روسيا: أعداد غواصاتنا النووية تتجاوز تلك الموجودة في الولايات المتحدة.

صدرت في الآونة الأخيرة عدة تصريحات بارزة من قادة سياسيين وعسكريين حول الغواصات النووية، عكست من خلالها التوترات المتزايدة في المجال النووي البحري، وأثارت مخاوف من اتجاه العالم نحو حافة سباق تسلح نووي جديد، لا تحكمه القواعد القديمة ولا تردعه كوابح الحرب الباردة.
غواصات نووية روسية تفوق الأمريكية
في السياق، قالت روسيا في تصريح صحفي إن لديها غواصات نووية تفوق أعدادها في الولايات المتحدة الأمريكية. جاء ذلك بعدما أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنشر غواصتين نوويتين في «مناطق مناسبة». وقال ترامب في تغريدة على حسابه في منصة «تروث سوشيال»: «بناء على التصريحات الاستفزازية للغاية التي أدلى بها الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، فقد أصدرت أوامر بتمركز غواصتين نوويتين في مناطق مناسبة تحسّباً لاحتمال أن تكون هذه التصريحات الطائشة والمثيرة للفتنة أكثر من مجرد كلمات». ولم يحدد الرئيس الأمريكي نوع الغواصات، أو موقع تمركزها، كما أن البنتاغون عادة ما يتكتم على تحركات الغواصات، أو أماكن تواجدها.
بناء 6 غواصات نووية جديدة في حوض «سيفماش» الروسي
في 24 يوليو 2025، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن خطط لبناء 6 غواصات نووية جديدة في حوض «سيفماش» الروسي بحلول عام 2030. وأكد أن هذه الخطوة جزء من تعزيز القوات البحرية الروسية لضمان أمن البلاد ومصالحها الوطنية. وأشار إلى أن الغواصة النووية «الأمير بوزارسكي» التي أُطلقت في 2024 ستكون أساساً للقوات النووية الاستراتيجية البحرية الروسية في العقود القادمة. وفي 27 يوليو 2025، صرح بوتين بأن غواصات «ياسين-إم» النووية متعددة المهام تشكل أساس الإمكانات الضاربة للقوات البحرية الروسية، وأكد على ضرورة مواصلة إنتاجها لتعزيز الردع النووي الروسي.
التصريحات تعكس تصاعد التوترات
تعكس هذه التصريحات تصاعد التوترات في المجال النووي البحري، حيث تسعى الدول الكبرى إلى تعزيز قدراتها النووية البحرية كوسيلة للردع والحفاظ على التوازن الاستراتيجي. في حين أن بعض هذه الخطوات قد تُعتبر ضرورية من منظور الأمن القومي، إلا أنها قد تساهم في زيادة التوترات الإقليمية والدولية.
تعرف إلى أسطول غواصات أمريكا
وذكرت شبكة «سي إن إن»، أن البحرية الأمريكية تمتلك 3 أنواع من الغواصات، جميعها تعمل بالطاقة النووية، لكن واحدة منها فقط تحمل أسلحة نووية.
الغواصات البالستية الحاملة للصواريخ النووية «أوهايو»
قالت «سي إن إن» إن البحرية الأمريكية تمتلك 14 غواصة من طراز «أوهايو» البالستية، وغالباً ما يطلق عليها لقب «بومرز». ووفقاً لبيان للبحرية، فإن هذه الغواصات مصممة خصيصاً للتخفي وإطلاق الرؤوس النووية بدقة. وتستطيع هذه الغواصات حمل 20 صاروخاً بالستيا من طراز «ترايدنت»، المزود بعدة رؤوس نووية، ويبلغ مدى هذه الصواريخ نحو 7400 كيلومتر. وحسب «سي إن إن»، فإن ذلك لا يعني أنه من الضروري أن تقترب الغواصات من روسيا لضربها، إذ يمكنها شن هجوم من المحيط الأطلسي أو الهادئ أو الهندي، أو حتى من القطب الشمالي. واعتبرت أن هذه الغواصات تشكل رادعاً نووياً قوياً. وهي قادرة على النجاة من أي ضربة معادية، كما أن تحركاتها تعد من أكثر الأسرار التي تتكتم عليها البحرية الأمريكية.
الغواصات الموجهة بالصواريخ
وفي التسعينات، رأت وزارة الدفاع الأمريكية أن البحرية لم تعد بحاجة إلى كل غواصات «أوهايو» للردع النووي، فحولت 4 منها إلى غواصات موجهة بالصواريخ (SSGNs). وتتشابه هذه الغواصات في مواصفاتها العامة مع غواصات الـ«بومرز»، لكنها تحمل صواريخ «توماهوك» بدلاً من صواريخ «ترايدنت» البالستية. وتستطيع هذه الغواصات حمل 154 صاروخاً من طراز «توماهوك» برؤوس شديدة الانفجار، يصل وزنها إلى 1000 رطل، ويبلغ مداها نحو 1000 ميل. كما تستطيع هذه الغواصات نقل قوات خاصة، عبر إنزالها سراً من خلال حجرات إقفال ضمن أنابيب الصواريخ السابقة، وفقاً لبيان صادر عن البحرية الأمريكية. ورغم أن تحركات غواصات «أوهايو» تبقى سرية للغاية، فإن البحرية الأمريكية أعلنت خلال السنوات الأخيرة عن تمركز بعضها قرب مناطق تشهد توتراً عسكرياً، كوسيلة للردع.
