روسيا: لم نعد نلتزم بقيود معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى

أعلنت وزارة الخارجية الروسية، الاثنين، انتهاء ظروف استمرار وقف النشر الأحادي الجانب للصواريخ متوسطة وقصيرة المدى البرية، وأن روسيا لم تعد ملزمة بالقيود التي تبنتها سابقاً بهذا الشأن.
وأوردت الخارجية الروسية على موقعها الرسمي: «نظراً لتجاهل تحذيراتنا المتكررة بهذا الخصوص، واستمرار التطورات باتجاه النشر الفعلي للصواريخ الأمريكية البرية متوسطة وقصيرة المدى في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، تعلن وزارة الخارجية الروسية زوال الظروف الداعمة لوقف النشر الأحادي الجانب لأسلحة مماثلة، ومخولة إعلان أن الاتحاد الروسي لم يعد يعتبر نفسه مرتبطاً بالقيود الذاتية السابقة ذات الصلة».
وأضافت أن القرارات المتعلقة بالمعايير المحددة للإجراءات المضادة ستتخذها قيادة روسيا بناء على تحليل مشترك بين الوكالات لنطاق نشر الصواريخ البرية الأمريكية والغربية الأخرى متوسطة وقصيرة المدى، إضافة إلى التطور العام للوضع في مجال الأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي.
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن خطوات «الغرب الجماعي» تؤدي إلى تعزيز القدرات الصاروخية في المناطق المجاورة لروسيا، ما يشكل تهديداً مباشراً لأمنها الاستراتيجي.
وجاء في بيان الوزارة: «الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يحددوا علانيةً خطط نشر الصواريخ الأمريكية البرية متوسطة وقصيرة المدى في مناطق مختلفة فحسب، بل قطعوا أيضاً شوطاً كبيراً في التنفيذ العميق لهذه النوايا».
وأشارت الخارجية الروسية إلى أنها سجلت منذ عام 2023 حالات نقل أنظمة أمريكية قادرة على إطلاق صواريخ برية متوسطة وقصيرة المدى إلى دول أوروبية في الناتو لـ«اختبار» هذه الأسلحة خلال مناورات ذات توجه واضح ضد روسيا. ومن بين هذه الحالات تدريبات في الدنمارك شملت استخدام منصة إطلاق متحركة من طراز Mk70.
نشر أنظمة تايفون
ولفتت الوزارة إلى أنه تم نقل نظام «تايفون» الصاروخي متوسط المدى إلى الفلبين في 2024 تحت ذريعة التدريبات، ولا يزال النظام موجوداً في الأرخبيل. كما استخدم النظام نفسه في أستراليا خلال مناورات «تالسمان سابر 2025» متعددة الأطراف في يوليو الجاري. إضافة إلى ذلك، أجرى طاقم أسترالي تدريباً على نظام «هيمارس» الأمريكي بإطلاق صاروخ PrSM الذي اختبره البنتاغون في 2021 لمدى يتجاوز 500 كم، ما يجعله ضمن فئة الصواريخ البرية متوسطة وقصيرة المدى.
وترافق هذه الإجراءات تصريحات رسمية عن سعي واشنطن لضمان وجود «طويل الأجل» (بل دائم فعلياً) لهذه الأسلحة في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ. على سبيل المثال، أعلنت واشنطن وبرلين خططاً لنشر أنظمة «تايفون» و«دارك إيغل» في ألمانيا اعتباراً من 2026 بهدف «نشرها لفترة ممتدة».
وأضاف البيان أن حلفاء آخرين للولايات المتحدة أعلنوا نيتهم شراء صواريخ برية متوسطة وقصيرة المدى من واشنطن، أو تطوير صواريخ محلية بمدى يُراوح بين 500 و5500 كم، أو تعزيز ترساناتهم الحالية من هذه الأسلحة.
وخلصت الوزارة إلى القول: «تشكل هذه الخطوات مجتمعة تراكماً للقدرات الصاروخية المزعزعة للاستقرار في المناطق المجاورة لروسيا، ما يخلق تهديداً مباشراً لأمننا الوطني على المستوى الاستراتيجي. هذا التطور يحمل شحنة سلبية خطِرة وعواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي والعالمي، بما في ذلك تصعيد خطِر للتوتر بين القوى النووية».
في السياق، قال الكرملين، الاثنين، إنه يتوقّع محادثات «مهمّة ومفيدة» مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف هذا الأسبوع، وذلك قبل انقضاء مهلة حدّدها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب لنظيره الروسي فلاديمير بوتين لتحقيق تقدّم على مسار التوصّل إلى سلام مع أوكرانيا وإلا زيادة العقوبات على موسكو.
وكان ترامب أشار مساء الأحد إلى أن زيارة ويتكوف ستجري «الأسبوع المقبل، الأربعاء أو الخميس، على ما أعتقد». على الرغم من الضغوط المتزايدة من واشنطن، تواصل روسيا بلا هوادة هجومها على أوكرانيا.
وجرت ثلاث جولات من محادثات السلام في إسطنبول، لكن من دون تحقيق أي اختراق على مسار التوصّل إلى وقف لإطلاق النار، في ظل استمرار التباعد الكبير في موقفي البلدين.
وتطالب موسكو بأن تتخلّى كييف رسمياً عن أربع مناطق يحتلّها الجيش الروسي جزئياً هي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، فضلاً عن شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمّها الكرملين بقرار أحادي سنة 2014.
وإضافة إلى ذلك، تشترط موسكو أن تتوقّف أوكرانيا عن تلقّي أسلحة غربية وتتخلّى عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتعتبر كييف هذه الشروط غير مقبولة وتطالب من جهتها بسحب القوّات الروسية وبضمانات أمنية غربية، من بينها مواصلة تسلّم أسلحة ونشر كتيبة أوروبية على أراضيها.