البيت الأممى وتأمين تمويل يضمن للمنظمة استقلاليتها واستمرارها. وفى كلماته، أو كلمات مصر، أمام الجمعية العامة، أكد الرئيس، مرارًا، أننا ما زلنا نؤمن بأن الأمم المتحدة قادرة على تجاوز التشكيك فى جدواها ومصداقيتها من خلال استعادة المبادئ السامية، التى تأسس عليها ميثاقها. ومن هذا المنطلق، أوضح الرئيس، فى كلمته المسجلة، أن الدولة المصرية؛ باعتبارها إحدى الدول المؤسسة لهذه المنظمة العريقة، تعتز بدورها الريادى، فى الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة، وترسيخ مبادئ السلم والأمن الدوليين، وبكونها أحد أكبر المساهمين فى جهود حفظ السلام. وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن مصر، واحدة من الدول العشر الأكثر إسهامًا وتأثيرًا فى عمليات حفظ السلام الأممية، سواء من حيث حجم مُشاركاتها، العسكرية والشرطية، أو بإسهامها الفاعل فى تطوير المفاهيم والسياسات.تأسست منظمة الأمم المتحدة، بعد الحرب العالمية الثانية، لتخلف «عصبة الأمم»، التى فشلت فى إحلال السلم والأمن بعد الحرب العالمية الأولى. ووفقًا لميثاقها، فإن «مجلس الأمن» هو الجهة المنوط بها حفظ السلم والأمن الدوليين وتحقيق التوازن والحفاظ على استقرار العالم. ومع ذلك، فإن المجلس كان، ولا يزال، هو الأكثر تجسيدًا لعدم التوازن، بمنحه الدول الخمس دائمة العضوية، الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا والصين حق نسف أى قرار، لا يتوافق مع مصالحها.النظام الدولى العادل والفاعل، لن يتحقق إلا بتوازن المصالح والمسئوليات. وبالتالى، لا يمكن الحديث عن إصلاح، دون وجود «تمثيل متوازن». وعليه، لم تتوقف «دولة ٣٠ يونيو» عن المطالبة بإصلاح المجلس، ورفع الظلم التاريخى الواقع على القارة الإفريقية، كأساس لتحقيق ديمقراطية العلاقات الدولية. وفى سياقات ومناسبات مختلفة، أكد الرئيس السيسى أن الإصلاح الشامل والجوهرى لأجهزة الأمم المتحدة، يبدأ بمنح القارة السمراء التمثيل العادل، الذى تستحقه، بفئتى العضوية الدائمة وغير الدائمة بمجلس الأمن… وتبقى الإشارة إلى أن المقر الجديد لمكاتب المنظمة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الذى أعلن الرئيس عن تدشينه، سيحمل اسم «مجمع بيت الأمم المتحدة»، وسبق أن ناقش الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، تفاصيله، والموقف التنفيذى لأعماله الإنشائية، مع أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للمنظمة، فى مايو الماضى، على هامش القمة العربية، التى استضافتها العاصمة العراقية بغداد، مؤكدًا حرص مصر على مواصلة تعزيز التعاون مع المنظمة، مشيدًا بالمواقف النبيلة التى يتبناها الأمين العام، المبنية على احترام القانون الدولى وتطبيق معايير موحّدة فى التعامل مع مختلف قضايا المنطقة.