بابا الفاتيكان يجتمع مع أعضاء مجلس الأساقفة الإيطاليين لأول مرة

بابا الفاتيكان يجتمع مع أعضاء مجلس الأساقفة الإيطاليين لأول مرة

استقبل قداسة البابا لاوُن الرابع عشر، بابا الفاتيكان، صباح اليوم الثلاثاء، أعضاء مجلس أساقفة إيطاليا في قاعة البركات بالقصر الرسولي في الفاتيكان.وقد شكّل هذا اللقاء أول لقاء للبابا الجديد مع مجلس أساقفة منذ انتخابه، ما أضفى عليه طابعًا رمزيًا خاصًا، بالنظر إلى العلاقة الوثيقة التي تجمع بين أساقفة إيطاليا وخليفة بطرس. وفي الكلمة التي وجّهها لم يكتفِ البابا بكلمات الترحيب، بل رسم ملامح واضحة لمسيرة كنسية راعوية في قلب التحوّلات، مجدّدًا الدعوة إلى عيش الإيمان بفرح وإنجيلية، وإلى الشهادة الحيّة للمسيح وسط مجتمع يشهد تغيرات ثقافية وأنثروبولوجية عميقة.وقال البابا لاوُن الرابع عشر: “يسعدني جدًا أن ألتقي بكم. إن هذه القاعة، الواقعة بين البازيليك والساحة، مشبعة بالمشاعر التي رافقت الأحداث الأخيرة. في الواقع، يجب على البابا أن يعبرها لكي يُطلّ من الشرفة المركزية. لقد فعل ذلك البابا فرنسيس الحبيب لإلقاء رسالته الأخيرة بمناسبة عيد الفصح لمدينة روما والعالم، والتي كانت نداءه الأخير القوي من أجل السلام لكل الشعوب. وكذلك أنا، في مساء انتخابي، رغبت أن أردد صدى إعلان الرب القائم من بين الأموات: “السلام عليكم!”.تابع الأب الأقدس قائلًا: “أشكركم على صلاتكم وصلوات جماعاتكم: أنا في حاجة ماسّة إليها! وأنا ممتن بشكل خاص للكاردينال زوبّي، على كلماته التي وجهها إليّ أيضًا. وأُحيّي نواب الرئاسة الثلاثة، والأمين العام، وكل واحد منكم. إن تاريخ الكنيسة في إيطاليا يُبرز العلاقة الخاصة التي تربطكم بالبابا، والتي ـ بحسب النظام الأساسي لمجلس أساقفة إيطاليا ـ “تُشكّل بشكل خاص شركة المجلس مع الحبر الأعظم”. وعلى خُطى أسلافي، أشعر أنا أيضًا بأهمية هذه العلاقة “المشتركة والخاصة”، كما وصفها القديس بولس السادس خلال مداخلته في الجمعية العامة الأولى لمجلس أساقفة إيطاليا.وأضاف الحبر الأعظم قائلًا: “في ممارستي لخدمتي معكم، أيها الإخوة الأعزاء، أود أن أستلهم مبادئ المجمعية التي وضعها المجمع الفاتيكاني الثاني. وبشكل خاص يسلّط الدستور العقائدي في الكنيسة “نور الأمم” الضوء على أن الرب يسوع أقام الرسل “كهيئة جماعية ثابتة، وجعل على رأسها بطرس، الذي اختاره من بينهم”. وهكذا أنتم مدعوون إلى عيش خدمتكم: في شركة مجمعية فيما بينكم، وفي مجمعية مع خليفة بطرس. وهذا المبدأ في الشركة ينعكس أيضًا في تعاون سليم مع السلطات المدنية. فمجلس أساقفة إيطاليا في الواقع هو مكان للحوار وصياغة فكر الأساقفة حول القضايا الأكثر أهمية للخير العام. وهو، عند الاقتضاء، يوجه وينسّق علاقات الأساقفة الأفراد والمجالس الأسقفية الإقليمية مع تلك السلطات على المستوى المحلي.وتابع الأب الأقدس قائلًا: “عام ٢٠٠٦، وصف البابا بندكتس السادس عشر الكنيسة في إيطاليا بأنها “واقع حيّ جدًا، يحتفظ بحضور واسع في وسط الناس من جميع الأعمار والظروف”، حيث “لا تزال التقاليد المسيحية، في كثير من الأحيان، متجذّرة وتواصل إعطاء الثمار”. ومع ذلك، فإن الجماعة المسيحية في هذا البلد تجد نفسها منذ فترة طويلة تواجه تحديات جديدة، مرتبطة بالعلمنة، ونوع من الفتور تجاه الإيمان، والأزمة الديموغرافية. وفي هذا السياق – كما لاحظ البابا فرنسيس – “يُطلب منا أن نتحلّى بالجرأة، لئلا نعتاد على أوضاعٍ متجذّرة لدرجة أنها قد تبدو طبيعية أو لا يمكن تجاوزها. إنّ النبوءة – كما قال – لا تتطلّب تمزقات، بل خيارات شجاعة، هي سمة الجماعة الكنسية الحقيقية وتدفعنا لكي نسمح للأحداث والأشخاص بأن “يزعجوننا” وننزل إلى عمق الواقع الإنساني، يحركنا روح التطويبات الشافي”.أضاف الحبر الأعظم قائلًا:”انطلاقًا من العلاقة المميّزة بين البابا وأساقفة إيطاليا، أرغب في الإشارة إلى بعض الاهتمامات الراعوية التي يضعها الرب أمام مسيرتنا، والتي تتطلب تأملًا وفعلًا ملموسًا وشهادة إنجيلية. أولًا، هناك حاجة إلى اندفاع متجدّد في إعلان الإيمان ونقله. يتعلق الأمر بوضع يسوع المسيح في المحور، وعلى الدرب التي يرسمها الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل”، وبمساعدة الأشخاص على أن يعيشوا علاقة شخصية معه، لكي يكتشفوا فرح الإنجيل. وفي زمن مطبوع بتفتّت كبير، من الضروري أن نعود إلى أساس إيماننا، إلى الإعلان الأول. وهذا هو الالتزام الكبير الأول الذي يُحرّك كل ما عداه: أن نحمل المسيح إلى “عروق” البشرية، ونجدد ونشارك الرسالة الرسولية: “ذاك الذي رأيناه وسمعناه، نبشركم به”. ويتعلق الأمر بتمييز السبل التي يمكن من خلالها إيصال البشارة إلى الجميع، من خلال أعمال راعوية قادرة على الوصول إلى البعيدين، وبأدوات مناسبة لتجديد التعليم المسيحي ولغات الإعلان.”