علماء الفيزياء النووية يحدثون ثورة في العالم

علماء الفيزياء النووية يحدثون ثورة في العالم

أصدر المركز القومي للترجمة كتاب «عصر البراءة.. الفيزياء النووية بين الحربين العالميتين الأولى والثانية»، للأمريكي روجر هاري ستوير، ترجمة محمد العجمي. ولا يعد هذا الكتاب مرجعاً تقليدياً في الفيزياء، بل هو قصة ملحمية كتب سطورها مئات العباقرة والأفذاذ، وهو ما يلهب حماسة المتخصصين والقراء العاديين، ويجدد دوافعهم لإضافة فصل جديد إلى قصة الإبداع الطويلة التي لا تنتهي.

*صراعات

يجعلك هذا الكتاب شاهداً على السجالات والمعارك التي خاضها هؤلاء العظماء لاستجلاء المجهول، وكعادة المعارك التي هي ملتقى الأضداد حيث يختلط الحب والكراهية ويجتمع الأمن والخوف، وتضطرب المشاعر بين أفراح وأحزان، فهذا الكتاب ينقل إليك هذا المزيج من المشاعر، كما عاشه أصحابه وهم يرتقون سلم المجد، دافعين البشرية إلى الأمام بإنجازاتهم العظيمة، لتعيش معهم حكاياتها وحقائقها.

يرجع بنا الكتاب إلى زمن كانت فيه الصراعات الدولية على أشدها، في حقبة كارثية بين حربين عالميتين، جاءتا على الأخضر واليابس، وأهلكتا الحرث والنسل، إنها قصة مدن كما تحكيها جدرانها، ومغامرات كما يرويها أبطالها، واكتشافات كما سجلها صانعوها، قصة إنسانية تحكي لك عن حياة مؤسسي الفيزياء النووية، عن نشأتهم وخلفياتهم البيئية والثقافية والعلمية، وتعرض لك أهم جوانب شخصياتهم، المضيء منها والمظلم.

سترى الطبيعة البشرية فيهم، فمنهم الودود، والمتعجرف، والبسيط والمتأنق، ومنهم عجوز واهن، وشاب يجدد حياته بالاندماج بين طلابه، فيظل شاباً بروح شابة وتفاعلات شابة، بل وطفولية أحياناً، لتعيش معهم كأنك بينهم، تراهم وتنظر إليهم، ترصد بقلبك فرحة الاكتشاف لدى قلوب صافية متعلقة بالعلم، وتشاهدهم وهم يهرولون صائحين باكتشافاتهم كطفل عثر أخيراً على لعبته بعد أن أضناه البحث صارخاً: «وجدتها».

ستتعرف إلى أسباب تميزهم وقدراتهم الأسطورية على تخطي عثراتهم والخروج من أزماتهم منتصرين، بل أحيانا مستفيدين منها، وتعرف كيف يستطيع الإنسان أن يغير، ليس واقعه فحسب، بل وجه العالم أجمع، سيتكشف أمامك كيف تغير مصير العالم على يد ثلة من المهجرين والمنفيين تداعوا من شتى بقاع الأرض ليمسكوا زمام المبادرة، ويكونوا في طليعة هذا العلم الناشئ، ليسيطروا على القرار العالمي منذ ذلك الوقت إلى الآن.

يشير المؤلف إلى أنه خلال العقدين بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، أصبح مجال الفيزياء النووية الناشئ وقتئذ هو المجال المهيمن على الفيزياء التجريبية والنظرية، بدأت هذه الحقبة باكتشاف «رذرفورد» للتفكك النووي الاصطناعي في عام 1919 وتفسيره الكلاسيكي له في عام 1920، وكلاهما حدده فيزيائيون في فيينا، ففي عام 1928 اتخذ «جورج جامو» و«رونالد جورني»، بالتزامن مع «إدوارد كوندون»، الخطوة الأولى للخروج من العالم الكلاسيكي، عندما وضعوا تصوراً لنظرية ميكانيكا الكم.

*دافع

بعد أربع سنوات في 1931 تغيرت النظرية والتجربة بشكل أساسي من خلال اكتشافات النشاط الإشعاعي الصناعي، الاكتشافات والاختراعات الأساسية هذه نشأت بدافع السعي لفهم الظواهر النووية. لم يكن الدافع وراء أي منها هو الرغبة في إيجاد تطبيق عملي للطاقة النووية، وبهذا الدافع عاش الفيزيائيون النوويون في عصر البراءة بين الحربين العالميتين، وعلى الرغم من ذلك فإنهم لم يعيشوا في عزلة، ككل المساعي البشرية، فقد عكست أبحاث الفيزياء النووية الشخصيات المتميزة للفيزيائيين، الذين قاموا بالاكتشافات، وابتكروا الاختراعات.