لماذا يرفض الجيش الإسرائيلي توغل في غزة؟

لماذا يرفض الجيش الإسرائيلي توغل في غزة؟

القدس – رويترز

يتمسك رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير بمعارضة مقترح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، باحتلال كامل قطاع غزة، على الرغم من السيطرة الفعلية على 75% من القطاع المدمر، فيما يوجد الرهائن في الـ 25% المتبقية. كذلك، ينطبق الأمر نفسه على سكان غزة تقريباً، البالغ عددهم مليوني نسمة، والذين يعانون المجاعة والقصف المتواصل.

وأكد مسؤولون المطلعون أن زامير حذر نتنياهو خلال اجتماع شابه التوتر استمر ثلاث ساعات، الثلاثاء، من أن السيطرة على ما تبقى من غزة قد يجر الجيش للبقاء طويلاً في القطاع الذي انسحب منه قبل 20 عاماً ويلحق الضرر بالرهائن المحتجزين هناك.

تحقيق أهداف الحرب

من المتوقع أن توافق الحكومة الأمنية الإسرائيلية، المسؤولة عن صنع القرار، غداً الخميس، على الاحتلال الكامل لغزة، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى تحقيق أهدافها الحربية الرئيسية المعلنة، والمتمثلة في تدمير حماس وتأمين إطلاق سراح الرهائن الخمسين المتبقين.

وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإنه ليس واضحاً تماماً ما تعنيه حكومة بنيامين نتنياهو بـ«الاحتلال الكامل»؛ إذ يسمح بتفسيرات متعددة – تتراوح بين السيطرة العسكرية قصيرة المدى على كامل القطاع، الذي يسيطر جيش الدفاع الإسرائيلي حالياً على حوالي 75% منه، وحكم عسكري إسرائيلي طويل الأمد، واحتمال إحياء الاستيطان اليهودي.

وقال المسؤولون، الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم، إن نتنياهو الذي يؤيد توسيع العمليات العسكرية ذكّر زامير، بأن الجيش أخفق حتى الآن في تحرير الرهائن. وأفضت مفاوضات دبلوماسية إلى إطلاق سراح معظم الرهائن المفرج عنهم حتى الآن.

وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس على منصة إكس، الأربعاء، إن من حق رئيس الأركان؛ بل من واجبه، التعبير عن رأيه، لكنه قال إن الجيش سينفذ قرارات الحكومة حتى تحقيق كل أهداف الحرب.

كما تبنى نتنياهو، كهدف رسمي للحرب، خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير لنقل سكان غزة إلى أماكن غير محددة في أماكن أخرى؛ وليس من الواضح ما إذا كان سيتم السعي إلى تحقيق ذلك في سياق «الاحتلال الكامل» أو كيف سيتم ذلك.

وليس من الواضح حتى بشكل قاطع ما إذا كان ما يُعلن عنه هو ما سيُنفذ فعلياً. فقد أثبتت عملية «عربات جدعون» العسكرية التي أُنجزت مؤخراً أنها لم تحقق أهدافها العسكرية في تدمير «حماس»، أو تحرير الرهائن.

من الواضح أن زامير، العسكري المخضرم الذي اختاره نتنياهو بسعادة لخلافة هرتس هاليفي – لديه مخاوف جدية بشأن السيطرة العسكرية الكاملة، على القطاع، فقد أشارت تسريبات في الأيام الأخيرة إلى أنه في ختام عملية «عربات جدعون»، توقع زامير أن يُصدر الجيش أوامر بالانتشار حول المراكز السكانية الرئيسية في المناطق التي لا يسيطر عليها الجيش بالكامل، ومن ثم شن غارات مستمرة – ما يحد تدريجياً من مساحة مناورة «حماس، ويقلل من الخطر على الرهائن، وربما يُمكّن من إحياء اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما لم يتحقق.

