إلغاء حكم السجن للقاتل واستبداله بعقوبة الإعدام بعد 40 استئنافًا في قضية قتل زوجته بالسادات

كانت الحياة تمضي ثقيلة خلف جدران ذلك المنزل الهادئ في مدينة السادات بمحافظة المنوفية، لا أحد من الجيران كان يسمع صراخًا، لكن البنات الثلاث كُنّ يعرفن أن الهدوء أحيانًا لا يعني السلام، بل يعني الخوف، خوف من لحظة انفجار، من تصرف غير محسوب، من أبٍ لم يعتد أن يضبط غضبه، ولم يعرف للرحمة وجهًا.في يوم شتوي من فبراير 2024، وقع ما كانت تتجنبه تلك الأسرة لسنوات، لحظة تحولت فيها الحياة إلى مأساة، وانتهى كل شيء.
الليلة التي لم تشرق بعدها الشمس
عاد الأب غاضبًا بعدما تأخرت إحدى بناته خارج المنزل، ولم تكن تلك المرة الأولى، لكن شيئًا ما في تلك الليلة كان مختلفًا، تصاعد الخلاف، وبدأت الفتاة تتلقى الضربات، قبل أن تتدخل الأم، السيدة الأربعينية، محاوِلة إنقاذ ابنتها، لكن التدخل تحول إلى نقطة اشتعال، أفرغ فيها الأب غضبه كله على زوجته، وقام بجلدها معلقة في السقف ومعاشرتها وهي في حالة إعياء.لم تكن المرة الأولى، لكن هذه المرة كانت الأخيرة.
الفرار.. والقبضة الحديدية للبحث الجنائي
هرب الجاني بعد الواقعة، وترك خلفه بنات مذعورات، وأمًّا لا تتنفس، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى انتقل رجال مباحث مركز شرطة السادات إلى موقع الجريمة، بقيادة المقدم مصطفى داود، وتحت إشراف العقيد أحمد شمس، مدير فرع البحث الجنائي.تحركت فرق التحري في كل اتجاه، وتوصلت إلى معلومات دقيقة حول مكان اختباء المتهم، لم يكن الأمر سهلًا، لكنه كان محسومًا، وفي عملية أمنية خاطفة، ألقى القبض عليه، واقتيد إلى النيابة العامة.
بداية العدالة.. من أقوال البنات
لم يكن على المحققين أن يبحثوا كثيرًا عن شهود، ثلاث فتيات، كنّ ضحايا في صمت طويل، أدلين بشهادتهن أمام النيابة، مؤكدات أن العنف كان متكررًا، وأن ما حدث تلك الليلة لم يكن سوى ذروة سلسلة من المعاناة.وجهت النيابة للمتهم تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وتمت إحالته إلى محكمة الجنايات.لكن المفاجأة جاءت في حكم أول درجة: السجن المشدد 10 سنوات فقط.
النيابة ترفض.. والقضاء يعيد الحسابات
رفضت النيابة العامة هذا الحكم، وقدمت طعنًا رسميًا أمام محكمة الجنايات الاستئنافية، مؤكدة أن الجريمة لا يمكن تصنيفها إلا باعتبارها قتلًا عمدًا، كما تقدم المتهم أيضًا بطعن، طالبًا تخفيف الحكم.وفي قاعة المحكمة اليوم، وقف القضاة ليستمعوا من جديد إلى كل حرف، كل شهادة، وكل ورقة في ملف القضية، هيئة المحكمة برئاسة المستشار خالد الشباسي وعضوية المستشارين محمد القرش، تامر الفنجري، ورامي حمدي، أعادت رسم المشهد كاملًا، ثم أصدرت القرار الذي انتظره الجميع.
إحالة إلى المفتي.. ونقطة النهاية
قضت المحكمة بإلغاء حكم أول درجة، وقررت إحالة أوراق المتهم إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه، مع تحديد جلسة للنطق بالحكم.
بين العدالة والوجع.. قصة لم تُنسَ
ربما يطوى الملف القانوني قريبًا، لكن قصة “زوجة السادات” التي تعرضت للجلد أربعين مره وبعد ذاك معاشرتها جنسيًا وهي في حالة إعياء وتركها تصارع الموت حتى فارقت الحياه أمام أعين أبنائها ستبقى شاهدة على ما قد يحدث حين يغيب الأمان داخل البيت، وحين تتحول المودة المفترضة إلى خوف، وحين يُترك العنف دون رادع.القضية طرحت من جديد أسئلة مؤلمة حول الحماية، والدعم، والوقاية، لكنها أيضًا كشفت عن جهاز بحث جنائي لا ينام، وعدالة مصرية لا تساوم حين يتعلق الأمر بالحق في الحياة.