دليل: استراتيجية للعيش بعد الفقد | سوسن دهنيم

ماذا يحدث لو أن أحدنا امتلك دليلاً مصوراً كاملاً للتعامل مع الحياة بعد فقد من يحبه ومن كان «كل شيء» في حياته؟
بل ماذا سيحدث لو أن هذا الدليل جاء من الشخص المفقود ذاته؟
جميعنا يحلم بوجود هذا الدليل ويتمنى لو أنه استطاع التعبير عن مشاعره لمن فقدهم قبل أن يرحلوا فيخبرهم بكل شيء في قلبه وعقله، جميعنا يتمنى لو أن الفقد أمهله لحظة وداع حقيقية كان يعرف حينها أنها ستكون الخاتمة.
جاء مسلسل «كاتلوج» ليكون بمثابة هذا الدليل، فهو يمزج بين الدراما والمشاهد الكوميدية في لغة جذابة ومشاهد آسرة وتسلسل في الأحداث يجعل المتلقي ينتهي من مشاهدته دفعة واحدة.
الأفكار في المسلسل كثيرة والرسائل متعددة، لكن أهمها تلك التي تؤكد أهمية تعبيرنا عن مشاعرنا للمحيطين بنا قبل فوات الأوان، أهمية تقديرهم والالتفات إلى وجودهم وعطائهم باعتبارهم أكثر نعم الله علينا، لا باعتبار وجودهم أمراً مسلماً به، كالأخ الذي يعطي ويضحي ويوجد في كل لحظة من دون مقابل، والزوجة التي تفني حياتها ووقتها لتوفير كل احتياجات أسرتها، الأم التي لا يمكن لشيء أو أحد أن يأخذ مكانها ويفعل ما تفعله والصديق الذي يبتسم برغم كل الآلام بداخله كي لا يزيد ألم صاحبه والابن الذي لم يحتج على غياب أبيه والمربية التي تعرف متى وكيف تتدخل وتنصح، هي كلها نعم كبيرة ربما لا نشعر بأهميتها قبل أن نفقدها.
والمدهش هو معالجة المسلسل ليوم الأم وهو اليوم الأكثر جدلاً بين مؤيدي الاحتفال به في المدارس والمعارضين باعتباره يوماً «لتقليب المواجع» على من فقدوا أمهاتهم، فتراه من وجهة نظر مختلفة يسعى لتكريم الأم في حياتها وبعد مماتها من خلال استذكار كل عطائها.
يؤكد المسلسل في أكثر من مشهد أن الفقد لابد وأن يأتي، لكن طريقة التعامل معه هي التي تحدد كيف يعيش المرء حياته بعدها وأن الحياة تمضي بكل ما فيها بعد فقد الحبيب أياً كان، لكنها ستكون ناقصة من بعده وإذا ما أيقنّا أننا سنلقاه يوماً، سنسعى لتكون حياتنا مملوءة بالفرح والنجاح لنلقاه ونحن في كامل تألقنا.
الفقد موجع جداً للمحيطين بالفقيد، لكنه أمرٌ حتميٌّ لابد منه ويجب التعامل معه بكل قوة ويقين؛ لأن الراحلين لن يسرهم حزننا ولا إيقافنا الحياة من بعدهم.
«كتالوج» مسلسل ملهم نحن بحاجة لمثله الكثير؛ لتناول مختلف منعطفات الحياة وعثراتها بمعالجة درامية تقدم الفكرة بطرح مختلف سلس صادم.
[email protected]