– تعريض الرهائن للخطر

ويخشى زامير أن يتسبب التوسع المُتوخّى للحرب، والذي سيشمل نظرياً نشر الجيش الإسرائيلي في كل مكان في غزة، بما في ذلك المناطق التي يُحتجز فيها الرهائن، في تعريض حياتهم لخطر داهم. ولا يريد قائد الأركان تكرار أن يعيد للأذهان، أزمة مقتل ستة رهائن على يد خاطفيهم، قبل عام، عندما اقترب الجيش الإسرائيلي من دون قصد من النفق الذي كانوا محتجزين فيه.

ويخشى زامير أيضاً من تصاعد الضغط الذي سيفرضه الاحتلال الكامل على جيش الدفاع الإسرائيلي المُنهك، والذي يقاتل منذ 670 يوماً بجيش نظامي يعاني نقصاً في الكوادر وجنود احتياط منهكين. فبعد عامين من الحرب، سيطر الجيش الإسرائيلي بالفعل على 75 في المئة من قطاع غزة، إلا أنه فشل حتى الآن في تحرير الرهائن، والذين جرى إطلاق سراحهم على دفعات عبر هدنات متقطعة.

ووصفت الأمم المتحدة التقارير التي تتحدث عن احتمال توسيع نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها «مقلقة للغاية».

معارضة إسرائيلية

ويقود نتنياهو حكومة ائتلافية هي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وكان بعض شركائه الرئيسيين هددوا بالاستقالة، إذا أنهت الحكومة الحرب.

وقال زعيم المعارضة يائير لابيد للصحفيين، بعد اجتماع استمر 40 دقيقة مع رئيس الوزراء اليوم إنه أبلغ نتنياهو بعدم رغبة الرأي العام في استمرار الحرب، وبأن السيطرة العسكرية الكاملة على القطاع ستكون فكرة سيئة جداً. وفي إسرائيل، تُظهر استطلاعات الرأي تأييداً لاتفاق دبلوماسي من شأنه إنهاء الحرب وتأمين إطلاق سراح الرهائن.

– ضغوط دولية

لا يزال هناك 50 رهينة في غزة، ويُعتقد أن 20 منهم على الأقل على قيد الحياة، وأثارت مقاطع مصورة نشرتها «حماس» و«الجهاد» الأسبوع الماضي لرهينتين في حالة هزال شديد تنديدات دولية.

وتقول وزارة الصحة في غزة إن ما يقرب من 200 فلسطيني توفوا بسبب الجوع منذ بدء الحرب، نصفهم تقريباً من الأطفال.

وهناك ضغوط دولية مكثفة لوقف إطلاق النار لتخفيف حدة الجوع والظروف المروعة في غزة ولإطلاق سراح الرهائن. وانهارت أحدث محادثات لوقف القتال في قطر الشهر الماضي. وتصر «حماس» على أن أي اتفاق يجب أن يؤدي إلى نهاية دائمة للحرب، بينما تتهم إسرائيل الحركة بعدم الجدية في التخلي عن السلطة بعد ذلك، وتؤكد أنه يجب هزيمتها.

ومن المرجح أن يكون لتوسيع الهجوم العسكري في المناطق المكتظة بالسكان عواقب كارثية. ويعيش الكثير من سكان غزة البالغ عددهم مليوني فلسطيني في مخيمات بجنوب القطاع، بعد أن شردهم القصف المستمر منذ 22 شهراً.

وقالت وزارة الصحة في غزة، إن الجيش واصل شن غارات جوية على قطاع غزة، الأربعاء، ما أدى إلى مقتل 135 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليرتفع عدد القتلى منذ بداية الصراع إلى أكثر من 61 ألفاً معظمهم من المدنيين.

ما الذي يخطط له نتنياهو مع «الاحتلال الكامل» لغزة، ولماذا يشعر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بالقلق؟

تسيطر إسرائيل بالفعل على 75% من قطاع غزة. أما الرهائن فهم في الـ 25% المتبقية. كذلك، ينطبق الأمر نفسه على جميع سكان غزة تقريباً، البالغ عددهم مليوني نسمة.