الغواصات الهجومية السريعة
وتشكل هذه الغواصات الجزء الأكبر من أسطول البحرية الأمريكية، وهي مصممة لتعقب وتدمير الغواصات والسفن المعادية باستخدام الطوربيدات. كما يمكنها إصابة أهداف برية باستخدام صواريخ «توماهوك»، لكنها تحمل عدداً أقل من الصواريخ مقارنة بغواصات «أوهايو». وتملك البحرية الأمريكية 3 طرز من هذه الغواصات: «فرجينيا»، «لوس أنجلوس»، و«سي وولف». وأشارت «سي إن إن» إلى أن طراز «فرجينيا» هو الأحدث، إذ تم تشغيل 23 غواصة منه حتى الأول من يوليو الماضي. ويبلغ طول الغواصة ما بين 115 إلى 140 متراً، ويبلغ وزن إزاحتها 10,200 طن، ويعمل على متنها 145 فرداً. أما طراز «لوس أنجلوس» فهو الأقدم، ولا يزال منها 23 غواصة في الخدمة، ويبلغ طولها نحو 109 أمتار، ووزن إزاحتها 6900 طن، ويعمل عليها 143 فرداً. أما غواصات «سي وولف» فهي الأقل عدداً في الأسطول الأميركي، حيث تملك البحرية ثلاث غواصات فقط من هذا الطراز. وهناك غواصتان من طراز «يو إس إس سي وولف» و«يو إس إس كونيتيكت»، ويبلغ طولهما 107 أمتار، وتصل إزاحتهما إلى نحو 9100 طن، وتحملان طوربيدات وصواريخ من طراز «كروز». أما الغواصة الثالثة فهي «يو إس إس جيمي كارتر»، وتعد من أكثر الغواصات تخصصاً في البحرية الأمريكية، ويصل طولها إلى 137 متراً. وأوضحت البحرية أن هذا الطول الزائد يوفر مساحة لحمل تقنيات متقدمة تستخدم في الأبحاث والتطوير السري، فضلاً عن تعزيز القدرات القتالية.
مقارنة بين الغواصات النووية الروسية والأمريكية
في المقابل، كشف خبير روسي أن الغواصات النووية من الجيل الرابع سلسلة «ياسن-إم» الروسية و«فرجينيا» الأمريكية، تتساوى من حيث مستوى الكتمان (السرية) ولكنها تختلف في القدرات القتالية. وأشار الخبير العسكري الروسي، إيغور كودرين، القائد السابق لغواصة نووية، إلى أن مستوى ضجيج الغواصات الروسية يساوي مستوى ضجيج الأمريكية، وقال: «في العهد السوفييتي، كانت لدينا قاعدة ضعيفة في علم الصوتيات، لذلك لم نتمكن من منافسة الأمريكيين. أما الآن فيمكننا ذلك». ويفترض كودرين أن الإمكانات القتالية للغواصة النووية «ياسن-إم» تتفوق بعض الشيء على الأمريكية «فيرجينيا»، وذلك لأن قدرة الغواصة الروسية لا تقتصر على إصابة الغواصات الصاروخية الاستراتيجية، بل وأيضاً أهداف فوق سطح الماء وأهداف برية. وبالإضافة إلى هذا، تستطيع الغواصة الروسية، وهي أضخم، الغطس 100 متر أعمق من الأمريكية، ولكنها عند ذلك تفقد بعض سرعتها. كما أن الغواصات الروسية أكثر آلية ما يقلل طاقمها إلى النصف. يذكر أن أول غواصة نووية من سلسلة «ياسن-إم» (سفيردلوفسكK-560) دخلت الخدمة الفعلية عام 2013، في حين دخلت أول غواصة من سلسلة «فرجينيا» الخدمة الفعلية عام 2004. وحالياً، أنجز بناء غواصتين من مجموع سبع غواصات «ياسن-إم»، و17 غواصة فرجينيا من مجموع 66 مقرر إنتاجها.
أين توجد الأسلحة النووية حول العالم؟
تقول صحيفة «واشنطن بوست»، إن تسع دول، منها الولايات المتحدة، يعتقد أنها تمتلك أسلحة نووية. وقد حذّر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، المعني بأبحاث ضبط التسلح، في يونيو/حزيران الماضي من احتمال نشوب سباق تسلح نووي جديد في الأفق. واعتباراً من أوائل عام 2025، هناك تسع دول تمتلك ما يُقدر بـ12,241 رأساً نووياً، وتمتلك روسيا والولايات المتحدة الغالبية العظمى منها (87%)، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) واتحاد العلماء الأمريكيين، وهي منظمة غير ربحية تُركز على تعزيز الشفافية بشأن الترسانات النووية. ويُعتقد أن بريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل تمتلك نسبة 13% المتبقية من الأسلحة النووية، وفقاً لاتحاد العلماء الأمريكيين. بعض هذه الرؤوس الحربية أُخرج من الخدمة، لكنها لا تزال سليمة ولم تُفكك بعد، وفقاً لتقديرات إدارة الفضاء الفيدرالية، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.