لوس أنجلوس مرة أخرى | افتتاحية الخليج

ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مدينة لوس أنجلوس اضطرابات وأحداث عنف، ففي عام 1992 شهدت المدينة اضطرابات دامية، سُميت ب«انتفاضة لوس أنجلوس»، حيث وقعت مواجهات دامية وأحداث شغب ونهب وإحراق ممتلكات، على مدى ستة أيام إثر مقتل الشاب الأسود رودني كينغ على يد الشرطة.
هذه المرة، الأسباب مختلفة ولها علاقة بقرار الرئيس دونالد ترامب ترحيل مئات آلاف المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة.
دخلت الاضطرابات يومها الخامس، إثر إقدام السلطات على اعتقال عشرات المهاجرين، ومداهمة أماكن تواجدهم في لوس أنجلوس، وهي مدينة يشكل السود والسكان من أصل لاتيني أغلبية سكانها، ما يجعلها مدينة هشة قابلة للاشتعال لأي سبب له علاقة باللون أو بالعرق.
وقد بدأت أعمال العنف بالتمدد من منطقة إلى أخرى، الأمر الذي جعل الرئيس ترامب يستخدم سلطته في استدعاء ألفي عنصر من الحرس الوطني في كاليفورنيا، وهو أمر يقرره عادة حاكم الولاية وليس الرئيس الذي قال: «سننشر قواتنا في كل مكان.. لن ندع هذا يحدث لبلدنا كما حدث في عهد بايدن»، أضاف، «القوات التي انتشرت في لوس أنجلوس هي لضمان حفظ النظام وتنفيذ القانون»، إلا أن حاكم الولاية غافن نيوسوم (ديمقراطي) اعترض بشدة على سياسة ترامب، وطالب بسحب قوات الحرس الوطني، واصفاً قرار ترامب بأنه «غير قانوني»، واتهمه بمحاولة افتعال أزمة وانتهاك سيادة ولاية كاليفورنيا.
وكتب حاكم الولاية على منصة (إكس): «هذه أفعال دكتاتور، وليست تصرفات رئيس»، واتهم ترامب ب«فبركة أزمة»، لأنه «يأمل بحصول فوضى، لتبرير مزيد من حملات القمع، ومزيد من بث الخوف، ومزيد من السيطرة»، ودعا المواطنين للتحلي بالهدوء «وعدم استخدام العنف»، لكن البيت الأبيض رفض تعليقات نيوسوم، وقال في بيان: «إن الجميع رأوا الفوضى والعنف وانعدام القانون». وقد تضامن حكام الولايات الديمقراطية مع نيوسوم الذي يعتبر من الوجوه البارزة في الحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى عامل الصراع الموجود والمتحكم بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على الكثير من القضايا.
في الوقت ذاته لا يمكن الاستهانة باستخدام الحرس الوطني، وهو مجموعة من الجيش تأتمر عادة بأمر حكام الولايات، ولكن هذه المرة صدر الأمر عن الرئيس دونالد ترامب، ولم يكن يحصل ذلك إلا بطلب من حاكم الولاية.
والمرة الوحيدة التي سبق أن لجأ فيها رئيس أمريكي إلى استخدام الحرس الوطني كان عام 1965 عندما طلب الرئيس ليندون جونسون تدخله في ألاباما، لوضع حد لاحتجاجات تتعلق بالحقوق المدنية في الولايات المتحدة. كما تمّ اللجوء إلى الحرس الوطني عام 2020 في ولاياة مينيسوتا، ولكن بطلب من حاكم الولاية، لمواجهة الاضطرابات التي وقعت إثر مقتل اشاب الأسود جورج فلويد على يد الشرطة. لكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً، إذ صدر أمر استدعاء الحرس الوطني من الرئيس ترامب مباشرة، ومن دون تنسيق مسبق مع حاكم الولاية، وتعتبر هذه خطوة استثنائية، وتثير تساؤلات قانوية عدة حول مدى صلاحيات الرئيس في استعمال الحرس الوطني للقيام بمهام فيدرالية من دون تنسيق مع سلطات الولاية. المخاوف أن تتمدد الإضطرابات إلى ولايات أخرى، وهو ما حصل بالفعل حيث شهدت مدينة سان فرانسيسكو اضطرابات مماثلة، وتم اعتقال أكثر من ستين شخصاً.