أدب المنفى | عثمان حسن

أدب المنفى | عثمان حسن

عثمان حسن

تكاد تكون ثيمة الشتات في الأدب الإفريقي، هي الثيمة الرئيسية لهذا الأدب، وربما يكون ذلك إحدى الميزات التي جعلت هذا الأدب يتفوق على نفسه، ويكتب بأساليب فنية جديدة لا تقل أهمية عما هو معروف في الأدب العالمي المعاصر، غير أن هذه الثيمة موجودة في نماذج أدبية أخرى سواء في آسيا أو ما يعرف بروايات ما بعد الاستعمار، وشتات جزر الهند الغربية المعروفة ب «جزر الكاريبي».
الأمثلة كثيرة على تفوق هذه الأعمال الأدبية، لأنها انطلقت من عمق المعايشة والتجربة، وتميزت بحساسية عالية من الصدق والجرأة والتفوق على الذات.
لنبدأ من جائزة نوبل في 2021 وحصل عليها التنزاني عبد الرزاق قرنح، الذي استحق نوبل للآداب تقديراً لكتاباته العميقة والمؤثرة التي تجسد آثار الاستعمار ومصير اللاجئين نتيجة الفجوة التي يعيشونها بين قارات وثقافات مختلفة، كتب قرنح العديد من الروايات التي تعكس آثار الهجرة والشتات الإفريقي مثل: «ذاكرة الهجرة» و«طريق الحجاج» و«قلب الحصى» و«الحياة بعد الموت» وغيرها.. وكان لكل رواية من هذه الروايات بصمة ثقافية ذات أثر بالغ في ذاكرة الأدب الإفريقي، من حيث قضايا الهوية واللجوء وآثار المستعمر لا سيما في الشرق الإفريقي.
ولكن، ماذا عن رواية (أمريكانا) للنيجيرية شيماماندا أديتشي، إنها في الحقيقة من أجمل الروايات التي تحكي عن قصة حب بين شاب وفتاة، حين كانا طالبين في إحدى مدارس نيجيريا، فتتخذ حياتهما منحى آخر حين يهجران بلدهما في أمريكا وبريطانيا، وصفت الرواية بأنها تقدم تأملاً عميقاً في المواقف المستجدة التي يبديها الناس تجاه العِرق، بنتيجة الشتات وما يتبع ذلك من آثار فقدان الهوية والعزلة وغير ذلك.
تطول القائمة، نحو أعمال أدبية تجاوزت الحدود الجغرافية، وحصدت الكثير من الجوائز العالمية، فها هو الكيني نغوغي وا. ثيونغو يكتب «أحلام في حقبة الحرب» وصدرت بالعربية عن «روايات» الإماراتية في 2023، وشكلت بصمة أدبية خاصة، وتركز على ذكريات طفولة الكاتب في أزمنة حرب شديدة القسوة ضد الاحتلال الإنجليزي.
إن أمثلة أدب الشتات لا تنتهي عند حدود الأدب الإفريقي، وإن احتلت القارة السمراء نصيب الأسد في هذا الموضوع، فثمة أعمال لا تقل أهمية تندرج تحت عنوان (أدب شتات جزر الهند الغربية)، ومثل هذا النموذج س. ل. ر. جيمس في روايته «زقاق منتي» 1936، وكانت أول عمل كاريبي يصدر في إنجلترا، ويضيء على القضايا الكاريبية، من حيث المكان واللغة والهوية وخلاف ذلك.
وهناك نماذج أدبية أخرى من الشتات الآسيوي في أعمال كتاب فيتناميين معروفين، ولعل القاسم المشترك بين هذه الأعمال، هو قوة الطرح وفرادة السرد في أدب بدأ يفرض نفسه على الساحة الأدبية العالمية بكل ثقة واقتدار.

[email protected]