خبراء عرب: مصر تستمر في أداء دورها التقليدي كعامل للاستقرار ومركز للتوازن في المنطقة

أكد خبراء عرب أن مصر تواصل أداء دورها التاريخي كركيزة للاستقرار ومحور للتوازن في المنطقة، معتمدة على دبلوماسية هادئة وفعّالة تهدف إلى نزع فتيل الأزمات واحتواء النزاعات قبل أن تنفجر، كما تبرز القاهرة كوسيط موثوق لدى جميع الأطراف، مدفوعة بتاريخ طويل من الخبرات والعلاقات المتوازنة.وذكر الخبراء العرب -أن الدبلوماسية المصرية تبنت خلال السنوات الأخيرة نهجًا يقوم على التواصل المباشر، وتكثيف الوساطات، وإطلاق مبادرات تسوية واقعية تراعي حساسيات الأطراف المتنازعة، دون انحياز أو مغامرة، حيث تتسم تحركات القاهرة دوما بهدوء وثبات، مؤكدة التزامها بدورها الإقليمي بعيدًا عن الشعارات، ومركزة على النتائج، وهو ما تجلى في البيان المشترك الذي جاء بمبادرة مصرية ووقعت عليه نحو 20 دولة لرفض التصعيد الخطير بالمنطقة؛ والداعي إلى أهمية العمل على خفض التوتر وصولًا إلى وقف لإطلاق النار وتهدئة شاملة.وفي هذا الإطار، يقول الدكتور محسن الشوبكي الخبير السياسي والاستراتيجي الاردني إن البيان المشترك للدول الإسلامية حول الهجمات الإسرائيلية على إيران والذي جاء بمبادرة للدبلوماسية المصرية يعكس تراجع الثقة الإقليمية في التصرفات الإسرائيلية الأحادية، ويكشف حجم الدعم الغربي غير المشروط لها، دون مراعاة مصالح الحلفاء الآخرين في المنطقة، لافتا إلى أن هذه السياسة أحادية التوجه قد تؤدي إلى عزلة أوسع لإسرائيل على المديات المتوسطة والبعيدة، خاصة إذا استمرت في تجاهل الاعتبارات الإقليمية والدولية، واتخاذ قرارات ترتكز على دعم غربي منفصل عن واقع المنطقة ومتغيراتها. وقال الشوبكي إن القيادة المصرية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية – تدرك خطورة المرحلة الراهنة في الشرق الأوسط، حيث تتفاقم الأوضاع نتيجة السياسات الإسرائيلية المتطرفة، التي لا تقتصر على قطاع غزة فحسب، بل تمتد إلى استهداف إيران ومختلف القطاعات المدنية والعسكرية فيها.ولفت إلى أن التحركات العسكرية الإسرائيلية الراهنة تعكس أزمة داخلية متنامية في إسرائيل، وفشل حكومة بنيامين نتنياهو في تحقيق أهدافها الاستراتيجية في غزة، مما دفعها إلى محاولة استعادة التأييد الغربي من خلال تصعيد عسكري واسع النطاق. وذكر الخبير الأردني أن إسرائيل تسعى عبر ضرباتها ضد إيران، إلى إعادة تشكيل المشهد الدولي لصالحها، مستندة إلى الرواية التقليدية بأن برنامج إيران النووي يشكّل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، موضحا أن هذا التصعيد المدروس لنتنياهو لا يستهدف فقط تعزيز الدعم الغربي غير المبرر، بل يمنح القوى الدولية الذريعة لتأييد الهجمات الإسرائيلية دون النظر إلى مصالح دول المنطقة وتداعيات هذه العمليات على الاستقرار الإقليمي.وأشار إلى أن واشنطن عزّزت وجودها العسكري في المنطقة، عبر إرسال وحدات بحرية، بما يعكس دعمًا غير محدود لإسرائيل، على حساب التوازن الاستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط. وتابع إنه لا يمكن الحديث عن جهود نزع السلاح النووي في المنطقة دون وضع الترسانة الإسرائيلية ضمن إطار النقاش وازالته، وهو ما أكده البيان المشترك الذي حذر من المخاطر المتزايدة لاستغلال هذا السلاح خارج سياقه العسكري التقليدي، خصوصًا مع تصاعد نفوذ المتطرفين داخل الحكومة الإسرائيلية.وأبرز أن المخاوف لا تقتصر فقط على قدرة إسرائيل على امتلاك هذا السلاح، بل تمتد إلى احتمالات إساءة استخدامه تحت غطاء سرديات أيديولوجية تُوظَّف لتبرير إجراءات قد تهدد أمن المنطقة برمتها. وخلص إلى أن استمرار إسرائيل في شنّ اعتداءاتها على دول المنطقة دون وجود رادع دولي حقيقي، لن يؤدي إلا إلى مزيد من زعزعة الاستقرار، وهو ما ينسف فرضية “السلام الذي تصنعه القوة” التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فالواقع أثبت أن هذه النظرية لا تخلق سلامًا مستدامًا، بل تعمّق الانقسامات وتؤثر مباشرةً على الاتفاقيات الموقّعة بين بعض الدول العربية وإسرائيل، في ظل تزايد حالة الرفض الشعبي لهذه التحركات العسكرية. من ناحيتها، قالت الدكتورة علا شحود أستاذة العلاقات الدولية بمعهد الاستشراق بموسكو إنه في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من توترات متصاعدة بين إيران وإسرائيل، تبرز الدبلوماسية المصرية كلاعب إقليمي مسؤول يسعى إلى تجنيب المنطقة سيناريوهات الانفجار.وقالت شحود إنه من هذا المنطلق، تتحرك القاهرة وفق رؤية استراتيجية، تستند إلى تاريخ طويل من الحضور الفاعل في قضايا الأمن الإقليمي، وتوازن علاقاتها مع مختلف الأطراف، لافتة إلى أن ما يميز الدبلوماسية المصرية هو أنها لا تكتفي بإصدار مواقف سياسية، بل تمارس دورًا عمليًا في إدارة الأزمات، من خلال فتح قنوات الاتصال، وتنسيق الجهود مع الشركاء الدوليين، والدفع نحو التهدئة بدلًا من التصعيد.وتابعت الدكتورة علا شحود أن مصر اتخذت خلال الفترة الماضية، خطوات محسوبة على أكثر من مستوى، حيث كثّفت اتصالاتها مع العواصم العربية، بهدف توحيد الموقف وهو ما أسفر عنه صدور بيان مشترك يدعو إلى ضرورة خفض التصعيد الذي ينذر بتداعيات جسيمة على أمن واستقرار المنطقة بأسرها، وضرورة وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية ضد إيران؛ التي تأتي في توقيت يشهد فيه الشرق الأوسط مستويات متزايدة من التوتر.وأشادت بالجهود المصرية التي أسفرت عن إصدار البيان المشترك الذي شدد على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل وفق القرارات الدولية ذات الصلة ودون انتقائية، وكذلك ضرورة سرعة انضمام كل دول المنطقة إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.