تحدي القراءة العربي: مفتاح المستقبل | يوسف أبو لوز

تتزامن معطيات الدورة التاسعة لمبادرة تحدي القراءة العربي مع مرور عشر سنوات على إطلاق المبادرة من دبي في عام 2015، وكانت الإمارات قد أطلقت عشرية القراءة في عام 2016، وبذلك تنتهي العشرية من حيث الزمن بعد عام واحد (2026)، لكن ثقافة القراءة لا تنتهي عند عام أو عند مبادرة أو مرحلة، بخاصة عندما تتعمق مفاهيم هذه الثقافة في المجتمعات المتلقية للمعرفة والعلم، وهي في حالة المبادرات القرائية الإماراتية مجتمعات الشباب والفئات الطلابية الإعدادية والثانوية في الوطن العربي.
أعداد مليونية تقرأ، وتتنافس على المعرفة، وتنعش اقتصاد سوق الكتاب، وتجعل الناشرين في موقع اتخاذ إجراءات جديدة تنسجم مع ظاهرة الشباب القارئ، المستهلك لصناعة ليست ترفية أو سطحية، بل هي صناعة العقل الذي يبلور الفكر، ويجعل منه هوية حضارية للشعوب.
تحدي القراءة العربي بشكل مباشر أو غير مباشر لم يؤثر في مكونات سوق النشر العربية والعالمية فقط، بل أصبحت هذه المبادرة القرائية الأكبر في تاريخ الثقافة العربية موضوعاً حيوياً يومياً في الصحافة الثقافية العربية، وفي الإعلام الثقافي العربي في ضوء الأعداد المليونية الطلابية القارئة، المتزايدة من دورة إلى أخرى، لتشكل بالتالي جغرافيا عربية قارئة لها مشتركات عديدة بدءاً من الكتاب نفسه، مروراً بالأعمار الشابّة المتشابهة، وليس انتهاء بالصداقات العربية الضمنية التي تنشأ تلقائياً بين أبطال التحدي، ويجري تكريمهم في دبي، وسط احتفالية حميمة تليق بالكتاب العربي وقارئه الشاب.
إليك هذه الأرقام من باب قراءة الوقائع بلغتها العلمية الإحصائية، ثم لك حرية الاستنتاج والقياس الثقافي على كل ما تتوصل إليه من قراءة.. فقد «شارك في الدورة التاسعة من مبادرة تحدي القراءة العربي 32 مليوناً و231 ألف طالب وطالبة من 50 دولة يمثلون 132112 مدرسة، وبإشراف 161004 مشرفين ومشرفات»، انتهى الاقتباس الحرفي من خبر وام.
الأرقام تقول أيضاً إن المشاركة المصرية غير مسبوقة في كل تاريخ التحدي العربي للقراءة، ففي مصر «تنافس في التصفيات ما يقرب من 19 مليون طالب وطالبة مثلوا 30575 مدرسة وتحت إشراف 41225 مشرفاً ومشرفة».. انتهى الاقتباس الحرفي من خبر وام.
ما معنى هذه اللغة الإحصائية الدقيقة وما دلالتها الثقافية وانتسابها تحديداً إلى ثقافة القراءة؟ هناك أكثر من إجابة سريعة. أولاً: تحدي القراءة العربي آخذ في ارتفاع حجم المشاركات العربية، وبالتالي، ارتفاع مؤشر القراءة كهدف أخير ونبيل للمبادرة. ثانياً: أصبح في حياة الطفل العربي «قضيّة» تنافسية إن جازت العبارة، وأصبح الكتاب هاجسه وشريكه في تحقيق أحلامه الصغيرة، ومن هنا «أي من الكتاب» ثمة حياة جديدة تبدأ، وثالثاً: هذه المليونيات القارئة هي خميرة المستقبل وعنوانه الوجداني هو الصداقة التي تجمع بين أشواق وأفكار جيل ينشأ ويتكون ببطء، لكن بقوة وسلام.
[email protected]