شعر عربي من جنوب السودان | يوسف أبو لوز

شعر عربي من جنوب السودان | يوسف أبو لوز

تواصل دائرة الثقافة في الشارقة تنظيم ملتقيات الشعر العربي في إفريقيا من خلال قراءات منتظمة لشعراء من تشاد، وغينيا، والسنغال، ونيجيريا، والنيجر، ومالي، وساحل العاج.
وفي جمهورية جنوب السودان، وفي العاصمة جوبا، شارك قبل أيام قليلة شعراء في النسخة الرابعة من ملتقى الشعر العربي الذي نظمته الدائرة بالتعاون مع «اتحاد علماء مسلمي جنوب السودان» تحت عنوان «التميز والإبداع.. ريادة وارتقاء». وحضر في الملتقى نخب ثقافية وأكاديمية مرموقة في جوبا، ومن المؤسسات الثقافية في إفريقيا، القارّة التي تجمعنا بها مشتركات تاريخية ولغوية عديدة ومهمّة على مستوى الثقافة العربية والإسلامية، وبخاصة ثقافة الشعر العربي الذي يكتبه الشعراء الأفارقة بالعربية الفصحى وبحسب تقاليده العروضية والوزنية المعروفة في تاريخ «ديوان العرب».
صدرت في جمهورية جنوب السودان مجموعات شعرية لأجيال مختلفة من الشعراء وبخاصة الشباب والشابات، وقد عرفت شخصياً عدداً من هؤلاء المبدعين في معرض الشارقة الدولي، وتبيّن لي، وعن قرب، حماستهم العاطفية والوجدانية تجاه الثقافة العربية والشعر العربي، ولمست عمق فخرهم بأنفسهم لكونهم يكتبون الشعر العربي كما يكتبه شعراؤه العرب ببلاغته الجمالية الفصيحة.
هذا الملتقى في جوبا للمرة الرابعة منذ انطلاق ملتقيات الشعر العربي في إفريقيا يترجم عملياً الرؤية الثقافية التي انطلقت وفقها هذه الملتقيات منذ سنوات من هنا من الشارقة عاصمة الثقافتين العربية والإسلامية، وتتمثل هذه الرؤية أولاً في حماية وصون اللغة العربية وذاكرتها وتاريخها الجمالي والأدبي، أما الترجمة العملية الثانية لهذه الرؤية فتتمثل في إقبال الشعراء الأفارقة وأساتذة الجامعات ونخب المؤسسات الأدبية والفكرية على العربية بوصفها لغة أدب، ولغة بحث في النقد الأدبي والتاريخ والفكر والفلسفة، وفي الإطار بالذات، توجه العديد من الأكاديميين والمثقفين الأفارقة إلى الحصول على درجات عليا من جامعات إفريقية وعربية اشتغلوا على إنجازها بالعربية.
نحن نعرف أن الإنجليزية في إفريقيا أو في غالبية بلدان القارّة هي اللغة الثانية، إن لم تكن أحياناً هي اللغة الأولى خاصة في المؤسسات الثقافية، لكن العربية، وفي العقود الماضية التي شهدت انفتاح الثقافة العربية على إفريقيا، أصبحت تنافس الإنجليزية، وفي حين أن شعراء أفارقة كثيرين يكتبون أدبهم الروائي والشعري بالإنجليزية أو الفرنسية، اتجه شعراء آخرون في إفريقيا إلى الكتابة بالعربية، وأكثر من ذلك، لقد اعتبر هؤلاء الأدباء الأفارقة أن الكتابة بالعربية هي امتياز ثقافي لهم ولثقافتهم الإفريقية.
بقيت نقطة أخيرة في هذا السياق الثقافي العربي الإفريقي وهي ترجمة الشعر الإفريقي المكتوب بلغاته المحلية أو المكتوب بالإنجليزية والفرنسية إلى لغتنا العربية، وهو بالتأكيد شعر يعبّر عن روح القارّة، وثقافتها الشعبية، ويهمنا نحن العرب أن نرحب بهذا الشعر الإفريقي، ونصادقه، ونتعرّف إلى حقيقته الإنسانية إذا نقلناه بحرفية ترجمانية إلى لغتنا العربية.
[email protected]