مغامرة السيطرة على غزة! | افتتاحية الخليج

مغامرة السيطرة على غزة! | افتتاحية الخليج

لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يتهرب من إجراء مفاوضات فعّالة لإبرام صفقة متكاملة لإعادة الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإدخال مساعدات إنسانية، فهو يخوض الآن معركة داخلية ضد المؤسسة الأمنية، وخصوصاً ضد رئيس الأركان إيال زامير من أجل وضع المفاوضات جانباً والبدء بحملة عسكرية واسعة لاحتلال كل القطاع، رغم أن هناك قناعة داخلية بأن الحرب على غزة استنفدت كل أهدافها من دون أن تحقق ما دأب نتنياهو على ترديده بتحقيق نصر مطلق، وباتت بمثابة حرب لأهداف خاصة يريدها نتنياهو للحفاظ على حكومته اليمينية المتطرفة وحماية مستقبله السياسي.
يوسي يهوشع كتب في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن المواجهة بين نتنياهو ورئيس الأركان زامير وصلت إلى ذروتها، بعدما صدرت عن مكتب نتنياهو إحاطة تؤكد «إننا نتجه نحو احتلال كامل، وإذا لم يكن هذا مناسباً فليستقل». وقال يهوشع «إذا كان نتنياهو يريد حقاً اتخاذ قرار دراماتيكي، ومثير للجدل بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي – احتلال مدينة غزة والمخيمات الرئيسية – فعليه الوقوف في وجه الأمة، وتوضيح الثمن المتوقع من أرواح الرهائن والجنود الذين سيسقطون، والإعلان عن تحمله المسؤولية الكاملة رغم معارضة الجيش»، وهذا يعني في حال نجاح تنفيذ خطة نتنياهو احتلال كامل القطاع وفرض نظام عسكري، ومحاصرة الفلسطينيين في بقعة صغيرة بما يسهل ممارسة التطهير العرقي وتنفيذ خطة التهجير الطوعي أو القسري.
إن مخاطر هذه الخطوة تتمثل في التضحية بمصير الرهائن، إضافة إلى الخسائر التي يمكن أن تلحق بالجيش الإسرائيلي، ومشكلة لوجستية خطيرة تتمثل بإجلاء ما يقارب مليوني مدني فلسطيني، ويشكل ذلك مازقاً استراتيجياً يتمثل بالمدة التي سيستغرقها احتلال القطاع بأكمله، فحتى الآن ورغم مرور حوالي عامين على الحرب لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من فرض سيطرته على المناطق التي يحتلها، فكيف باحتلال كل القطاع، وهذا يعني أنه يدخل في حرب استنزاف لا طاقة له بها.
لعل نتنياهو الذي التقى مؤخراً المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف حصل على ضوء أخضر أمريكي بالتخلي عن المفاوضات نهائياً والمباشرة بحرب واسعة في القطاع، بدلاً من تنفيذ خطة قدمها الجيش بمحاصرة المخيمات الوسطى في القطاع وشن غارات جوية بالتوازي مع عمليات كوماندوز تستهدف مواقع وأنفاقاً لحماس، من دون المخاطرة بحياة الرهائن.
مراسل القناة 13 الإسرائيلية أور هلر كشف جانباً من خطط الحكومة بقوله، إنه في اجتماع الكابينيت سيطلب من الجيش الإسرائيلي احتلال كل قطاع غزة، بهدف إنهاء الحرب والقضاء على حماس، وأشار إلى أن الإحاطات الإعلامية التي تصدر عن مكتب نتنياهو تؤكد «أن القرار اتخذ، لم يعد بالإمكان استعادة أسرى أحياء، ولا صفقة في الأفق، لهذا فالقرار هو احتلال كل القطاع»، وأشارت الإحاطات الإعلامية إلى أنه «على زامير الالتزام بقرارات الحكومة أو يُقال، أو عليه الاستقالة». وقال هلر «نحن ذاهبون إلى أيام مصيرية، كيف ستتحول هذه الإحباطات إلى قرارات على الواقع».
من جديد يخوض نتنياهو المتحالف مع وزير الأمن إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسليئيل سموترتيتش مغامرة غير محسوبة ولو أدى ذلك إلى خسارة كل الرهائن ومعهم الجثث، طالما أن أهدافهم الحقيقية تتمثل في حرب الإبادة والتطهير العرقي والتهجير، ثم الاستيطان والتهويد.