محمد بن زايد في الكرملين: شراكة استراتيجية | مقالة افتتاحية من الخليج

محمد بن زايد في الكرملين: شراكة استراتيجية | مقالة افتتاحية من الخليج

هي القمة الخامسة بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي استقبله أمس في الكرملين وسط حفاوة بالغة، في خطوة جديدة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الإمارات وروسيا التي تشهد زخماً متزايداً تجلّى في تبادل الزيارات الرسمية رفيعة المستوى، وتوقيع اتفاقات استراتيجية في مختلف القطاعات الاقتصادية، والتجارية، والسياسية، والأمنية والاستثمارية، والطاقة، إضافة إلى نجاحات إماراتية بارزة في ملفات الوساطة الإنسانية المرتبطة بالأزمة الأوكرانية، إلى جانب عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وخصوصاً ما يتعلق بالحرب على غزة والظروف المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ووسائل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، كمدخل لعملية سياسية تحقق الأمن والسلام في المنطقة.
وقد أكد صاحب السمو رئيس الدولة أن العلاقات الإماراتية الروسية «تقوم على أسس راسخة من الثقة والاحترام المتبادلين، وتستند إلى إرث عريق من التعاون البنّاء والعمل المشترك يمتد إلى أكثر من خمسة عقود»، وشدد سموه «حرص دولة الإمارات على بناء شراكات تنموية فاعلة مع مختلف دول العالم، وتعزيز التعاون الدولي في التعامل مع التحديات العالمية المشتركة، وتحقيق التنمية المستدامة والازدهار لجميع شعوب العالم»، كما أكد خلال مباحثاته مع الرئيس الروسي على «نهج الإمارات الثابت في العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار في العالم، إلى جانب دفع الحلول والمبادرات السلمية لمختلف النزاعات والصراعات على المستويين الإقليمي والعالمي». وتطرق الجانبان إلى أهمية القمة العربية – الروسية التي تعقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل التي دعا إليها الرئيس الروسي لتعزيز علاقات روسيا مع العالم العربي، وأشاد سموه بالرئيس بوتين لتسهيل عمليات الوساطة التي تقوم بها دولة الإمارات لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، والتي شملت أكثر من أربعة آلاف أسير، من جانبه أعرب بوتين عن شكره وتقديره للجهود المتواصلة التي تقوم بها دولة الإمارات، وتسفر عن نجاح تبادل الأسرى. كما وقّع الجانبان على هامش الزيارة «اتفاقية تجارة الخدمات والاستثمار».
تمثل زيارة رئيس الدولة إلى روسيا محطة جديدة في ترسيخ نهج إماراتي يعتمد على سياسة براغماتية متعددة الاتجاهات، والحياد الإيجابي كأداة لصياغة موقع ريادي في النظام الدولي الذي يشهد تحولات جذرية، وبذلك تستمر الإمارات في لعب دور محوري في التهدئة الدولية، بالتوازي مع تعزيز شراكاتها الاستراتيجية في مختلف المجالات. ولهذا نجحت من خلال نهجها المتوازن في أن تكون وسيطاً موثوقاً يحظى بثقة جميع الأطراف، من خلال جهودها المتواصلة في تسهيل تبادل دفعات متتالية من الأسرى بين موسكو وكييف، ما يجسد مكانة الدولة كفاعل دولي مسؤول يلتزم بدعم الحلول السلمية، وتخفيف المعاناة الإنسانية في النزاعات الدولية.
وقد ألقى الكرملين أمس الضوء على أهداف الزيارة، بالإشارة إلى أن المحادثات ستشمل تبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا الدولية، وسيتم التركيز بشكل خاص على الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك الوضع في منطقة الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي. ونوه بيان الكرملين بأن «روسيا والإمارات تؤيدان حل الدولتين، إذ دعت الدولتان باستمرار إلى حل هذا الصراع الطويل الأمد من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية على أساس قانوني دولي معترف به على نطاق واسع والذي يفترض إقامة دولتين لشعبين».
إن الزيارة الحالية لصاحب السمو رئيس الدولة تمثل خطوة جديدة في مسار علاقات متميزة، تتعزز باستمرار من خلال إرادة سياسية واثقة وواعية تعمل لمصلحة البلدين والشعبين، وتعكس حرص البلدين على ترسيخ التعددية في العلاقات وتعزيز النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول، والعمل المشترك من أجل الحلول السياسية للأزمات الدولية.