«إرثي».. عقد من الزمن مليء بدعم الحرفيات وتمكينهن

* ريم بن كرم: الحرف أصبحت ركيزة اقتصادية تعكس الهوية
* المجلس نموذج عالمي في تجديد التراث وتعزيز حضوره
* فعاليات احتفالية دولية ومحلية في الإمارات وبريطانيا وروسيا
* مجموعات إنتاج جديدة تجمع بين الجماليات التراثية والابتكار المعاصر
تحت رعاية قرينة صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مجلس إرثي للحِرف المعاصر، يحتفي المجلس بمرور عشر سنوات على تأسيسه في عام 2015.
وبالمناسبة، ينظم المجلس خلال العام الجاري سلسلة فعاليات وورش إبداعية تجسد إنجازاته النوعية في تمكين المرأة الحرفية، وإحياء التراث اليدوي، وتقديمه للعالم برؤية عصرية تحافظ على جوهره الثقافي وتعزز حضوره الاقتصادي.
جسّد مجلس «إرثي» رؤية قرينة صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي في تأسيس اقتصاد إبداعي مستدام تقوده النساء. وأرسى المجلس منظومة متكاملة لتمكين الحرفيات، انطلقت من الشارقة لتصل إلى 13 دولة حول العالم. وبلغ عدد الحرفيات ضمن شبكة إرثي 840 حرفية، ما يعكس التوسع المتسارع في برامج التدريب والإنتاج، ونقل المهارات، والتبادل الثقافي.
وعمل المجلس، بقيادة سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، على تطوير المهارات اليدوية المحلية وربطها بالتصميم العصري، من خلال خطوط إنتاج فنية مستوحاة من التراث الإماراتي؛ مثل: «الطايف»، و«موي»، و«تيلاد»، و«ند»، و«سفَرة»، وغيرها، كما أسهم في تطوير الحرف من أدوات معيشية يومية إلى رموز فنية تحمل طابعاً ثقافياً وهوية وطنية.
نموذج عالمي
بهذه المناسبة، أكدت ريم بن كرم، مدير عام المجلس، أن دعم الحرف اليدوية يمثل أحد أوجه النهضة الثقافية في الإمارات، مشيرة إلى أن الشارقة نجحت في تحويل هذا القطاع إلى ركيزة اقتصادية واجتماعية تعكس هوية المجتمع وتُمكّن أفراده، لاسيما النساء، من الإسهام الفاعل في التنمية.
وأشارت ريم بن كرم إلى أن مسيرة المجلس خلال العقد الماضي شكّلت نموذجاً عالمياً في تجديد التراث، وأسهمت في تعزيز حضور الحرف الإماراتية في المحافل الدولية، إلى جانب ترسيخ ثقافة محلية تعتبر الإبداع الحرفي مورداً وطنياً يعزز الهوية، ويخدم المجتمع، ويفتح آفاقاً تنموية للمرأة الإماراتية والقطاع الإبداعي ككل.
وهنّأت الحرفيات الإماراتيات على دورهن الحيوي ومساهمتهن القيّمة في ترسيخ مقومات الهوية الوطنية، مؤكدة أن جهودهن تمثل ركيزة أساسية في حفظ التراث ونقله إلى الأجيال القادمة. وأضافت: «منذ انطلاق مجلس إرثي قبل عشرة أعوام، بتوجيهات كريمة من سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، كانت أولويتنا أن نُعيد تقديم الحرفة بوصفها فرصة حقيقية للتمكين، خصوصاً للمرأة، وأن نُعيد للحرفيات موقعهن الطبيعي مبدعات ومساهمات في التنمية؛ إيماناً بأن ما تقدّمه المرأة الحرفية لا يُقاس بقيمته المادية فقط، بل بدوره أيضاً في إعادة صياغة العلاقة بين المجتمع وتراثه».
مستقبل الحرف
تشمل احتفالات مجلس «إرثي» للحرف المعاصرة خلال العام الجاري بالذكرى السنوية العاشرة أكثر من 7 فعاليات دولية ومحلية في الشارقة، ولندن، وبازل، وموسكو، إلى جانب توقيع أكثر من 5 شراكات استراتيجية جديدة. وتشمل هذه الفعاليات ورش عمل تعليمية، ومعارض دولية، وجلسات نقاشية مع خبراء التصميم والثقافة الحرفية، إلى جانب إطلاق مجموعات إنتاج جديدة تجمع بين الجماليات التراثية والابتكار المعاصر.
الابتكار والاعتراف العالمي
انطلاقاً من رؤية سموّ الشيخة جواهر القاسمي، التي جعلت من الحرف وسيلة للحوار الثقافي مع العالم، رسّخ «إرثي» حضوره الدولي عبر شراكات مع دور تصميم ومؤسسات عالمية مثل «بولغاري»، و«كارتييه»، و«ديزاين ميامي»، و«أسبري». وأسهمت هذه الشراكات في تسليط الضوء على الحرف الإماراتية ضمن معارض مرموقة منها «ميزون دي إكسبسيونز – باريس»، و«أسبوع لندن للتصميم»، و«أسبوع دبي للتصميم»، وغيرها من الفعاليات في موسكو، وشنغهاي، ميلانو، وساو باولو.
وكان للمجلس دور محوري في ترشيح واختيار الشارقة مدينة مبدعة في مجال الحرف والفنون الشعبية من قبل منظمة «اليونسكو» عام 2019، بوصفها حاضنة لواحدة من أعرق الحرف الإماراتية «التلي»، ومركزاً عالمياً للابتكار في مجال الحرف المعاصرة.
وكرّس مجلس «إرثي» جهوده للحفاظ على الموروث الحرفي عبر توثيقه وإعادة تقديمه للأجيال بأسلوب عصري، فأنجز العديد من الأبحاث والإصدارات النوعية مثل «ألياف النخيل»، «صناعة الأصباغ الطبيعية»، «عطر»، «وصفات للمستقبل»، و«هندسة الثقافة»، ونظم أكثر من 60 ورشة عمل في عام 2024 وحده، استفاد منها قرابة 1400 مشارك ومشاركة.
وشملت برامج المجلس المجتمعية ورش التطريز الإماراتي، والفلسطيني، والأردني، والباكستاني، إلى جانب الحرف المحلية كالسفيفة والفروخة، التي مثلت مساحة لتبادل المهارات وتكامل الخبرات بين الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وآسيا. ولم تقتصر هذه البرامج على التدريب، بل أسهمت أيضاً في نقل القيم الثقافية والقصص المتوارثة المرتبطة بالحرف إلى نطاق أوسع من الجمهور.
رؤية مستمرة
يُمثّل مرور عشرة أعوام على تأسيس مجلس إرثي محطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من التمكين والابتكار، إذ يواصل جهوده في دعم الحرفيات محلياً وعالمياً، وتعزيز الاستدامة في قطاع الحرف، واستكشاف آفاق جديدة لتطوير المهارات والأسواق.
ومع كل مبادرة ومجموعة جديدة، يؤكد «إرثي» التزامه بتجديد حضور الحرف التقليدية في الحياة المعاصرة، وتوسيع أثرها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ليظل التراث الحرفي الإماراتي حيّاً ومتجدداً، ومنارة تلهم الأجيال القادمة بالإبداع والاعتزاز بالهوية.