الجيش الإسرائيلي يقلق من “فخ استراتيجي” بسبب إعادة السيطرة على قطاع غزة

لم تهدأ الخلافات داخل إسرائيل، أمس الأربعاء، حول إعادة احتلال كامل قطاع غزة. وبينما يدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باتجاه تنفيذ الخطة يطرح الجيش «خطة تطويق» تشمل محاور عدة في القطاع دون الانجرار نحو «أفخاخ استراتيجية» ضمن عملية قد تستغرق نحو خمسة أشهر. وبينما تواصل المعارضة تحذيرها من ورطة عسكرية وسط عزلة دولية متفاقمة وسط دعوات للعصيان وشل الاقتصاد، لم تبد الولايات المتحدة أي موقف واضح.
ومن المقرر أن يجتمع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية الكابينت اليوم الخميس، لمناقشة خطة احتلال مدينة غزة والمعسكرات الوسطى، والتي تعارضها قيادة الجيش.
وسرب الإعلام العبري بعض التفاصيل عن إعادة احتلال قطاع. وذكرت «القناة 12» العبرية أن الجيش الإسرائيلي عرض تفاصيل خطة عسكرية مقترحة قبيل اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت). وتتضمن الخطة مناورة عسكرية تمتد ما بين 4 إلى 5 أشهر، بمشاركة ما بين 4 إلى 6 فرق عسكرية. وتهدف إلى احتلال مدينة غزة ومخيمات اللاجئين في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، بالإضافة إلى دفع السكان جنوباً بهدف تهجير السكان من القطاع.
في سياق متصل، أفادت وكالة «رويترز» بأن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين قالوا إن رئيس أركان الجيش، إيال زامير، عارض اقتراح نتنياهو بالسيطرة على بقية المناطق التي لا يسيطر عليها الجيش في غزة.
وذكرت المصادر الثلاثة التي اطّلعت على مجريات الاجتماع أن زامير حذر نتنياهو من أن السيطرة على ما تبقى من غزة قد يجر الجيش للبقاء طويلاً في القطاع الذي انسحب منه قبل عشرين عاماً، وقد يؤدي إلى إلحاق أضرار بالرهائن المحتجزين هناك. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يسيطر بالفعل على 75% من قطاع غزة بعد ما يقرب من عامين على اندلاع الحرب.
ومن المرجح أن يكون لتوسيع الهجوم العسكري في المناطق المكتظة عواقب كارثية، حيث يعيش الكثير من سكان غزة البالغ عددهم مليوني فلسطيني في مخيمات بجنوب القطاع، بعد أن شردهم القصف المستمر منذ 22 شهراً.
وتؤكد المعارضة وعائلات الرهائن أن نتنياهو يرغب في صفقات جزئية تتيح مواصلة الحرب بما يضمن بقاءه بالسلطة، إذ يخشى انهيار حكومته إذا انسحب منها الجناح الأكثر تطرفاً والرافض لإنهاء الحرب.
وفي الأثناء، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أمس الأربعاء، إن خطة إعادة احتلال قطاع غزة «فكرة سيئة للغاية» وإنها ستكلف إسرائيل ثمناً باهظاً.
وأفادت «القناة 13» العبرية بأن تصريحات لابيد جاءت بعد لقاء استمر أربعين دقيقة مع نتنياهو. وقال لابيد، في ختام اللقاء، «أخبرت نتنياهو أن احتلال القطاع فكرة سيئة ولن نُقدم على مثل هذه الخطوة إلا إذا كانت أغلبية الشعب تدعمكم، شعب إسرائيل غير مهتم بهذه الحرب». وأضاف «سندفع ثمناً باهظاً جداً سواء من الأرواح أو من أموال دافعي الضرائب الإسرائيليين (حال تنفيذ الخطة)».
وفي ذات السياق، قال رئيس حزب «الديمقراطيين» المعارض يائير غولان إن حكومة نتنياهو «تريد فرض احتلال قطاع غزة على الإسرائيليين»، محذراً من أن ذلك ستترتب عليه «تكاليف باهظة في المال والدماء ستلقي بإسرائيل في عزلة دولية وستؤدي إلى مقتل المخطوفين».
وفي تصريحات نقلتها عنه معاريف الإسرائيلية أمس الأربعاء، قال غولان «إن سياسة حكومة نتنياهو تخدم أجندة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لإقامة مستوطنات جديدة في غزة، وعلى الإسرائيليين توسيع نطاق المعارضة، ويجب تعطيل الدولة حتى تعلن الحكومة عن إجراء انتخابات».
وفي واشنطن، رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يفصح عما إذا كان يؤيد أو يعارض سيطرة إسرائيل المحتملة على غزة عسكريا، وقال إن تركيز إدارته ينصب على زيادة وصول الغذاء إلى القطاع الفلسطيني الذي يتعرض للهجوم من حليفة بلاده.
وأدت الحرب في غزة إلى فرض ضغوط على الجيش الإسرائيلي الذي يضم قوات محدودة العدد واضطر مراراً إلى استدعاء جنود الاحتياط، ولم يتضح ما إذا كانت هناك حاجة إلى المزيد منهم لتوسيع العمليات والسيطرة على المزيد من الأراضي.
من جانبه، حذرميروسلاف جينكا، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أوروبا وآسيا والأمريكيتين، من أن أي تصعيد إضافي في القطاع قد تكون له «تداعيات كارثية على المدنيين الفلسطينيين»، كما قد يشكل «خطرًا متزايدًا على حياة من تبقى من الرهائن في غزة.
وبينما تتوالى التحذيرات الدولية وتتعمق الخلافات داخل المؤسسة الإسرائيلية، تظل التساؤلات قائمة حول مدى جدية نتنياهو في تنفيذ الخطة المثيرة للجدل، ومدى قدرة حكومته على مواجهة التحديات السياسية والعسكرية المحتملة في حال الإقدام على خطوة بحجم احتلال كامل لقطاع غزة. (وكالات)