إصدار “توابيت وقبر واحد” للشاعر عمر أبو الهيجاء

إصدار “توابيت وقبر واحد” للشاعر عمر أبو الهيجاء

صدرت حديثاً في القاهرة عن دار «اسكرايب للنشر والتوزيع» رواية بعنوان: «توابيت وقبر واحد» للشاعر الأردني عمر أبو الهيجاء، وتقع في 123 صفحة من القطع المتوسط، وقد أهداها إلى «المنفيين على أطرافِ الأرض». وقد جاءت الرواية «النوفيلا» مقسمة إلى عشرة فصول، كل فصل يتكون من عدة مقاطع، ورغم أن الرواية هي الأولى لعمر أبو الهيجاء؛ إلا أنها كتبت بلغة محكمة وتشويقية، تتيح للقارئ الغوص في عوالم جديدة ورؤى غير تقليدية، وهي رواية من الأدب المقاوم للقبح والغطرسة الذي يسود العالم.
على الجانب الخلفي للغلاف الذي صممه الفنان الأردني يوسف الصرايرة اختار الناشر مقطعاً من الرواية جاء فيه: «يَمضي الوقتُ ثقيلاً على القريةِ «غزالة»، صباح اليوم الذي تم الاتفاق عليه لمعرفةِ الأخبارِ، يَشقُ الأهالي مَداخلَ الطرقات منتصبين كشجرِ الزيتونِ في انتظارِ«فرحان»، هذا أوان «الشدِّ فاشتدي» يا أرضُ وأمطري يا سماء أمطري، الآن صباحُ الصحو والنبضِ المُحملِ بالغَضبِ العَارم، وانتفاضة دم ساخن في العروق».
إننا لن نتحدث عن الأحداث التي تدور حولها الرواية، لكن أبو الهيجاء استطاع أن ينقل للقارئ مشاعر أبطاله ومخاوفهم وطموحاتهم وهواجسهم بطريقة سلسلة وجذابة. هذا الانتقال رسم لوحة فنية، وبناءً معمارياً، فالمشاهد غير مفتعلة، ولا زيادات تربك النص، أيضاً؛ حينما تقرأ تتخيل المواقف والصور أمام عينيك. وكأنك تشاهد عملاً سينمائياً متحركاً. والرواية لا تؤرخ الأحداث ولا تتناول التاريخ بصورة مباشرة، ولغتها تتضمن شحنات عاطفية وإحساساً ملحوظاً بالمكان بكل تفاصيله. إذ يبدو أن تلك التفاصيل يعرفها أبو الهيجاء جيداً.
يتعرف القارئ في الرواية على أسماء مدن وشخصيات واقعية وحقيقية وأخرى متخيلة، وتقابله مقاطع شعرية لها عنفها وقسوتها ودلالتها وقصدها، ولا شك أن هذه المقاطع أعطت للنص فسيفساءه الممتع والمثير والصادم أحياناً.
الروائي المصري يوسف حسين ناشر النوفيلا قال: «سطور الرواية تنضح بالألم المتفجر بين جوانحها، من معاناة الشخصيات، وأنين الوطن الذي ينزف صامتاً، شاهداً على رحيل أبنائه واستشهادهم في عزة وإباء».
برع عمر أبو الهيجاء، في تجسيد مشاهد حية، متنقلاً بينها بانسيابية بارعة، مبرزاً دور كل شخصية في حسن حبكتها وإتقانها، مراعياً الزمان والمكان اللذين ساهما في منح جو من الإثارة والتشويق، وبث روح من المغامرة تحث القارئ على متابعتها بلهفة وترقب، كما استخدم الكاتب الحوارات كأداة طيِّعة لتحريك الأحداث ومرونتها، وإطلاع القارئ على أكثر الجوانب النفسية للشخصيات، مما يقوي صلة التفاعل بينه وبينها.
وقد تمتع السرد بكلمات نُسجت بالقوة والجزالة، حيث تجلّت لغة الكاتب الشعرية وذخيرته بسخاء في تصوير آلام الشخصيات ومعاناتهم بين الفقدان ومحاولات التشبث بأذيال الآمال المتفلتة.