نائب برلماني: مصر تسعى لتحقيق تقدم في علاقاتها مع إفريقيا

في عالم مليء بالدماء والمآسي تظل الحروب الحقيقية تُقاس بعدد القتلى وحجم الدمار ودموع الثكالى.. لكن ما شهدناه مؤخرًا من تصعيد بين إسرائيل وإيران يطرح اسئله مشروعه:
هل كانت حربا فعلية أم مشهدا تمثيليا بتفاهمات غير معلنة؟ وهل تواطأت إيران وإسرائيل في “مسرحية” تبادل الضربات؟
تصاعدت حدة التوترات في الشرق الأوسط بشكل غير مسبوق خلال الأشهر الماضية، لتصل إلى ذروتها في تبادل الضربات الصاروخية بين إيران وإسرائيل. مشهد عالمي حبس الأنفاس وتنبأ كثيرون باندلاع حرب إقليمية واسعة قد تتحول سريعا لحرب عالمية ثالثة.. غير أن ما حدث بعد ذلك أثار تساؤلات عميقة حول طبيعة هذا الصراع وإمكانية وجود “مسرحية” متفق عليها لتقليل الخسائر ثم إعلان وقف إطلاق النار.
منذ أن قصفت إيران الأراضي الإسرائيلية في أبريل الماضي بطائرات مسيرة وصواريخ بالاستيه ثم ردت إسرائيل بقصف مواقع في أصفهان ودمشق بدا المشهد دراميًا ومشحونًا أمام الإعلام لكنه كان أقرب إلى العرض المحدود حيث حرص الطرفان بشكل لافت على تفادي الخسائر البشرية الضخمة أو التورط في مواجهة شاملة فكانت المشاهد بلا ضحايا.
لم تكد إيران تُطلق وابلها من الطائرات المسيّرة حتى كانت الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية جاهزة لإسقاطها.. بل إن ما يُثير الريبة هو أن تل أبيب حرصت على الإعلان عن نجاحها في اعتراض معظم الهجمات مع عدم وقوع إصابات تُذكر رغم الكم الكبير من الصواريخ.
في المقابل، حين ردت إسرائيل على المواقع الإيرانية اختارت منشآت محددة بعضها غير مأهول وكأن الهدف هو “الرد المعنوي” لا العسكري.. حتى الضربات التي استهدفت قواعد في سوريا بدت وكأنها مكررة ومفهومة ضمنيا من الإيرانيين الذين لم يُصعّدوا بعدها كما هو متوقع في أي حرب حقيقية.
اللافت أن الطرفين رغم خطاباتهما العدائية بديا وكأن بينهما خط اتصال خفي وتنسيق غير معلن يُنسق حدود الاشتباك.. فالضربات كانت محسوبة بدقة لتُرضي الداخل الإيراني دون إغضاب الغرب وتُظهر إسرائيل بمظهر الحازم دون جرّها لحرب شاملة..وحتى التصريحات الرسمية من كلا الطرفين بدت وكأنها مصاغة بدبلوماسية تُناسب التوتر الإعلامي لا الميداني.
ثم جاءت النهايه المعدة سلفا والتي أكدت الشكوك وهي الإعلان المفاجئ عن وقف لإطلاق النار بوساطة عمانية وقطرية دون أن يسبقها تصعيد خطير أو ضغوط دولية واسعة.. كان التوقيت مثاليا وكأن الجميع اتفق على أن “العرض انتهى”.
وقف إطلاق النار هنا لم يأتِ تتويجا لمعركة دامية.. بل كخاتمة لمشهد محسوب لا انتصار واضح ولا هزيمة صريحة بل مجرد “حفاظ على ماء الوجه” لطرفين يعلمان أن مصالحهما تتقاطع أكثر مما تتصادم.
بينما انشغل الإعلام العالمي بهذا الصراع المدار… استمرت إسرائيل في توسيع علاقاتها مع بعض دول الخليج وواصلت إيران تعزيز موقعها التفاوضي مع واشنطن في ملفات العقوبات والنووي..بمعنى آخر، الحرب خدمت أهدافا سياسية للطرفين دون أن تُلزمهم بثمن باهظ.
الحرب ليست مجرد إطلاق نار بل معادلة دم وتضحية ومصير.. وما رأيناه بين إسرائيل وإيران كان أقرب إلى اتفاق مسبق على الحد الأدنى من الاشتباك منه إلى صراع وجودي.. وإذا كان هناك من خدع في هذه الحرب فهو الرأي العام العربي الذي صدّق أن هناك حربا بينما الحقيقة كانت مجرد عرض محدود برعاية غير معلنة.. كلا الطرفين إيران وإسرائيل يدركان جيدًا كلفة الحرب الشاملة فإيران التي تعاني من عقوبات اقتصادية خانقة وتحديات داخلية لا ترغب في الانجرار لحرب تستنزف مواردها وتزيد من عزلتها وفي المقابل إسرائيل التي تخوض حربا معقدة في غزة وتواجه ضغوطا دولية غير مسبوقة لا تستطيع تحمل جبهة إقليمية مفتوحة.. وهكذا كانت المسرحيه
الهزليه