محمد بن راشد يُحدّد معالم مستقبل الإمارات | د. خالد راشد الزيودي

خالد راشد الزيودي*
في رحلة استثنائية تعبّر عن رؤية قيادية بعيدة الأفق، استقل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قطار الاتحاد في رحلة تاريخية من دبي إلى الفجيرة، مؤكداً بذلك حرص الإمارات على استباق المستقبل وصناعته، وجعله واقعاً ملموساً اليوم قبل الغد.
هذه الرحلة الاستثنائية تحمل دلالات عميقة تتجاوز النقل والتنقل إلى ترسيخ رؤية سياسية وتنموية شاملة، تعكس مدى التزام القيادة الإماراتية بربط كافة أرجاء الدولة، وتعزيز مكانتها كمحور لوجستي واقتصادي إقليمي وعالمي.
جاء هذا المشروع الوطني الكبير ثمرة جهود سنوات طويلة قادها سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة شركة قطارات الاتحاد، مع فريق عمل وطني، لتجسيد رؤية واضحة أساسها الإنسان ومحورها جودة حياته، ومنهجها الاستدامة التي تخدم الأجيال القادمة.
حين يؤكد الشيخ محمد بن راشد أن «قطار الاتحاد شريان اقتصادي مهم وجسر حيوي يعزّز مسيرة الإمارات نحو المستقبل»، فهو بذلك يضع إطاراً عملياً لرؤية استراتيجية هدفها تعزيز الوحدة الوطنية، وتسهيل حياة المواطنين والمقيمين، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في آن واحد.
إن رحلة القطار التي تمتد من مدينة السلع في الغرب إلى الفجيرة في الشرق مروراً بإحدى عشرة مدينة ومنطقة رئيسية، هي خطوة استراتيجية تعزز التكامل الوطني، وتقوي الروابط الاجتماعية، وتسهّل حياة الناس، ما يجعل منها مشروعاً وطنياً له أبعاد سياسية وتنموية عميقة تلمس حياة كل من يعيش على أرض الإمارات.
تؤكد هذه الرحلة بوضوح أن السياسة في الإمارات تترجم إلى واقع عملي ومشاريع ملموسة تخدم الإنسان أولاً، وتعزز اقتصاد الوطن وترابطه الاجتماعي، فهذه المشاريع هي أصدق دليل على أن الرؤية السياسية الإماراتية تهدف دوماً لبناء مجتمع أكثر تماسكاً وازدهاراً.
إن اختيار توقيت الرحلة بهذا الشكل المدروس يعكس قدرة الإمارات على استشراف المستقبل، ويبعث برسائل واضحة تؤكد ثقة القيادة بخططها الاستراتيجية وقدرتها على تحويل الطموحات إلى إنجازات حقيقية، خاصة أن المشروع يستهدف تشغيل القطارات بسرعة تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة، مع قدرة استيعابية تصل إلى 400 راكب في كل رحلة، ونقل 36 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2030، وهو ما يؤكد قدرة الإمارات على تحقيق إنجازات غير مسبوقة إقليمياً وعالمياً.
كما أن إشادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بفريق العمل بقيادة الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، تعبّر عن تقدير القيادة لجهود أبناء الوطن، وتسلط الضوء على الأهمية القصوى التي توليها الإمارات للعمل الجماعي المتقن كركيزة أساسية لنجاح المشاريع الوطنية الكبرى. هذه الإشادة تعكس ثقة القيادة الراسخة في قدرات وكفاءة الشباب الإماراتي، وتؤكد ضرورة استمرار النهج القائم على الابتكار والإبداع في تنفيذ المشاريع الطموحة. كما أن هذا التقدير يعزز ثقافة العمل الجاد والتفاني بين أبناء الوطن، ويحفّز على بذل مزيد من الجهود في المستقبل لتحقيق تطلعات الإمارات في كافة المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية. إن هذا النهج من القيادة الإماراتية في دعم وتشجيع فرق العمل الوطنية، يؤكد أن الإنسان هو الاستثمار الأول في رؤية الدولة لمستقبلها.
هذه الرحلة وما صاحبها من تفاعل واسع، هي تجسيد حيّ لروح الاتحاد وتعزز الترابط الاجتماعي والتكامل الاقتصادي في الدولة، وتؤكد أن الإمارات ماضية بكل ثقة في تحقيق أهدافها الوطنية، من خلال مشاريع تنموية عملاقة هدفها الإنسان وجودة حياته، وترسيخ مكانة الدولة كوجهة اقتصادية وسياحية عالمية متقدمة.
إن قطار الاتحاد الذي من المتوقع أن يبدأ التشغيل التجاري له عام 2026، هو علامة فارقة في تاريخ الإمارات، لما سيحققه من تأثير إيجابي كبير على كافة جوانب الحياة، ابتداء من سهولة التنقل للأفراد والبضائع، وانتهاءً بتعزيز التنمية السياحية والاقتصادية، وتأكيد مكانة الدولة الرائدة عالمياً في مجال النقل والبنية التحتية المتقدمة.
في الإمارات، تتحول الخطط إلى حقائق، والرؤية إلى واقع ملموس، وتنتقل الأفكار من دائرة الطموح إلى عالم الإنجاز، وهذا ما يجعل الإمارات نموذجاً دولياً يحتذى به في تحويل الرؤية القيادية إلى واقع تنموي فريد ينعكس إيجاباً على حياة الجميع.
رحلة قطار الاتحاد بين دبي والفجيرة خطوة تعزز مسار الدولة نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية على مستوى الاستدامة، وترسي قواعد جديدة ومتطورة في قطاع النقل الحديث، حيث تشكل نموذجاً ريادياً في الدمج بين التكنولوجيا المتقدمة وحماية البيئة. كما أن هذه الرحلة التاريخية تؤكد عزم الإمارات قيادةً وشعباً على مواصلة مسيرة البناء والتطوير والتقدم، وتدل على إصرار الدولة على استثمار كافة الموارد والإمكانيات المتاحة لضمان مستقبل مزدهر ومستدام، تنعم فيه الأجيال القادمة بجودة حياة عالية، وفرص اقتصادية واجتماعية واعدة. إن مشروع قطار الاتحاد يجسد بوضوح نهج الإمارات في التخطيط بعيد المدى، والرؤية الواضحة التي تجمع بين التطور الاقتصادي والتماسك الاجتماعي والاستدامة البيئية.
[email protected]* باحث دكتوراه في إدارة الأزمات والمخاطر.